الهطولات المطرية.. طرطوس أولاً وتحسن نسبي ومخازين السدود إلى 990 مليون م3
دمشق – ميس خليل
تعدُّ سورية بلداً جافاً وشبه جاف ويتصف بندرة موارده المائية عموماً وعدم تجانس توزعها المكاني والزماني وتوالي سنوات الجفاف، وهذا العامل لا يمكننا التحكم فيه.
معاون مدير الهيئة العامة للموارد المائية الدكتور باسل كمال الدين أوضح لـ”البعث” أنه في سبيل التعاطي مع هذا الوضع فإن وزارة الموارد المائية تقوم بوضع حزمة من الإجراءات والاستراتيجيات اللازمة لتحسين استثمار وإدارة هذه الموارد، وخاصة للأغراض الزراعية باعتبارها المستهلك الأكبر للمياه بهدف تقليل الهدر ورفع كفاءة الاستثمار، وتُقدّر نسبة استهلاك المياه للأغراض الزراعية بـ88% ومياه الشرب والاستهلاك المنزلي نسبته 8% من مجمل الاستهلاك، ومياه الصناعة تبلغ 3% فقط، وتعمل وزارة الموارد المائية جاهدة لتطوير التشريعات والقوانين لمواكبة الواقع الحالي والمستقبلي، وتهدف على المدى الطويل إلى استثمار كافة مصادر المياه بشكل جماعي وتعزيز مشاركة المزارعين من خلال جمعيات مستخدمي المياه.
وبيّن كمال الدين أن سورية تأثرت مثل معظم دول العالم بالتغيرات المناخية، وخاصة في السنوات العشر الأخيرة، فكان من نتائجها انخفاض الهطولات الثلجية بشكل كبير على المرتفعات الجبلية، وقلة الهطولات المطرية وتغيّر حدوثها زمانياً ومكانياً وتغير الشدة وزمن الهطول، ما انعكس على المصادر المائية وخاصة الجوفية منها، حيث تعاني العديد من الأحواض المائية من الاستنزاف وخاصة الحوامل المائية السطحية، مشيراً إلى أنه في هذا العام كان هناك تأخر للموسم المطري، حيث بدأت الهطولات المطرية في شهر كانون الأول من عام 2022 واستمرت بشكل متقطع حتى شهر نيسان الحالي، وساعدت الهطولات المطرية وخاصة خلال الفترة السابقة في تحسن نسبي لمخازين السدود وبشكل متفاوت بين حوض وآخر وفقاً لكمية الهطولات المطرية، حيث بلغ تخزين السدود حتى تاريخه نحو 990 مليون م3، في حين بلغ التخزين المقابل في العام السابق نحو 1292 مليون م3، واحتلت محافظة اللاذقية أعلى نسبة تخزين (246 مليون م3)، تليها محافظة الحسكة (181 مليون م3)، ومن ثم محافظة حمص (177 مليون م3).
أما الهطولات المطرية لهذا العام فقد بلغت حتى الخامس عشر من هذا الشهر في محافظة طرطوس والتي كانت في المقدمة في الهطولات 861 ملم، تليها محافظة اللاذقية 657 ملم، ومن ثم محافظة القنيطرة 621 ملم. أما ما يخصّ المياه الجوفية فإنه –وبحسب كمال الدين– نتيجة تراكم سنوات من الجفاف وما لها من أثر واضح على مناسيب المياه الجوفية الوضع الحالي لا يساعد كثيراً في تحسّن وارتفاع المناسيب الجوفية، وتعتبر المحافظات الجنوبية والشرقية الأكثر تأثراً بهذا الوضع، منوهاً بخطط الهيئة والوزارة لتلافي العجز الحاصل من خلال الحدّ من حفر الآبار وقمع الحفر العشوائي ومصادرة الحفارات المخالفة وتنظيم الضبوط بحق المخالفين وإحالتهم إلى القضاء، وتدقيق الخطط الزراعية وأنواع التراكيب المحصولية بالتنسيق مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بما يتناسب مع الموارد المائية المتاحة، واعتماد طرق الري الحديث التي توفر نحو 50% من المياه.
وذكر كمال الدين أنه بهدف رفع نسبة الاستفادة من الهاطل المطري تعمل المديرية على إقامة أكبر عدد ممكن من مشاريع حصاد المياه السطحية (رامات وسدات مائية) على مجاري المسيلات، إضافة إلى إعادة تأهيل وتوسيع بعض السدات القائمة بالتنسيق مع مديرية الزراعة والبلديات المعنية، كما يتمّ العمل على تفعيل دور جمعيات مستخدمي المياه ونشر ثقافة العمل الجماعي والتشاركية في مجال استخدام المياه، وتشجيع العمل الجماعي عن طريق جمعيات مستخدمي المياه، حيث إن الغرض الأساسي من تشكيلها هو الاستخدام التشاركي الأمثل للموارد المائية بشكل فعّال بما يضمن مراقبة كميات المياه المستجرة، وتركيب شبكات الري الحديث والتي تساهم في تخفيض كميات المياه المستهلكة، ويتمّ ذلك عبر تفعيل عمل مجالس إدارة الجمعيات بالتنسيق والإشراف من قبل مديريات الموارد المائية.