يصعب علينا الهروب من القلق والتوتر.. كيف يمكن أن تحسن مزاجك؟
“البعث الأسبوعية” لينا عدرا
في أيامنا هذه يصعب علينا الهروب من القلق والتوتر، فحتى لو كانت حياتنا الشخصية خالية إلى حد ما من المشاكل، لا نستطيع الانفصال عن المشاكل الأكبر المحيطة بنا، إذ نستمع يومياً إلى أخبار الحروب حول العالم، فضلاً عن المشاكل البيئية والاجتماعية، وعندما نحاول اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي بغرض التسلية والترفيه نجد أن لهذا العالم مشاكله التي تصيبنا بالتوتر أيضاً، ابتداء من انتشار المتنمرين في هذا الفضاء الافتراضي وانتهاء بمقارنة أوضاعنا الصعبة مع صور الناس الذين يبدون بغاية السعادة في فيسبوك وإنستغرام. فما الحل إذاً للتخلص من هذا الكم الهائل من التوتر والقلق؟
أضرار التوتر والقلق
وليس الإجهاد سيئاً بطبيعته. يؤدي إجهاد عضلاتك من خلال تدريب الأثقال، على سبيل المثال، إلى تغييرات مفيدة متمثلة بنمو عضلاتك في نهاية المطاف.
إضافة إلى ذلك، لا يمثل الإجهاد قصير المدى لدى الأشخاص الأصحاء خطراً في العادة. وأضاف سكريفنر: “لكن إذا كان التوتر مستمراً، لا سيما لدى الأفراد الأكبر سناً أو غير الأصحاء، فإنَّ الآثار طويلة المدى للاستجابة للتوتر قد تؤدي إلى مشكلات صحية كبيرة”.
ويقول عالم النفس الإكلينيكي الدكتور كرمل تشوي، الأستاذ المساعد بمركز الطب النفسي الدقيق في كلية الطب بجامعة هارفارد، إنَّ الإجهاد يحدث عندما تواجه موقفاً جديداً لا يمكن التنبؤ به أو ينطوي على تهديد، ولا تعرف ما إذا كان بإمكانك إدارته بنجاح.
عندما تكون مجهداً جسدياً أو متوتراً عاطفياً، ينقلب جسمك إلى وضع “قاتل أو اهرب”. ويرتفع هرمون الكورتيزول لديك؛ مما يعطي إشارة للجسم لإفراز الجلوكوز. ويوفر الجلوكوز بدوره الطاقة لعضلاتك حتى تكون مستعداً استعداداً أفضل لقتال التهديد أو الهروب منه. وخلال موجة اندفاع الكورتيزول هذه، قد يرتفع معدل ضربات القلب، وتتسارع أنفاسك، وربما تشعر بالدوار أو الغثيان.
من حسن الحظ أن مستويات الكورتيزول ستنخفض مرة أخرى بمجرد انتهاء العوامل التي أدت إلى توترك. ومع ذلك، عندما يصيبك توتر مزمن، تظل هذه المستويات مرتفعة.
والبقاء في هذه الحالة ليس جيداً؛ لأنَّ المستويات العالية من الكورتيزول يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الحالات الصحية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري ومشكلات الجهاز الهضمي المزمنة، وفقاً لمركز كليفلاند الطبي الطبي. ويمكن أن يسبب الإجهاد أيضاً، أو يساهم، في اضطراب التوتر والتهيج وقلة النوم وتعاطي المخدرات وانعدام الثقة المزمن أو القلق وغير ذلك.
كيف يمكنك تخفيف التوتر؟
لحسن الحظ، هناك العديد من الطرق للتغلب على التوتر. توصي منظمة الصحة العالمية بالحفاظ على روتين يومي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول الأطعمة الصحية، وتقليل وقت متابعة الأخبار أو التفاعل على الشبكات الاجتماعية.
ومن المفيد أيضاً البقاء على اتصال مع الآخرين واتباع ممارسات مُهدِّئَة مثل التأمل والتنفس العميق. وأحد أكثر الأدوات نجاحاً هو النشاط البدني.
النشاط البدني لمحاربة التوتر
وفقاً لما ورد في شبكة CNN الأمريكية، تتمتع التمارين بفعالية كبيرة عند إدارة الإجهاد النفسي. ولا تزيل التمارين ما يسبب الإجهاد، لكنها يمكن أن تعزز الحالة المزاجية وتقلل مستوى التوتر وتحسن جودة النوم -وهي جميعها عوامل تتأثر بالإجهاد- وفي النهاية يمكن أن يدعم هذا الأشخاص للتعامل مع تحدياتهم بطريقة أكثر توازناً.
وتدعم العديد من الدراسات التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية في التعامل مع الإجهاد. على سبيل المثال، أظهرت دراسة طبية أنَّ النشاط البدني، خاصةً التمارين الرياضية، يقلل بدرجة كبيرة من أعراض القلق. وبالمثل، وجدت دراسة أخرى أنَّ الانخراط بانتظام في التمارين الهوائية المنخفضة إلى متوسطة الكثافة لمدة 6 أسابيع ساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب والإجهاد المُتصوَر.
تحرّك حتى يفرز جسمك مواد كيميائية تحسن مزاجك
والسبب في أنَّ التمرين فعّال للغاية في محاربة الإجهاد بسيط إلى حد ما. إذ تؤدي التمارين الرياضية إلى إنتاج جسمك للمزيد من الإندورفين، وهي نواقل عصبية تعزز مزاجك. وتحارب الحركة أيضاً المستويات المرتفعة من هرمون التوتر “الكورتيزول” مع تحسين تدفق الدم.
ما هي أفضل أنواع التمارين؟ بينما تشير الدراسات إلى أنَّ التمارين الهوائية؛ مثل السباحة والجري والرقص والملاكمة، قد تكون الأكثر فاعلية في الحصول على الإندورفين المُعزّز للمزاج الذي يندفع في جسمك، فإنَّ الأنواع الألطف من النشاط البدني لها مفعول أيضاً. فكر في اليوغا وتمارين القوة والمشي. إضافة إلى ذلك، أحياناً يمنحك المجهود الألطف، نتائج أكثر.
ونظراً إلى أنَّ أحمال الإجهاد قد تتغير أسبوعياً أو حتى يومياً، يقول ريتشارد سكريفنر، المدرب الشخصي، إنه قد يكون من المفيد تغيير التمرين بناءً على حالتك المزاجية. على مقياس من 1 إلى 10، هل تشعر بالبهجة بمستوى 8؟ إذاً، اذهب للركض. هل بالكاد تصل إلى 3؟ اختر تمريناً أهدأ. ويضيف: “يمكن أن تكون هذه تمارين تمدُّد مدة 15 دقيقة يليها ركوب دراجة لمدة 15 دقيقة، أو سباحة لمدة 30 دقيقة تليها جلسة ساونا”.
أطعمة تحارب التوتر
إضافة إلى أهمية النشاط البدني في محاربة التوتر، هناك أنواع معينة من الأطعمة كذلك، تساعدك على تحسين حالتك المزاجية والابتعاد عن القلق والإجهاد. ومن هذه الأطعمة:
البطاطا الحلوة: يساعد تناول مصادر الكربوهيدرات الكاملة الغنية بالمغذيات مثل البطاطا الحلوة، على خفض مستويات هرمون الإجهاد “الكورتيزول”، وفقاً لموقع هيلث لاين الطبي.
الأرضي شوكي: يعتبر الأرضي شوكي مصدراً مهماً للألياف وغنياً بشكل خاص بالبريبايوتكس، وهو نوع من الألياف يغذي البكتيريا الجيدة في أمعائك. وتشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن البريبايوتكس مثل فركت أوليغوساكاريدس (FOSs) التي توجد بالأرضي شوكي، تساعد في تقليل مستويات التوتر.
اللحوم العضوية: تعتبر اللحوم العضوية، التي تشمل القلب والكبد والكلى للحيوانات مثل الأبقار والدجاج، مصدراً ممتازاً لفيتامينات B، خاصةً B12 وB6، والريبوفلافين، وحمض الفوليك، وهي جميعها معادن مهمة للتخلص من التوتر المزمن.
المحار: يحتوي على نسبة عالية من الأحماض الأمينية مثل التورين والتي تمت دراستها، لخصائصها المحتملة التي تعزز المزاج.
الأسماك الدهنية: مثل الماكريل والرنجة والسلمون والسردين، غنية بشكل لا يصدَّق بدهون أوميغا 3 وفيتامين D، وهي عناصر مغذية ثبت أنها تساعد في تقليل مستويات التوتر وتحسين الحالة المزاجية.
بذور عباد الشمس: مصدر غني بفيتامين H، الذي يعمل كمضاد أكسدة قوي وضروري للصحة العقلية. ويرتبط تناول كمية منخفضة من هذه البذور بتغير المزاج والاكتئاب، كما أنها غنية أيضاً بالعناصر الغذائية الأخرى التي تقلل التوتر، وضمن ذلك المغنيسيوم والمنغنيز والسيلينيوم والزنك وفيتامين B والنحاس.
شاي البابونج: البابونج عشب طبي يُستخدم منذ العصور القديمة كمخفف طبيعي للتوتر. وقد ثبت أن شاي البابونج ومستخلصه يعززان النوم المريح ويقللان من أعراض القلق والاكتئاب.