بوتين: أيديولوجية الهيمنة والتفرّد ستصبح جزءاً من الماضي
موسكو- سانا
أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تزايد عدم الاستقرار حول العالم يعود إلى حدّ كبير لرغبة الولايات المتحدة وحلفائها في الحفاظ على الهيمنة، وتجاهل سيادة الآخرين.
ونقل موقع (آر تي) عن بوتين قوله في رسالة عبر الفيديو وجّهها للمشاركين في الاجتماع الدولي الحادي عشر للممثلين السامين للشؤون الأمنية اليوم: إن “تصاعد عدم الاستقرار في العالم ترافقه محاولات من الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية الاستفادة من الأزمات التي يثيرونها”، مشيراً إلى أن “شعوب عدد من الدول تعاني من العواقب المأساوية للانقلابات المنظمة من الخارج والتدخل في شؤونها الداخلية، فضلاً عن محاولات انتزاع مزايا أحادية الجانب من أزمات الطاقة والغذاء، التي أثارتها الدول الغربية”.
وشدّد بوتين على أن روسيا مقتنعة “بوجود بديل حقيقي لمثل هذا المسار المدمّر، وسياسة الابتزاز، والعقوبات غير المشروعة، ألا وهو تعزيز الاستقرار في العالم، والبناء المتسق لنظام الأمن الموحّد غير القابل للتجزئة، وحل المهام الواسعة النطاق لضمان التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية”، مضيفاً: “من الضروري تنسيق جهود جميع البلدان والعمل المشترك المضني على مبادئ الاحترام المتبادل والشراكة والثقة، وتلك هي الأساليب التي وضعناها في المفهوم المحدث للسياسة الخارجية الروسية”.
وعبّر بوتين عن جاهزية روسيا للتفاعل الوثيق مع جميع الدول المهتمة في مواجهة التهديدات المشتركة، والتحدّيات المشتركة التي تواجه الإنسانية اليوم، وقال: “نحن نقدّر تقديراً عالياً حقيقة أن لروسيا عدداً من الشركاء في مناطق مختلفة وقارات مختلفة، ونقدّر بصدق العلاقات القوية والودية والوثيقة تاريخياً مع دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وسوف نعزّزها بكل طريقة ممكنة”.
وأضاف بوتين: “أنا على ثقة بأننا سنحقق معاً تشكيلاً لعالم متعدّد الأقطاب أكثر عدلاً، وستصبح أيديولوجية التفرّد والهيمنة، فضلاً عن النظام الاستعماري الجديد الذي جعل من الممكن استغلال موارد العالم بأسره، حتماً، جزءاً من الماضي”.
وأشار بوتين إلى أن جدول الأعمال الحالي للممثلين السامين يحفل بالأحداث المهمّة، وعلى رأسها مناقشة الوضع في العالم وآفاق تطوّره، وتحليل التهديدات الحديثة الأكثر إلحاحاً، بما في ذلك الإرهاب الدولي، والتطرّف، والاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدّرات، والجريمة العابرة للحدود، والهجرة غير الشرعية، وبالطبع القضايا المتعلقة بالغذاء وأمن المعلومات.
من جانبه، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن زيادة مشاركة الغرب في الحرب الأوكرانية ستؤدّي إلى خطر اندلاع حرب نووية، مشيراً إلى أن دول حلف شمال الأطلسي “ناتو” أصبحت جزءاً من الصراع الأوكراني عبر استمرارها بتزويد نظام كييف بالمزيد من الأسلحة والمرتزقة.
وخلال الاجتماع، أشار لافروف إلى أن تمدّد “ناتو” خلال العقود الماضية يعكس نفس النيّات التي قامت عليها سياسة هتلر، مبيّناً أنه في الوقت الذي يشهد فيه العالم تغييرات جسيمة في ظل سعي دول معينة للحفاظ على هيمنتها يسعى الغرب لاستبدال العالم القائم على القانون الدولي، ويحاول حل مشكلاته على حساب الآخرين.
ودعا لافروف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التخلّي عن محاولات تهميش هيئة الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن واشنطن أقامت مختبراتٍ بيولوجية قرب حدود روسيا في انتهاك لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، واتخذت مع حلفائها نهجاً استفزازياً بتوسيع الناتو شرقاً.
وقال لافروف: “يتعيّن على الغرب الجماعي من أجل تخفيف التوتر الدولي التخلي عن محاولاته النشطة الأحادية الجانب لتهميش الأمم المتحدة من خلال إنشاء هياكل ذات تكوين محدود لا تتمتع بالشرعية، بل تدّعي السيطرة على الجميع”.
وشدّد لافروف على أن الدول الغربية تتسبّب عمداً في إثارة الصراعات والفتن بين الدول والأعراق المختلفة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي.
إلى ذلك، أكّد المتحدّث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أنه من السابق لأوانه الحديث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا، إذ لا تزال ممهّدات التسوية السلمية غير متوفرة حتى الآن.
وقال بيسكوف في تصريح لوكالة تاس تعليقاً على إجراء مفاوضات مع أي من ممثلي سلطات كييف الحالية: “من غير المرجّح حدوث ذلك لأن أي مفاوضات مع روسيا محظورة في أوكرانيا”.
وشدّد بيسكوف على رفض روسيا تجميد النزاع في أوكرانيا، وقال: “روسيا تنظر فقط في إمكانية إنجاز العملية العسكرية الخاصة بهدف ضمان مصالحها، ويجب تحقيق الأهداف التي حدّدتها روسيا، إما من خلال العملية العسكرية الخاصة وإما بالوسائل الأخرى المتاحة”.
من جهة أخرى، أعلن بيسكوف أنه يتم حالياً تنسيق موعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين، وقال: إن “هناك دعوة قائمة وسيتم الاتفاق عليها، والموعد وكل شيء آخر”.
ودعا الرئيس الصيني شي جين بينغ أثناء زيارته الرسمية إلى موسكو قبل أشهر الرئيس بوتين لزيارة بلاده في وقت مناسب له من العام الجاري.
وأعلن بيسكوف أن منطق تطوّر الاقتصاد العالمي يدل على أن المستقبل هو وراء عمليات التكامل، مشيراً إلى ضرورة مناقشة التغلب على الصعوبات في هذا المجال.
وقال بيسكوف أمام الصحفيين في كواليس المنتدى الاقتصادي الأوراسي: “تطوير التكامل الأوراسي هو العملية المتفقة بالكامل مع مصالح بلادنا، ويشير منطق تطوّر الاقتصاد العالمي إلى أن المستقبل هو وراء مثل عمليات التكامل هذه بالذات”.
وأضاف: “هناك صعوبات معيّنة، بما في ذلك متعلقة بأنظمة العقوبات غير الشرعية المختلفة من وجهة نظر القانون الدولي، لكنني أعتقد أنه في أي حال من الأحوال من الممكن ومن الضروري بحث التغلّب على هذه الصعوبات، لأن مستقبل هذا التكامل جيد جداً”.