ثقافةصحيفة البعث

ونسة عابد: بلدنا غنية بالعوالم الطبيعية وهذا انعكس على لوحاتي

ملده شويكاني 

قادتها الهندسة الزراعية إلى التشكيل والإبحار بأبعاد الألوان، التي أظهرت تأثيراتها وانعكاساتها في معرضها الفردي الأول “انعكاسات” والذي أقيم في المركز الثقافي العربي – أبو رمانة – فانطلقت من الواقعية التعبيرية إلى عوالم الطبيعة والبورتريه، والطبيعة الصامتة، ولم يقتصر شغف ونسة عابد على الرسم فهي من أعضاء جمعية بيت الخط العربي والفنون، وتمارس دورها التعليمي من خلال الدورات وورشات العمل في الجمعية.. “البعث” تحاورت مع ونسة عابد.

كيف ولفت بين لوحاتك القديمة والجديدة في المعرض؟ 

بعض اللوحات اشتغلتُ عليها وطوّرت بمكوناتها من وحي خبرتي التي اكتسبتها أكثر من حيث الهارموني اللوني والتوازن لإخراج لوحة فنية متكاملة مريحة للنظر، ومن اللوحات القريبة إلى ذاتي لوحة الثلج، فألوانها قريبة مني، إذ جمعت بين الألوان الحارة والباردة، وفيها توازن جميل ومدروس بين الأبيض لون الثلج والأرجواني المعبّر عن السماء وانعكاساتها على الماء، كما ركزتُ فيها على “الكونتراس” فبدت بهارموني يناسب أفكاري، وهذا ينسحب على لوحة بانوراما البحر الثنائية.

ثنائية البحر كانت مدخلاً للمتابعة عن لوحة البحر المستوحاة من لوحات عالمية.. ماذا عن لون الأزرق الداكن؟ 

أنا مزجت بين درجة لون الأزرق البحري ودرجات أخرى، إضافة إلى مزيج لوني للبنفسجي بتدرجاته، وأضفت للسماء ألواناً مغايرة للبحر، ليقرأ فيها المتلقي شيئاً مختلفاً من حيث قوة الغيم والألوان السابحة تحت الغيوم والتي تعكس تأثيراتها على الشاطئ، أردتُ التركيز على الفروقات بين انعكاسات السماء والبحر، كوني أحب الولوج بعوالم انعكاس الضوء على الأرض والسماء وبين تفرعات الأشجار، وأحبّ النور المنبعث من فضاءات اللوحة ولو كان خفيفاً.

لم يقتصر اهتمامك على البحر إذ شغل النهر أيضاً حيزاً في لوحاتك.. ما مدى تأثرك بالصور الفوتوغرافية لعوالم الطبيعة؟ 

أية صورة تشدني أرسمها دون أن أدقق على المنطقة الجغرافية، ومن حسن الحظ أن بلدنا غنية بعوالم الطبيعة الساحرة المتنقلة بين البحر والجبال والغابات والأنهار والصحراء، ومناخنا متنوع، وهذا انعكس على لوحاتي التي يجدها المتلقي مألوفة، فانطلقت من الواقعية بلمسات تعبيرية وأحياناً كانت تقودني ألواني إلى التجريد.

ما خصوصية رسم البورتريه الأكثر صعوبة من رسم الطبيعة لأنه يحتاج إلى قياسات دقيقة لملامح الوجه؟ 

البورتريه يحتاج إلى قياسات دقيقة إضافة إلى الحسّ الفني، فالفنان مرهف بطبعه، ويضيف إلى الوجه من إحساسه بما يرسم وما يقرأ من سمات الشخصية ومشاعرها، إضافة إلى الفكرة التي يودّ إيصالها فلا يكفي أن أرسم ملامح الوجه بواقعية لأقدم لوحة بورتريه. ومن حسن الحظ، لاقت لوحات البورتريه قراءات مختلفة من قبل الزائرين، فبعضهم قرأ فيها التفاؤل والفرح، وآخرون استشفوا الحزن والتأملات، والأهم حالة التفاعل بين اللوحة والمتلقي، وربما يعود هذا إلى لمسات الخيال المضافة إلى الوجوه الحقيقية التي لفتتني وأضفت إليها، مثل لوحة الأنثى معصوبة العينين لأنها لا ترغب برؤية الواقع، بينما نظرة الأنثى في لوحة الامتدادات اللونية عبّرت بإحساس شاعري عن التأملات، فأنا لا أركز على الحالة الواقعية فقط للوجه لأنني لا أقدّم صورة بحتة وإنما لوحة منسوجة بعوالم وإيحاءات الفنّ التشكيلي.

إلى أي مدى يتأثر الفنان المعاصر برأيك في ظل انتشار الفن على السوشل ميديا؟ 

من المستحيل ألا يتأثر الفنان التشكيلي بلوحات الفنانين العالميين والكبار، لكنني لا أرسم اللوحة التي تأثرتُ بها كما هي، وإنما وفق رؤيتي وقراءتي. اليوم انتشر الفنّ عبْر السوشل ميديا بكمّ كبير من اللوحات، لذلك لابدّ من التأثر، وأنوّه بأن لوحات النسخ تخدم الفنان، وأقصد بالنسخ الرسم عن لوحة بإعادة رسمها بلمسته الخاصة، هذا يساعد على فهم اللون والتوازن والعلاقات بين المكونات، وعلى محاولة قراءة أفكار الفنان حينما كان يرسم اللوحة، وأرى أن النسخ يعدّ مهماً للفنان خلال تطور مسيرته بالمراحل الفنية، لأن الفنّ ينتقل عبْر الأجيال.

كيف انعكست دراستك الهندسة الزراعية على لوحاتك؟ وماذا بعد انعكاسات؟ 

حبي لدراستي الهندسة الزراعية جعلني أحبّ الطبيعة أكثر وأكون أكثر قرباً منها، من كل تفاصيل الأرض والأشجار والأزهار، و”انعكاسات” هو الانطلاقة الفعلية لي بعد مشاركاتي بمعارض جماعية متعدّدة وسأتابع بمعارض جماعية وفردية.

إضافة إلى الرسم تقومين بدورك التعليمي في جمعية بيت الخط العربي والفنون.. ماذا عن إقبال الطلاب على الدورات؟

أنا أميل إلى التدريس قبل أن أكون فنانة متمرسة، وفيما بعد أردت أن أساعد من خلال التدريس المواهب الشابة، ليعرفوا مبادئ الرسم الأساسية، وكيفية بناء اللوحة وتقديمها ضمن إطار معيّن حتى لو كانت على الورق، وقد أتاح لي عملي بتدريس مادة الفنون الجميلة في جمعية بيت الخط العربي والفنون الانتشار الأوسع والمتابعة والتنظيم لإعداد معارض للطلاب المتميزين.

أما عن إقبال الطلاب على التعلّم فيكون في الصيف أكثر كون الطلاب، سواء أكانوا في المدارس أم الجامعات، أنهوا العام الدراسي ولديهم الوقت الكافي، وتوجد مواهب واعدة لكن حسب قدرة الأهل على المتابعة، ليس فقط من الناحية المادية لأن متطلبات التدريس بالبداية بسيطة تقتصر على الورق وأقلام الرصاص والخشب، لكن أقصد توجهات الأهل، فبعضهم يميل لتوجيه الأبناء نحو اللغات والمعلوماتية والعلوم الرياضية، فإذا كان الأهل يدركون موهبة الأبناء ويشجعونهم على المتابعة المستمرة دون انقطاع أثناء العام الدراسي تنمّى موهبتهم بالتعليم. وللأسف توجد بعض الشكاوى من الطلاب بأن بعض مدرّسي الفنون يعدون الحصة الدرسية حصة فراغ رغم أنها مقررة بالمنهاج، فأتمنى الاهتمام أكثر بتدريس المادة الفنية في المدارس.