محاباة نتنياهو لـ”الحريديم” تزيد من انقسام جيشه
تقرير إخباري:
لا تكاد حكومة الاحتلال الإسرائيلي تدخل مأزقاً داخلياً حتى تجد نفسها في مأزق آخر، فبعد الانقسام الاجتماعي الكبير وتوحّد المعارضة وخروج عشرات آلاف المتظاهرين ضد حكومة المتطرّفين برئاسة بنيامين نتنياهو وخطّتها “للإصلاح القضائي”، ووصول الانقسام إلى جيش الاحتلال ورفض الكثير من ضباط وجنود الاحتياط الالتحاق بمراكز خدمتهم نتيجة لرفضهم القاطع لهذه الخطة، عاد إلى الواجهة من جديد الحديث عن الكراهية المتنامية بين المتشدّدين الدينيين “الحريديم” وباقي فئات المستوطنين الأخرى.
فقد ازدادت الكراهية وتعمّق الشرخ نتيجة حصول “الحريديم” على ميزانيات ضخمة في صفقة سارع نتنياهو إلى عقدها مع الوزيرين المتطرّفين في حكومته إيتمار بن غفير وبتسلائيل سموتريتش، لمنع انهيار حكومته والاتجاه بالتالي إلى انتخابات مبكرة للكنيست هي السادسة في 5 سنوات.
وجاءت هذه الميزانيات بالإضافة إلى تمتّع “الحريديم” بمكانة خاصة بين المستوطنين، فهم لا يعملون ولا يخدمون في الجيش، لتدفع نائب رئيس أركان الاحتلال السابق يائير غولان، إلى رفض الخدمة الاحتياطية، حيث أكد، “أنه إذا لم يتمّ تجنيد الحريديم في الـ”جيش” فإنه ورفاقه أيضاً لن يخدموا”، وأضاف متوجّهاً للحكومة بالقول: “يجب أن يكون واضحاً لكم، أن الاحتياطيين، ببساطة، لن يأتوا”.
ويأتي هجوم غولان على حكومة نتنياهو ورفض أداء الخدمة الاحتياطية ليكشف عمق الأزمة التي يعاني منها كيان الاحتلال، فهو في الأساس قائم على “جيش” مكوّن من عصابات وميليشيات وتنظيمات إرهابية شكّلت النواة الأساسية له، وعملت على استمراره من خلال أعمال الإرهاب التي ما زالت تمارسها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأيّ انقسام يضرب الـ”جيش” سينعكس سلباً على الكيان كله، وهو ما حذّر منه العديد من المسؤولين والمحللين والإعلاميين “الإسرائيليين”.
وتجتمع المعطيات الواردة أعلاه مع أخرى تتمحور حول خوف المسؤولين الصهاينة على مستقبل كيانهم والتحذير من زواله، لتبيّن الأسباب التي تدفع نتنياهو إلى محاولة تصدير أزماته الداخلية وافتعال الحروب في الأراضي المحتلة والإقليم، فهو يعلم قبل غيره أن قوة محور المقاومة واستراتيجية وحدة الساحات المتبعة من المحور تحول دون ارتكابه أي عمل أحمق، ولكنه في المقابل يعلم أيضاً أن زوال كيانه آتٍ لا محالة، ولن يكون بمقدور جيشه المنقسم على نفسه الدفاع عن كيانه وعن مستوطنين منقسمين، وما المناورات العسكرية التي يحاول من خلالها إيصال الرسائل عن استعداد جيشه لشنّ الحروب، سوى إرهاصات الخوف على مستقبل المنطقة القادم التي لن يكون للصهاينة وجود فيها.
إبراهيم ياسين مرهج