بطء وتردد
معن الغادري
من جديد يتقدم المشهد الخدمي على باقي الملفات في حلب، ويأتي في صدارة أولويات عمل مجلسي المحافظة والمدينة، خاصة مع بدء موسم الصيف، إذ تبدو الحاجة أكثر من ماسة لرفع مستوى الأداء، وإحداث فارق حقيقي وملموس في آليات العمل التنفيذي، لا أن يقتصر العمل على القيام بحملات تستهدف تنظيف وسط المدينة وتنظيم الأسواق الشعبية وإزالة البسطات وإشغالات الأرصفة وحسب، والتي بدأت تعود تدريجياً إلى وضعها الفوضوي السابق، نتيجة التراخي الواضح وعدم الجدية في تطبيق القرارات الصادرة عن مجلسي المحافظة والمدينة.
ومع أنه جهد مشكور وإن جاء متأخراً، لا بد من أن يتزامن ذلك مع تسريع إنجاز مشروع إزالة وترحيل الأنقاض، والذي ما زال يشكل حجرة عثرة في وجه تنفيذ معظم الخطط والبرامج الخدمية، خاصة في الأحياء المتضررة سواء جراء الحرب الإرهابية أو جراء زلزال 6 شباط المدمر.
وهنا لا نقلل من أهمية ما أنجز من مشاريع خلال الفترة الماضية بالرغم من الظروف الصعبة والقاسية وقلة الإمكانات المادية والبشرية والمالية، إلا أن وتيرة العمل المترددة والبطيئة ما زالت غير قادرة على الاستجابة المطلوبة وتغيير المشهد الخدمي المتفاوت في الشكل والمضمون وبشكل واضح بين حي وآخر.
وبطبيعة الحال ما زال أمام مجلسي المحافظة والمدينة المزيد من الوقت لوضع خططهما وبرامجهما موضع التنفيذ والتطبيق، وإيجاد الحلول السريعة والناجعة للكثير من القضايا والملفات الخدمية والمعيشية خاصة المزمنة منها، ما يستدعي استنفار الجهود والطاقات وتوظيفها بشكل مدروس ودقيق، ونعتقد أن نجاح المهمة المنوطة بالمجلسين مرتبط بمدى تحقيق وتعميق الشراكة بينهما، على خلاف ما كان سائداً خلال المرحلة الماضية من خلافات جوهرية أثرت سلباً على واقع العمل وعلى هيبة المجلسين.
وبعيداً عن الأسباب والدوافع والغايات والنوايا للبعض والذين يسعون على الدوام إحداث واقع متشابك ومتصادم في المهام والصلاحيات لأسباب لم تعد غائبة على أحد، ينبغي أن يكون المشهد في ضوء ما تواجهه حلب من تحديات مغايراً، بعيداً عن الاستئثار والتفرد بالقرار والصلاحيات، وأن يكون التنسيق خلال هذه المرحلة الدقيقة والحساسة في أعلى درجاته، لفرز سلبيات المرحلة السابقة وتجاوزها وتعزيز وتعميق إيجابياتها، والعمل في إطار الفريق الواحد لإنجاز واستكمال مشروع إعادة الاعمار والبناء برؤية جديدة وواضحة تطوي صفحة إخفاقات الماضي.
ولعل ما ينتظره المواطن الحلبي من المجلسين (بروحهما وهويتهما الجديدتين) هو البدء فوراً بتشكيل فرق ومجموعات عمل والانتقال إلى جبهات العمل الميداني، وإزالة كل الأسباب التي تحول دون النهوض والإرتقاء بالواقع الخدمي، خاصة في الأحياء الشرقية المتضررة والتي تفتقد الى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، فهل سيقوم المجلسين طواعية بما ينبغي عمله دون تأخير أو تأجيل، و إحداث التغيير الحقيقي والمطلوب في المشهد العام للمدينة، وبما يعزز نهوضها ونموها.