المنتصر قضائياً “جوني ديب” يتألّق في “كان”
نجوى صليبه
بعد التقاطه صور “سيلفي” على السّجادة الحمراء ورسم توقيعه وإهداءاته على دفاتر المعجبين والمعجبات، افتتح الممثّل “جوني ديب” والممثلة والمخرجة الفرنسية “مايوين” بفيلمهما “جان دو باري” فعاليات مهرجان كان السّينمائي بنسخته الـ 76، ويعدّ هذا الفيلم أوّل إنتاج دولي مشترك بين مهرجان البحر الأحمر السّينمائي الدّولي وجهات إنتاج فرنسية، وأوّل فيلم بتمويل سعودي يفتتح هذا المهرجان.
“ديب” وصف “مايوين” بالـ”جريئة” لكونها اختارت رجلاً من ولاية “كنتاكي” الأميركية لأداء شخصية الملك “لويس الخامس عشر” في الفيلم الذي يتناول قصّة محظية الملك ـ تؤدّي الشّخصية المخرجة ذاتها ـ “جان” وهي شابة من الطّبقة العاملة تصل بذكائها إلى قلب الملك، وتنشأ بينهما علاقة حبّ عنيفة تنقلها إلى القصر، ما يشكّل فضيحةً للبلاط الملكي.
ويأتي هذا الفيلم بعد أن أقصت شركات الإنتاج الهوليوودية “ديب” ـ البالغ من العمر 59 عاماً ـ عن تصوير أفلام جديدة إثر مسلسله القضائي مع طليقته “أمبير هيرد” التي اتّهمته بتعنيفها وضربها وإهانتها، لكن على ما يبدو لم يكترث “ديب” لهذه المقاطعة، ففي المؤتمر الصّحفي الذي عقد على هامش المهرجان وردّاً على سؤال أحد الصّحفيين حول الأمر، قال إنّه لا يشعر بالمقاطعة، لأنّه لا يفكّر في هوليوود.
وفي الوقت الذي حظي فيه “ديب” بترحيب واسع وجميل من عدد من نجوم السّينما العالمية أمثال “أوما ثورمان” و”مايكل دوغلاس” و”كاترين دونوف”، تعرّض والمخرجة لانتقادات من ممثلات وممثلين فرنسيين اعترضوا على “إتاحة السّجادة الحمراء لرجال ونساء عنيفين”، وهنا لابدّ من أن نذكّر بأنّ المخرجة “مايوين” تواجه دعوى قضائية بسبب مهاجمتها مدير شبكة إعلامية في مكان عام، لكنّها عندما سُئلت عن اختيارها “ديب” لهذا الفيلم، أجابت بأنّها صوّرت الفيلم بُعيد انتهاء محاكمته الثّانية، مضيفةً: “راودتني مخاوف كثيرة، وسألت نفسي: كيف ستصبح صورته”؟.
انتقادات ردّ عليها المندوب العام للمهرجان “تييري فريمو” بقوله إنّ اهتمامه بـ”جوني ديب” كممثل استثنائي ولاسيّما في هذا الفيلم، مبيّناً أنّه يركّز على سلوك واحد في الحياة هو حرية التّفكير والتّعبير والعمل في إطار القانون، أمّا الممثلة “بري لارسون” عضو لجنة التّحكيم والمنخرطة بإحدى الحركات المناهضة للعنف فقد تهرّبت من الرّدّ على سؤال أحد الصّحفيين حول حضور “ديب” للمهرجان، لكنّه واجه هذه الانتقادات بسخريته بدايةً من كلمة “العودة” التي استخدمتها بعض وسائل الإعلام للدّلالة على استئنافه عمله السّينمائي، إذ قال: على ما يبدو لديّ 17 عودة حتّى الآن، وجزء كبير ممّا كُتب بحقّي ضرب مريع من الخيال، مبيناً أنّ ثمّة أناساً يريدون تصديق ما يحلو لهم، لكنّ الحقيقة لا تتبدل، معدّاً أنّ ما حصل معه أشبه بـ”دعابة سيئة”، مضيفاً: “ولاسيّما عندما يُطلب منك أن تنسحب من فيلم ما فقط بسبب كلام يُطلق في الهواء عنك”.
إذاً المشكلة كلّها ليست إلّا “دعابة سيئة” في نظر من حصل على عدد من الجوائز من بينها جائزة الـ”غولدن غلوب” التي رُشّح لها أكثر من عشر مرّات و”جائزة نقابة ممثلي الشّاشة”، بالإضافة إلى ثلاثة ترشيحات لجوائز “الأوسكار” وجائزتي “بافتا” وترشيحه لثلاث جوائز أكاديمية لأفضل ممثل وتمّ اختياره شخصية عام 2015 في برنامج “دزني ليجندز”، هذا ويعدّ “ديب” من كبار نجوم السّينما في العالم وعاشر أعلى ممثل أجراً في جميع أنحاء العالم، فقد حققت أفلامه أكثر من 3.7 مليارات دولار في شباك التّذاكر بالولايات المتحدة وأكثر من 10 مليارات دولار في جميع أنحاء العالم، وأُدرج اسمه في موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية عام 2012 لأنّه الممثّل الأعلى أجراً في العالم، حيث بلغت أرباحه 75 مليون دولار أمريكي.
أمّا أوّل ظهور لـ”ديب” فكان في فيلم “كابوس شارع إيلم” في سنة 1984، تلاه دوره في فيلم “منتجع خاص” لكنّ شهرته كانت بعد مشاركته في مسلسل “جامب ستريت 21” عام 1985، حيث تصدّرت صوره المجلات ثلاث سنوات، وفاجأ الجمهور بقبوله دور القرصان القبطان “جاك سبارو” في سلسلة أفلام قراصنة الكاريبي بأجزائه الأربعة، وعلى الرّغم من الانتقادات التي سبقت عرض الفيلم فقد حقق أعلى الإيرادات.
عمل “ديب” مع المخرج “تيم برتون” 8 مرات، كما عمل مع الكثير من المخرجين الكبار في أمريكا وأوروبا، وأدّى شخصيات متنوّعة ومختلفة، ما مكّنه من الحصول على لقب أفضل مُؤدّ للشّخصيات في تاريخ السّينما، نذكر بعض أعماله على سبيل المثال “الحبيبة الباكية” عام 1990 للمخرج “جون واترز”، و”حلم أريزونا” في عام 1992 للمخرج الصّربي “أمير كوستاريكا” و”الرّجل الميّت” للمخرج “جيم جارموش”، وفي عام 1997 ظهر “ديب” في فيلمين أحدهما من كتابته وتمثيله وإخراجه وهو “الشّجاع” في عام 2011 قدّم “رانغو” الحائز على “أوسكار” أفضل فيلم أنيمشن في العام وهو من إخراج “جور فيربينسكي”.
وبالإضافة إلى كونه ممثلاً ومخرجاً وممثل أصوات وعازف قيثارة أمريكي عالمي، أنتج “ديب” عدداً من الأفلام قد يكون أشهرها “موردخاي”.