أمل عرفة مكرّمة في المعهد العالي للفنون المسرحية: أنا ممثلة أولاً وأخيراً !!
أمينة عباس
عادت الفنانة أمل عرفة عبر الفعالية الدورية “ملتقى الإبداع” إلى المعهد العالي للفنون المسرحية المكان الذي بدأت من خلاله خطواتها الأولى نحو عالم الفن، معبّرةً عن حنينها وفرحتها بوجودها فيه، وفخرها بتكريمها في المعهد الذي تخرّجت فيه، ولها في كل زاوية فيه ذكرى طيبة تتالى شريطها بمجرد دخولها إليه، موجهة الشكر لعميده د. تامر العربيد على دعوته إلى المكان الذي يعيش تألقه كصانع للفنانين المحترفين المتألقين في أعمالهم والذين تفتخر سورية بهم.
التمثيل لم يكن ضمن خياراتها
وبيّنت أمل عرفة في اللقاء الذي أداره أ. سعد القاسم أن التمثيل لم يكن ضمن خياراتها، فقد كانت تطمح منذ صغرها بدراسة الطب أو الإخراج، وقد وعدها والدها الملحن سهيل عرفة أن يحقق لها هذه الرغبة لتدرس ما تطمح إليه في لندن، وعند نيلها الشهادة الثانوية عرض عليها والدها الانتساب إلى المعهد العالي للفنون المسرحية بدلاً من السفر والابتعاد عن عائلتها، فتقدمت للمعهد بعد أن قام بتدريبها الفنان الراحل طلحت حمدي، وأصبحت طالبة فيه، وكانت سعيدة بوجودها فيه، مبيّنة أن الدراسة في المعهد تعيد صياغة تكوين الطالب تدريجياً ليتلمّس الطريق الصحيح، وتذكر أن العلاقة مع الأساتذة حينها كانت تقوم على الاحترام والقسوة والصرامة، وأهم الأساتذة الذين قاموا بتدريسها هم فواز الساجر ومانويل جيجي ونائلة الأطرش، منوهة بأنها كانت أثناء الدراسة قارئة من الطراز الممتاز، وكان الطلبة حينها يتنافسون في هذا المجال ويتسابقون في تلخيص الكتب التي يقرأونها، معترفة أن القراءة بعد التخرج والدخول إلى ميدان العمل والانشغالات الكثيرة تخفّ، مع تأكيدها أن مخزون الفنان في تقديمه للشخصيات ينتهي إذا لم يدعم ذلك بالثقافة والقراءة وتوطيد العلاقة مع الناس.
بين الغناء والتمثيل
وأكدت أمل عرفة وهي التي كانت معروفة كمغنية قبل دخولها إلى المعهد ومنذ أن قدّمت أغنية “صباح الخير يا وطناً” عام 1986 أنها منذ اليوم الأول لدراستها في المعهد أصبحت تعرّف عن نفسها بأنها ممثلة: “أنا ممثلة أولاً وأخيراً” ولكن كانت لديها نوافذ أخرى تطلّ من خلالها لتقول فيها ما لا يقال في التمثيل كما في الغناء والكتابة التي مارستها بعد أن استفادت من قراءاتها الكثيرة للروايات والسيناريوهات، فكانت موهبة الكتابة لديها حصيلة تراكم شخصي من خلال القراءات، بالإضافة إلى ما تعلمته من عبد الغني بلاط في تجربتها الكتابية الأولى في مسلسل “دنيا”، حيث قدّم لها معلومات وإضاءات كثيرة عن طرق الكتابة، وهي ما زالت حتى اليوم تستلهم منها الكثير عندما تكتب، مؤكدة أن العمل في مجال التمثيل محرقة ويجب على الفنان أن يكون لديه تحدّ دائم لتقديم ما هو أفضل، وأنه لا يوجد ما هو مقلق بالنسبة لخريجي المعهد الذين يمتلكون أساسيات العمل، لذلك على الخريج أن يعمل وهو واثق من نفسه لأنه يستحق أن يكون في هذا الوسط، منوهة بأنها تفتخر بهم وهي التي عملت مع مجموعة منهم، وقد لمست أن الجيل الجديد منهم لديه وعي عكس ما يعتقد بعضهم ولكنه يعيش ظروفاً صعبة.
عقل وتوازن
ورأت أمل عرفة أن النجومية تحتاج إلى عقل وتوازن، وهي بفضل والدها حصّنت نفسها من وهم النجومية حين كان يخبرها أن لا شيء يدوم، وأن الأهم من النجومية هو أن يكون الممثل حقيقياً في عمله ومع نفسه وصادقاً معها لأن الجمهور لا ينفر منه إذا كان صادقاً، مع استمراره بشحن نفسه دائماً لأن التحدي يكمن في الاستمرار، مشيرة إلى أن الفنان يجب ألّا ينشغل بالنجومية التي قد تذهب وتأتي، والأهم أن ينافس نفسه إلى جانب العمل على قبول نجاح الآخرين وتقبّل الكتابات النقدية الحقيقية والصادقة والتي تُكتَب من منطلق الحب والتوجيه وعدم الاهتمام بالكتابات الأخرى التي وصفتها بالخبيثة. ورأت أن العمل الفني هو عمل جماعي، والمخرج هو الأساس فيه، فهو الذي يشكل شراكة بين كلّ العناصر الفنية الأخرى وفقاً لرؤيته، موضحة أنها شخص مغامر لذلك قد تعمل مع مخرج جديد لكنها في البداية تقوم بالسؤال عنه وعن أعماله لتلتقط روحه وكيفية قيادته للممثل، مع إشارتها إلى أن هناك مخرجين حين يلتقيهم الممثل يشعرون بأنه أفضل مخرج في العالم ولكن حين العمل يُفاجأ الجميع بأنه دون المستوى.
وعن طريقة تعاملها مع الشخصيات التي تجسّدها أشارت إلى أنها تحاول قدر الإمكان تقديمها بعيداً عن شخصيتها، منوهة بأن الشخصيات التي لا تشبهها هي التي تغريها لأنها تكون قادرة على تكوين ملامحها كما تريد، كما تميل في الكوميديا إلى الغروتيسك والأداء في مستواه الأقصى، لذلك هي تحتاج دوماً إلى مخرج يقوم بضبطها.
وختمت أمل عرفة حديثها بالقول إنها لم تندم في حياتها واختيارها أن تكون ممثلة لأنها في غير هذا المكان لن تكون فعّالة.
شخصية استثنائية
وعرض الملتقى أثناء اللقاء شهادات مصوّرة عن أمل عرفة لمجموعة من الفنانين، حيث أكد الفنان عبد المنعم عمايري أنها شخصية استثنائية لن تتكرّر في الوطن العربي، فهي فنانة شاملة تكتب وتغني وترقص وتمثل، وهو سعيد بمشاركتها في أعمال عدة، وهي حقيقية وصادقة على الصعيد الإنساني. أما الفنان المغربي محمد مفتاح فقد أشار إلى أنها فنانة كبيرة وقديرة تتميّز بأدائها الراقي والمتزن وهو الذي تعرف عليها عام 2002 حين شاركها في مسلسل “صقر قريش” إخراج حاتم علي، وقد أخبروه حينها أنها فنانة خطيرة تسرق الأضواء بحضورها، وعندما بدأ التصوير اكتشف أنها فنانة متواضعة بسيطة تغنّي في أي وقت، قوية الشكيمة وشديدة المراس، تفرض على من يقف أمامها أن يرتقي إلى مستواها ككل خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية في سورية، موجهاً الشكر للمعهد وللأساتذة الذين يصدّرون للساحة الفنية ممثلين بكل معنى الكلمة كأمل عرفة. في حين بيّنت الفنانة شكران مرتجى أن أمل عرفة كانت نجمة عندما كانت طالبة تعمل مع كبار الفنانين، وكانت معروفة بأنها قارئة من الدرجة الممتازة وتقضي وقتها في المعهد بالتدريب، لذلك كانت متفوقة وقدوة ومحطّ أنظار الجميع، وأن مشوارها مليء بالتعب والاجتهاد والقراءة لأنها تبحث دوماً عن الأفضل، فكانت وما زالت كنحلة لا تنتج إلا العسل. وتحدثت الفنانة الشابة دجانا عيسى عن تجربتها معها كفنانة شابة وقفت إلى جانبها، فوصفتها بالفنانة المعطاءة التي تحرص على من يقف أمامها من خلال الملاحظات التي تقدمها بكل حبّ، ورأت أن هذا مهمّ لخريج جديد بحاجة إلى من يمدّ يد المساعدة إليه، موجهة الشكر لها على الدعم والحب وقد تعلمت من تجربتها معها العمل الدائم بشغف وحب. وكان مسك ختام الشهادات من قبل الفنان دريد لحام الذي أكد أن عرفة فنانة استثنائية بما تمتلكه من مواهب متعدّدة، مشيراً إلى حضورها الآسر وشغفها الكبير بعملها وإخلاصها اللامحدود لما تقدّمه وهو الذي تعامل معها كمطربة في مهرجان الأغنية السورية، معبّراً عن احترامه الشديد لها وإعجابه فيها لأنها جذوة استثنائية في بلدنا.