مع اقتراب العيد وارتفاع الأسعار.. العائلات تلجأ لتعديل الألبسة القديمة بقصد استخدامها.. و أفكار جديدة لإنقاذ فرحة الاطفال
“البعث الاسبوعية” بشير فرزان
يتفق الجميع على أن شراء الألبسة بات ضمن دائرة الأمنيات نظراً لارتفاع أسعارها حيث تبحث الأسرة في خزائن الألبسة القديمة عن مايسعد أطفالها في العيد عبربعض التعديلات عند الخياط أو في المنزل ورغم السلبية المعيشية والاقتصادية لهذه الحالة إلا أنها في الوقت ذاته مؤشرعلى قدرة المجتمع على التعامل مع المستجدات وتجاوز التحديات بطرق مختلفة ومن جهة أخرى يتيح استخدام أفكار جديدة ويخلق فرص عمل كثيرة .
ومع استمرار المعاناة المعيشية اختل ميزان الأولويات التي دخلت مرحلة حرجة وبشكل فرض إلزامية البحث عن أفكارجديدة تسهم في انتشال اليوميات من الحاجة والعوز ومن تلك الأفكاروالأساليب إعادة تدوير الأشياء واستخدامها من جديد بشكل مختلف وخاصة الألبسة التي باتت خارج القدرة الشرائية للناس وهذا ماحفز الكثير من العاملين في مجال التصاميم والخياطة للتوجه إلى إعادة تدوير الملابس بطرق إبداعية فحولوا الثياب القديمة وجعلوها مواكبة للعصر وفق أخر طراز وصنعوا منها موديلات حديثة استقطبت الزبائن الذين وجدوا فيها غايتهم من حيث الموديل والأسعار .
أسعار مناسبة
الخياط منير الزير الذي بدأ كهاو في صناعة الألبسة النسائية أخبرنا وهو يجز بمقصه الحاد أحدى الكنزات النسائية ليصنع منها موديلاً جديداً أنه في بداياته المهنية استهوته فكرة تغييرموديلات الألبسة القديمة التي كان يتدرب على خياطتها حيث كان الخياط الذي يتولى تعليمه “الصنعة” يدربه على الملابس القديمة كوسيلة للتدريب على الخياطة واستحداث تصاميم جديدة وبعد فترة من التدريب واكتساب الخبرة بدأت هذه التصاميم تنال آنذاك الإعجاب من الزبائن حيث كانت تثير انتباه وتحفزهم للسؤال عنها وبشكل دفعه للعمل أكثر في هذا المجال بحيث أصبح يقوم بتصميم موديلات مختلفة بمساعدة هذه الملابس وأخذت تصاميمه تنتشر في حارته وبتشجيع من رفاقه وأقربائه ، بدأ بتسويق هذه المنتجات بأسعار مناسبة لواقع بيئته الشعبية وكانت عائداتها جيدة قياساً لتكاليفها التي تعد ضئيلة بالنسبة لما هو موجود الآن في الأسواق.
حالة مستحدثة
أما شهد نوفل وهي من اللواتي يشاركن في بازارات الأعمال المختصة ببيع الملابس والإكسسوارات في مختلف المحافظات أكدت أن إعادة تدوير الملابس القديمة وجعلها مواكبة للموضة حالة مستحدثة وقد بدأت بالانتشار بشكل متسارع ومن خلال خبرتها رأت أن هذه الحالة إذا استمرت على ما هي عليه من إقبال فستكون ظاهرة لها عدة ايجابيات أهمها السعر ومواكبة العصر والرغبة الشبابية باقتنائها وهي محددات التسويق الذي تطمح له أي مؤسسة ولكن في هذه الحالة فان الأمر يقتصر على بعض الجهود الذاتية لمصممين ومصممات أرادوا أن يضعوا بصمتهم في هذا المجال ولكن لا يمكن إغفال مجموعة من السلبيات التي تتجلى بعدم رغبة الشريحة الواسعة باقتناء هذه الملابس لعدة أسباب أهمها أنهم لا يريدون اقتناء أشياء مستعملة وعدم إيمانهم بالموديلات التي تم انجازها رغم حداثتها والسبب الأهم عدم ظهورهم بمظهر مقتني الأشياء المستعملة نظرا للطبقات الاجتماعية التي يمثلونها .
تسويق مريح
الكثير من أصحاب محلات “البالة” أكدوا أن أعمالهم التجارية تأثرت في الفترة الماضية وباتت مبيعاتهم قليلة مقارنة بالفترات الماضية هذا عدا عن قلة الألبسة المتوفرة وذلك لعدة أسباب.
بدوره فرج دكاك وهو تاجر ألبسة مستعملة “بالة” أنه يلجا أحياناً إلى بعض العاملين في تدوير الملابس لتغيير الموديلات الكاسدة لديه وهذا ماساعده على تسويق كميات كبيرة وخاصة الألبسة النسائية وخلال تواجدنا في محل دكاك لفت انتباهنا بعض النسوة اللواتي كنا يبحثن عن الموديلات القديمة والقياسات الكبيرة ولدى سؤالهن عن الأسباب أكدن أنهم يعملن على تدوير هذه الملابس وإحداث تغييرات في تصاميمها بمايتماشي مع الموضة وبالتالي تصبح أكثر قبولاً من الزبائن .
ثقافة الوعي
من الأخطاء الشائعة إدراج إعادة تدوير الملابس في خانة الحاجة والعوز وضعف القدرة الشرائية فقط دون الانتباه إلى الحالة الإبداعية التي تستثمر في المواد المتوفرة وتصنع منها منتجات ذات مواصفات تسويقية تضاهي الموديلات الحديقة والرائجة وهذا بحد ذاته يشكل عملاَ صناعياً جامعاً مابين الفن والمهنة .
وبالمحصلة في هذه الظروف الاستثنائية لابد من العمل على دعم الاقتصاد الأسري وتخفيف الأعباء المعيشية من خلال تقديم التسهيلات والتمويل للأفكار الجديدة والابتكارات التي تولد دخلاً لآلاف الأسر وفرص عمل ومن ثم منتجاً يسد الثغرات الموجودة في الأسواق ويكافح في الوقت ذاته الغلاء وجشع التجار.