ماذا يحاك ضد سورية؟
علي اليوسف
من الواضح أن السيد الأمريكي لا تروق له التطورات الإيجابية في العلاقات الدبلوماسية لسورية في الآونة الأخيرة، سواء في المنطقة أو على الصعيد الدولي.
ولقد تجلّى عدم الرضا الأمريكي هذا بالخطط الجديدة لتأسيس تنظيمات إرهابية كأدوات لاستهداف مواقع في سورية وتنفيذ عمليات إجرامية فيها، حيث قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، خلال جلسة لمجلس الأمن قبل أيام: “إن هناك خططاً أمريكية تدميرية جديدة ضد سورية عبر قيام واشنطن بتأسيس تنظيم إرهابي جديد في محيط محافظة الرقة شمال شرق البلاد لاستخدامه من جديد بعمليات إرهابية ضدها”.
هذه المعلومة لا يطلقها نيبينزيا عبثاً إذا لم تكن لديه معلومات مؤكدة من جهاز الاستخبارت الروسي المشهود له بالكفاءة العالية والدقة في المعلومات، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة ماضية في نهجها التدميري بإنشاء فصيل إرهابي جديد تحت ما سمّته “جيش سوري حر” في محيط الرقة بمشاركة ممثلين عن تنظيم “داعش” الإرهابي ومنظمات إرهابية أخرى.
ولا يستغرب أحد ما ورد في التقرير الروسي، فسبق أن نفّذت الولايات المتحدة مخططات أبشع ضد سورية، وسلطت إرهابييها من “داعش” وغيرها لتدمير كل مظاهر الحياة المدنية، وسرقة كل مقومات الحياة، في الوقت الذي تتباكى وسائل الإعلام على الشعب السوري!.
كانت سورية قبل الحرب التي تعرّضت لها تنعمُ بالاستقرار الأمني والاقتصادي والغذائي والصناعي والزراعي والسكاني، فكيف أصبح الوضع الآن؟. الكلّ يعرف أن هذه الحرب الأمريكية قد أفقدت البلاد ثرواتها، ودمرت بنيتها التحتية، ونهبت خيراتها من النفط والغاز والقمح.
ومنذ الاحتلال الأمريكي، وإنشاء قواعد غير شرعية له في الجزيرة السورية، كانت تتمّ إدارة النشاطات الإرهابية في قاعدة “التنف” غير الشرعية، حيث يتمّ تدريب العشرات من الإرهابيين. وليس هذا فقط، بل كان جهاز المخابرات الأمريكية يجدّد بانتظام صفوف الإرهابيين، ويطلقون سراحهم من السجون في الجزء الشمالي الشرقي المحتل من سورية، ويتمّ تزويدهم بالأسلحة الخفيفة، والذخيرة وأنظمة الصواريخ المضادة للدبابات، حتى باتت جميع بؤر إرهابيي “داعش” في سورية موجودة فقط في مناطق انتشار القوات الأمريكية التي تقوم على الاستفراد بمصير عناصر “داعش” المعتقلين لديها لإعادة تدويرهم والاستثمار فيهم واستخدامهم تنفيذاً لمخططاتها لطمس الدلائل التي تؤكد تورطها في تحالف خفيّ مع هذا التنظيم الإرهابي.
لطالما شكّل الإرهاب، ولا يزال يشكل، تهديداً مهماً لسورية والمنطقة، وذلك بسبب الوجود غير القانوني للقوات الأمريكية المحتلة في سورية الذي بات المصدر الرئيسي لانعدام الأمن. لذلك فإن مكافحة الإرهاب يجب أن تتمّ في ظل الاحترام الكامل للسيادة الوطنية وسلامة أراضي سورية واستقلالها، ولا ينبغي أن تستخدم كذريعة لانتهاك هذه المبادئ الأساسية للقانون الدولي.
كما أن الوضع الإنساني في سورية لا يزال يواجه تحديات، وبالتالي إن استمرار العقوبات الأحادية الجانب لا يزال عقبة مهمة أمام تحسين الوضع الإنساني والاقتصادي في سورية، حيث أدت هذه الإجراءات غير القانونية إلى تفاقم التحديات التي يواجهها الشعب السوري وأعاقت بشدة قدرة الحكومة السورية على توفير الخدمات الأساسية للمحتاجين.
ومن أجل التعامل الفعّال مع الأزمة الإنسانية والاقتصادية في سورية، من الضروري اتباع نهج شامل يتضمن العديد من العناصر الرئيسية، بما في ذلك توفير التمويل الكافي، ورفع العقوبات، وليس التخطيط لتنفيذ مخططات إرهابية جديدة لن تثني الدولة السورية عن المضي قدماً في مقارعته حتى اجتثاثه مع من زرعه في الأراضي السورية.