القانون لا يحمي المغفلين.. الأبنية المخالفة بيئة خصبة لحالات النصب والاحتيال!
دمشق – البعث الأسبوعية
لم يسلم قطاع العقارات من حالات النصب والاحتيال التي يمارسها ذو النفوس الضعيفة، التي غالبا ما يقع في شركها أصحاب الدخل المتدني نتيجة جهلهم بأدنى الأحكام القانونية، وخاصة من يلجأ منهم لشراء منزل في مناطق السكن العشوائي بأقل سعر ممكن، دون التأكد من موثوقية أوراق الملكية المرافقة للوحدة السكنية المراد شراؤها.
هناك عدد لا بأس به من المخالفات لا تحمل أي وثيقة تثبت ملكيتها سوى عقد بيع شراء بين طرفين يوضحان فيه المبلغ المتفق عليه ومواصفات البيت من مساحة وعدد الغرف واتجاهاته، ويوقعان عليه بحضور شاهدين، دون أن يوثق رسميا لدى أي جهة حكومية، وللأسف هناك إقبال كبير لشراء هذه العقارات غير القانونية نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة مع نظيراتها النظامية.
ضحايا غير منصفين
تشكل المخالفات بيئة خصبة لبعض حالات النصب والاحتيال، من قبيل أن يقوم صاحب البيت ببيع لأكثر من شاري بعد أن يكسر السعر بشكل ملحوظ ومغرٍ، ويتوارى عن الأنظار تاركا زبائنه من الضحايا يتصارعون حول الأحقية بامتلاك المنزل، وعلى اعتبار عدم توثيق عقد البيع لدى الجهات الحكومية واقتصار توثيقه فقط على شكل لا يتعدى الاتفاق بين الطرفين، فإن المتنازعين لا يمكنهم اللجوء للمحاكم القضائية لفض النزاع بينهم، حسب ما أكده لـ”البعث الأسبوعية” المحامي صلاح الدين شريف كون أن البناء غير مرخص أصولا، وغير موصوف في السجلات العقارية والمالية، لذلك لا يمكن أن يحال هذا النزاع إلى القضاء، لأن العقد غير الموثق رسميا لا يعتبر وثيقة رسمية يأخذ بها القانون، معتبرا أن القانون لا يحمي المغفلين، مضيفا أن الضمان الوحيد للشاري في هذه الحالة هي بوضع اليد على البناء المخالف، بمعنى أن من يقطن فيه يعتبر هو المالك لحين تسوية وضعه لاحقا.
أولوية
أما إذا حصل أكثر من عملية بيع لعقار واحد وموثق رسميا وله صحيفة عقارية نظامية (طابو أخضر) أو مثبت بموجب حكم محكمة مكتسب الدرجة القطعية، أو بموجب وكالة غير قابلة للعزل، أوضح شريف أن الأولوية في تثبيت الملكية تكون لمن يضع أولا إشارة دعوى في السجل العقاري، مبينا أنه من النادر أن تحصل مثل هذه الحالات في العقارات النظامية لأنه من السهل كشفها لاسيما إذا كانت إجراءات نقل الملكية سريعة.
تفاديا للخداع
وأكد شريف على ضرورة التأكد من ثبوتيات أي عقار ونظافة صحائفه العقارية من أي دعوى أو إشارة حجز قبل شراءه، وهذا الأمر ليس من الصعوبة التأكد منه، فبكل بساطة بإمكان أي شخص الكشف عن أي عقار عبر طلب إخراج قيد عقاري من دائرة المصالح العقارية التي توضح اسم المالك ورقم العقار ومنطقته، والأهم من ذلك تبين فيما إذا كان عليه إشارات حجز أو دعاوي قضائية.
المشكلة الأساسية في مناطق السكن العشوائي حتى الآن هي عمرانية بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن متطلبات معالجتها عمرانية أيضاً بشقيها الوقائي للحد من توسعاتها، والعلاجي لرفع سوية المناطق القائمة ولكن تصبح المشكلة أكبر في حال تأخر المعالجات الجدية نظراً لما قد ينتج عن ذلك من مشاكل اجتماعية مباشرة ( بطالة، أمية، عزل سكاني )، وأخرى غير مباشرة ( الإحباط و انحدار المستوى الأمني والأخلاقي ) في هذه المناطق، فحتى الآن يمكن اعتبار العشوائيات في سورية هي مواقع ومرتسمات جغرافية مكانية بشكل رئيسي، والتأخر بالمعالجات اللازمة يهيء لتحول هذه المناطق لمجتمعات وتجمعات ذات بيئات وقيم اجتماعية مستقلة عن البيئة والقيم الاجتماعية العامة الأساسية، بيئات مؤهلة إذا توافرت فيها خصائص الفقر والبطالة والجهل والتقوقع والإحباط، لتقبّل ونشوء جميع الممارسات والسلوكيات السلبية.
أخيراً
علينا أن لا ننسى أن سكان العشوائيات عموماً هم من الطبقات التي عانت وظلمت بشكل كبير، وغالباً ما تكون المعانة دافعاً للعمل والنجاح، ولا يجب أن ننظر إليهم وكأنهم خارج تغطية الحضارة (وإن كانوا خارج تغطية الجهات الرسمية)، ويؤكد أحد التقارير الرسمية أن معدلات البطالة منخفضة بشكل كبير نسبياً في العشوائيات قياساً للإجمالي في سورية، وهذا طبيعي لأن أحد الأسباب الرئيسة لنشوء هذه المناطق هو الوافدين الذين حصلوا على فرص عمل في المدن الرئيسية، إضافة إلى انخفاض نسبي كبير لمعدل الأمية فيها حيث أن شريحة كبيرة من الأسر في العشوائيات من العاملين بالدولة ويحملون مؤهلات علمية متفاوتة.