الأكاديميات والمدارس الصيفية بين العناوين الرياضية والمشاريع التجارية
البعث الأسبوعية – عماد درويش
بين ليلة وضحاها تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة ازدحام تنافسي إعلاني واسع بين الأكاديميات والمدارس المتخصصة بتعليم كرتي القدم والسلة التي ستُطلق موسم عمل جديداً خلال فصل الصيف القادم.
الضخ الإعلاني الذي نعيشه خلال هذه الفترة والمتزامن مع انتهاء العام الدراسي، حالة طبيعية ومشروعة لجذب وكسب شريحة الأطفال نحو ممارسة كرتي القدم والسلة خلال العطلة الصيفية، واللافت فيها وجود عدد واسع من اللاعبين واللاعبات المتميزين، للعمل كمدربين في هذه الأكاديميات، ما يساهم في توسيع قاعدة المدربين، ويعزز من فاعلية المدربين خصوصاً في نقل مهاراتهم وخلاصة مواهبهم وأسرار نجاحاتهم إلى الصغار الحالمين بممارسة اللعبتين والتألق فيهما.
كسب المال
عشرات أو مئات الأكاديميات والمدارس الخاصة لتعليم القدم والسلة ومن مختلف المحافظات تتأهب لبدء موسمها الصيفي مع آلاف البراعم في مرحلة أولية وأساسية لصناعة جيل جديد يصب في مصلحة الرياضة وأنديتها، باعتبارها الخطوة الأولى والأهم في رحلة اكتشاف المواهب وتعليمها وتأهيلها وفق المطلوب، والازدياد الواضح في عدد هذه الأكاديميات يصب في مصلحة الرياضة، لكنه بالمقابل بات مشروع إنشاء الأكاديميات الرياضية خاصة الكروية والسلوية منها أسرع وسيلة لكسب المال السريع، ولم يعد الهدف منه عند الكثيرين من أصحاب هذه الأكاديميات رياضي بل تحول لتجاري خاصة إذا لم يكن متابع بشكل صحيح من قبل المكاتب المختصة في المنظمة الرياضية.
الأكاديميات الخاصة انتشرت بسرعة في المحافظات مع أن شروط إنشائها ليست بالسهلة وتأخذ وقتاً طويلاً وهذا ما يضع ألف إشارة استفهام حول تحقيقها للشروط المطلوبة لإنشائها، ويدعونا للتساؤل كيف يمكن توسيع فرص نجاح هذه الأكاديميات في مهامها بشكل مرحلي ومستقبلي؟
وهنا لن ندخل في الجوانب اللوجستية والمالية لتلك الأكاديميات وكيفية التسجيل فيها، ومن بمقدوره التسجيل فيها، ولكن لنبحث فيما إذا كانت كل الأكاديميات مرخصة بشكل نظامي عن طريق اتحاد اللعبة الذي يتقاضى رسمياً مبالغ مالية من كل أكاديمية سواء لدى ترخيصها، أم عبر تجديد ذلك الترخيص، ولكن هل لاتحاد اللعبة سلطة فنية على تلك الأكاديميات والتعرف على المنهاج السلوي المقدم للصغار، ومتابعة ومشاهدة تنفيذه على أرض الواقع؟
أهداف ومعايير
نظام الأكاديميات الذي أقره المكتب التنفيذي كان قد وضع عدة أهداف لها أهمها إتاحة الفرصة لتطوير مستوى الأكاديميات في كافة الأمور الرياضية والقانونية والإدارية المتعلقة بالموظفين والإداريين وفي مجال البنية التحتية من خلال توفير البيئة المناسبة للأكاديميات ومنحها شرعية العمل للتطوير والإبداع بوجود مؤسسة رسمية راعية لها، وإعطاء الأولوية المستمرة لاكتشاف المواهب وتأهيلها من كل الأعمار وفي كل المناطق ، مع تدريب اللاعبين الشباب والعناية بهم بشكل أكاديمي ومخطط له بعناية فائقة لرفد الأندية والمنتخبات الوطنية باللاعبين الموهوبين.
كما تم تقسيم تنيف الاكاديميات إلى مستوى فضي ومستوى ذهبي، ووضع لكل قسم شروط ومعايير رياضية وحددها بنوعية المدربين وضرورة حصولهم على الشهادة الآسيوية B للمستوى الفضي، بالإضافة لأعمار اللاعبين وعدد المدربين والخطط التي يجب وضعها ومعايير البنية التحتية لإنشاء الأكاديمية ومنها معايير السلامة ونوعية الملاعب والخدمات ومقرات الإدارة ونوعية الموظفين والمعايير القانونية منها ما يثبت حيازته للأرض المقامة عليها المنشأة وتعهد بعدم ممارسة أي نشاط غير رياضي وتعهد بالمشاركة بمسابقات الاتحاد والمعيار المالي بحيث يتم تسديد كل الرسوم المترتبة على الأكاديمية للاتحاد، ويشترط في المستوى الذهبي أن يكون المدير الفني حاصل على الشهادة التدريبية A إضافة لما ذكر من شروط في كل معيار في المستوى الفضي.
اسم دعائي
لا شك أن القطاع الرياضي تأثر بالظروف المادية الصعبة ما جعل الكثير من المدربين يبحثون عن تحسين أوضاعهم، فعمد البعض لافتتاح مدارس وأكاديميات في أغلب الألعاب، لكن هذه المدارس بشكلها النظري عبارة عن مشروع رياضي متكامل، لكنها على أرض الواقع بعيدة كل البعد عن هذا الأمر، خاصة وأن رياضتنا تفتقد للأكاديميات التي تسهم في تأسيس وصناعة اللاعب في سن مبكرة ليصل إلى مرحلة النضج والقدرة على تمثيل الفرق والمنتخبات الوطنية، والكثير من الأكاديميات لا تحمل سوى اسم دعائي، أكثر مما يمكن أن تحقّق الأهداف المرجوة منها في تأسيس وصناعة نجوم للمستقبل.
ويؤكد الخبراء أن الهدف الأساسي من تلك الأكاديميات هو تحقيق الربح المادي على حساب تنشئة جيل جديد متطور علمياً وبكافة الألعاب، إضافة إلى أنه لا يوجد لدى رياضتنا قرارات وقوانين شرعية تنظم عمل تلك الأكاديميات التي تدرّ على أصحابها المال الكثير، خاصة وأن نسبة كبيرة من الأكاديميات الموجودة ليس لديها ملاعبها الخاصة بل تقوم باستئجار الملاعب من الاتحاد الرياضي أو الملاعب الخاصة، ومن المعيب أن يطلق عليها اسم أكاديمية!
فرصة حقيقية
أحد مؤسسي الأكاديميات في كرة السلة عازار حمود ” مدير أكاديمية عازار” أكد لـ”البعث الأسبوعية” أن الأكاديميات فرصة حقيقية لاكتشاف المواهب لزجها في الأندية، والأكاديمية تضم حالياً أكتر من 50 موهبة (ذكور وإناث)، لكن ينقصهم الخبرة في المباريات فقط، كما تضم الأكاديمية لاعبين يتجاوز أطوالهم مترين (210 سم وتحت سن 18) ولاعبين من مواليد 2007 وفوق المترين، مبيناً أن الموسم الحالي كان مميزاً حيث شاركت الاكاديمية في دوري الفئات العمرية تحت 18 سنة، والعام المقبل ستشارك في الدوري بنفس الفئة للذكور والإناث ، وتحت 23 سنة وفي الدرجة الثانية للسيدات.
ولفت عازار إلى أن الأكاديميات فرصة لاكتشاف المواهب لكنها بحاجة لإرسال المدربين لدورات تدريبية لزيادة الخبرة عندهم، إلا أن العقبة الوحيدة التي تؤثر على عمل الأكاديميات يتمثل بعدم توفر السيولة المادية.
رفد الأندية
من جهته يرى اللاعب وصاحب إحدى الأكاديميات يزن معجل أن للأكاديميات المنتشرة في رياضتنا دور إيجابي بتطوير أي لعبة كون الأندية تعاني من صعوبات كبيرة بالاهتمام بالفئات العمرية الصغيرة، نظراً للتضخم المادي والظروف يلي عم يمرّ فيها البلد والرياضة فيه، وفي حال كانت تلك الأكاديميات تعمل بالطريقة الصحيحة مع مدربين مختصين وذوي خبرة وكفاءة عالية ستكون الفوائد حينها جمّة، لكن للأسف القصة تعود للشق المالي عند بعض الأكاديميات خصوصاً في فصل الصيف لأته الموسم الحقيقي لتلك الأكاديميات.
وأشار معجل إلى أن الهدف الرئيس هو رفد الأندية والمنتخبات الوطنية بلاعبين ومواهب حتى عمر الأشبال، وكل ذلك بحاجة لدعم مالي وبدونه لن تتحقق الفائدة المرجوة من تلك الأكاديميات.