مجلة البعث الأسبوعية

مزارعو البطاطا بطرطوس.. إنتاج وفير وسعر مجحف وتسويق خجول ومعالجة متأخرة..!؟ 

البعث الأسبوعيةدارين حسن

لم يكن الحمل خفيفاً هذا العام على مزارعي البطاطا في محافظة طرطوس، فلا الدعم أنصفهم ولا التسويق أثلج صدورهم ولا التعويض رد لهم اعتبارهم ما أدى إلى تزايد الأعباء عليهم وتراكم الديون، ليبقى المزارع وحده صابرا وصامدا  في وجه الظروف الجوية والإجراءات الحكومية المتأخرة و” الباردة” والبعيدة عن ما يدور في بيادر الفلاحين من أنين وما يتحملونه من خسائر متلاحقة لم تنصفها حلول ولم تنفعها تدخلات ” خجولة”٠٠٠!

عقبات الزراعة

مزارعو البطاطا  عبروا عن معاناة حقيقية تكبدوها هذا العام وسابقه، والتي تتمثل بعدم حصولهم على البذار بنوعية جيدة وكمية كافية وكانت مدة الاكتتاب فقط ثلاثة أيام لدى فرع المؤسسة العامة لإكثار البذار الذي أعاد الأموال لرؤساء الجمعيات الفلاحية، وباعتبار أن المؤسسة مصدر ثقة لدى المزارعين طالبوا بزيادة مدة الاكتتاب على أن تكون عشرين يوما على الأقل، كما أشاروا إلى أن موسم البطاطا لم يرو بالشكل الكافي، وإلى ارتفاع مستلزمات الإنتاج حيث وصل سعر العبوة البلاستيك إلى ألفي ليرة والكرتون إلى ٢٥٠٠ ليرة، كما أن تكلفة إنتاج كيلو بطاطا تصل إلى ألفي ليرة وسوقه المزارعون ب ٦٠٠ _ ١٠٠٠ ليرة إلى سوق الهال أو مراكز البيع بالقرية، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل والعمال، مشيرين إلى ضرورة التعويض العادل للمزارعين الذين غمرت المياه محصولهم ب/٥٠٠/ ألف ليرة للدونم  بالحد الأدنى وتأمين السماد والمازوت للاستمرار في الزراعة الموسم القادم، موجهين عتب للسورية للتجارة التي لم تستجر بداية الموسم وكامل المحصول الذي يباع بأبخس الأسعار للتجار المتحكمين بلقمة عيش المنتج والمستهلك٠٠٠!

خيبة أمل

المزارعون في سهل عكار ينتقلون من أزمة إلى أزمة أكبر، حيث عانى الفلاحون مع بداية زراعة محصول البطاطا لهذا العام،  وكانت حاجتهم تزيد عن ألف طن من بذار البطاطا وقد وعدتهم المؤسسة العامة لإكثار البذار بتأمين هذه الكميات ولكنها لم تؤمن لهم سوى 300 طن من البذار، حسب ما لفت إليه رئيس الرابطة الفلاحية بطرطوس نسيم نعمان ” بالقول : اعتقد الفلاحون أن المؤسسة هذا العام ستكون جادة في تأمين البذار السليم كونها “صدمتهم” العام الماضي بتأمين بذار بطاطا محلية سيئة المنشأ، ولكن لم تكتمل فرحتهم عندما أمنت لهم فقط /300/طن، وهنا اضطر الفلاحون بتحمل فرق أسعار بذار البطاطا التي قاموا بشرائها من الصيدليات الزراعية ومن مصادر خاصة بسبب حاجتهم لها ولم تكن هذه البذار عالية الجودة مع تحملهم فرق الأسعار الذي كان بالمؤسسة 4200000 ل.س بينما قاموا بشرائه ب 7300000 ل.س للطن الواحد٠

 

تدخل خجول

أشار نعمان إلى عدم تخصيص أسمدة زراعية للبطاطا ولم يقدم لها أي نوع من مستلزمات الإنتاج المدعوم سوى مازوت زراعي/ 3/ لتر للدونم الواحد لزوم الحراثة، وبذلك تكبد المزارعون قيمة الأسمدة والمبيدات الزراعية وأجور فلاحة وتكاليف مختلفة كأجور عمال ونقل وحراثة وغيرها، موضحا أنه لحق بهذه الزراعات ظروف جوية مختلفة أدت إلى تضاؤل إنتاجها، وبما أن سهل عكار هو السلة الغذائية لسورية و لعدم قدرة  الأسواق المحلية على استيعاب الكميات المنتجة كان هناك ضرورة للبحث عن أسواق خارجية، سيما و أن الفلاحين اعتادوا على تدخل مؤسسات القطاع العام وخاصة السورية للتجارة، وبعد مخاطبتها أعلنت عن عدم قدرتها شراء أكثر من 7 إلى 8 طن يوميا معتبرا أن هذا التدخل لايؤثر بالسوق إطلاقا، ليبقى الفلاحون تحت رحمة الاسواق المحلية في سوق الهال حيث تراوحت قيمة الكيلو الواحد من البطاطا ٨٠٠ _ ١٠٠٠ ل.س وهو أقل من سعر الكلفة بكثير٠

 

آمال مرتقبة

وأردف رئيس الرابطة: بقي لدى المزارعين أمل وحيد وهو تنفيذ المؤسسة السورية للتجارة بدمشق وعدها بتصدير الكميات الزائدة عن حاجة السوق عبر البر إلى القطر العراقي الشقيق، وعلق الفلاحون آمالهم على هذه الوعود لعلها تكون المنقذ لرفع أسعار المادة ولو بدرجة بسيطة٠

 

٦٠ ألف طن

 

بدوره أشار رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش إلى أن زراعة محصول البطاطا تتركز في محافظة طرطوس ضمن قطاع عمل رابطة طرطوس/ سهل عكار، سهل ميعار/ ومعظم الإنتاج يتركز ضمن قطاع عمل الرابطة / يحمور والحميدية والصفصافة/ مع بعض الزراعات وبكميات قليلة في بعض مناطق المحافظة، مبينا أن بدء جني المحصول كانت في ٢٠ /٤/ ٢٠٢٣ وكانت التقديرات الأولية للإنتاج هذا العام حوالي /٦٠/ ألف طن٠

تحذير 

ومن أبرز المعاناة التي تواجه مزارعي البطاطا، حسب علوش، هي ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب غلاء المستلزمات من بذار وسماد وأدوية وثمن عبوات وحراثة ونقل، مبينا أن سعر الكيلو في الأسواق يتراوح بين ٨٠٠ _ ١٢٠٠ ل٠س ما أوقع الفلاح في خسارة كبيرة هذا العام، وفي ظل غياب الدعم من الجهات المعنية وتأمين أسواق خارجية سوف تستمر معاناة الفلاح وستفقد المادة من الأسواق في العام القادم وتكون الكارثة أكبر٠

 

مناشدة بالتدخل 

وأردف رئيس الاتحاد: قمنا بالتواصل مع مكتب التسويق بالاحاد العام بدمشق وتم الوعد بتأمين سوق إلى دولة العراق ولم يتحقق شيء حتى الآن، كما تواصلنا مع السورية للتجارة وتم استجرار /٥٠/ طن وتم بيعها بشكل مباشر في الصالات ومراكز البيع بسوق الهال بسعر يتراوح بين ١١٠٠_ ١٣٠٠ ل٠ س، وبدورنا، والكلام لرئيس الاتحاد، نناشد الجهات المعنية للتدخل وإيجاد أسواق خارجية لإنقاذ الفلاح من كارثة حقيقية لأنه لن يتمكن من زراعة أرضه ورفد السوق بالمنتجات الغذائية والخضار، محذرا إن استمر الوضع على هذه الحال لن نشهد زراعة بطاطا في العام القادم٠

من جهته مدير فرع السورية للتجارة بطرطوس محمود صقر بين أن الفرع قام باستجرار البطاطا منذ حوالي خمسة عشر يوما من سهل عكار إلى تل سنون وحتى حدود لبنان، حيث استجر كميات بحدود /٦٠/ طن لغاية يوم السبت ٢٧ / ٥، وذلك  بسعر ١١٠٠ ليرة للكيلو من الحبة الكبيرة والجيدة وبين ٥٠٠_ ٦٠٠ ليرة للحبة الصغيرة، وسيتم رفد فرعي حلب وريف دمشق بالمادة حاليا، موضحا أن الكميات التي تستجر من المزارعين تصرف ولا تخزن لأن بطاطا طرطوس غير مالحة٠

قرار متأخر .!

وبعد أن صدر قرار حكومي بالسماح بتصدير/ ٤٠/ ألف طن من مادة البطاطا، وفي متابعة ” البعث الأسبوعية” لواقع تصدير الكميات  المنتجة في طرطوس أشار رئيس غرفة زراعة طرطوس المهندس هيثم ضيعة أنه ومنذ تاريخ ٢٣ / ٥ / ولتاريخه تم تصدير /٤٥٧/  طن من المادة وأن التصدير مستمر٠

بالمقابل أكد عضو المكتب التنفيذي بمجلس المحافظة سمير علي أن خسائر مزارعي البطاطا بالملايين كون العروة الربيعية من البطاطا غير صالحة للتخزين بالبرادات ليأتي قرار التصدير متأخر جدا٠٠٠!

وفي السياق أكد رئيس الرابطة الفلاحية كلام عضو المكتب التنفيذي بأن قرار التصدير أتى متأخرا جدا ولم يخدم إلا القلة القليلة من المزارعين المنتجين كون الغالبية منهم اقتلعوا محصولهم وسوقوه بأسعار غير مجزية وغير عادلة ولا تناسب الكلفة الحقيقية٠