مجلة البعث الأسبوعية

مخاوف “العوز”؟!

بشير فرزان

قراءة النوايا الخاصة “كمايشاع” برفع أسعار المحروقات الخاضعة نظرياً لمنظومة الدعم يؤكد مخاوف الناس من تعميق الفجوة بين الدخل الأسريومعدل الإنفاق الشهري الذي لم تعد للمقارنة بينهما ممكنة ولذلك نجد أنه في المدى المنظور لن يكون هناك أي تغييرات حقيقية على  السيناريو الشهري لحياة آلاف الموظفين لناحية التسجيل على الدفتر(الديون) عند الكثير من أصحاب المحال المختلفة وحتى في الصيدليات والعيادات وهنا لا نسعى لإدانة الأداء أو أي شخصية اعتبارية بل نحاكي المرحلة القادمة من بوابات الواقع الاقتصادي والاجتماعي فقد يكون من الخطأ التقليل من الجهود التي تبذل من قبل المؤسسة التنفيذية والحكم عليها بأنها بيادر خالية الغلال كونهالاتحصدالنتائج المرجوة منها لضآلة العائدية الاقتصاديةالتي يمكن أن يتلمس منها المواطن التحسن المطلوب و لتعثر الخطوات التي تشكل أهم معيار للأداء المؤسساتي فكلما كان هناك تقدم ايجابي كان هناك ارتفاع في مقياس الرضى الشعبي وهنا لابد من التوقف والتأكيدعلى فاعلية التواصل الإعلامي في اتجاهين وليس في اتجاه واحد حيث لايتم الاكتراث برجع الصدى الذي يمثل حقيقة موقف الشارع حيال مايتخذ من قرارات أو مايتم تنفيذه على صعيد العمل الحكومي .

وربما يكون ترك ملف الرواتب والأجور للشائعات وعدم الخوض فيه بشكل صريح وواضح مبرراً في هذه الظروف التي تمتحن صمود الجميع وهذا الفراغ المالي يعيدإلى الأذهان عجز السنوات الماضية وتلك المقولة التي اجهضت التفاؤل الشعبي في وقتها”صعوبة زيادة الرواتب في الوقت الحالي والأسباب تعود للإيرادات التي لم ترتفع للدرجة التي تسمح بزيادة يشعر بها المواطن ” والتي وضعها الناس في خانة نعوة زيادة الرواتب وإسدال الستارة على هذا الملف بعد أن علقت عليه أوسمة الأزمة بكل جدارة وسجلته في سجل النسيان والتأجيل فعلى مايبدو لم ولن تكتب الحياة لهذاالملف الهام والضروري رغم الضغط الشعبي والمطالبات المستمرة بإعادة النظر به خاصة أن معظم الدراسات المهتمة بالوضع المعيشي للأسرة السورية أكدت أن احتياجات الأسرة السورية المكونة من خمسة أفراد يعادل أكثر من ( 3 ) ملايين ليرة سورية أي أنه يزيد بمقدار ثلاثين ضعفاً من دخل الأسرة على الأقل من الرواتب والأجور التي تتلاشى مباشرة أو قد تكون منتهية قبل استلامها من المحاسب .

ورغم أن الحديث عن الرواتب والأجور قد يحرج الحكومة ويحشر الكثير من وزارتها مؤسساتها في خانة التقصير وعدم الإيفاء بالوعود إلا أن ارتدادات وتداعيات هذا الملف على حياة الناس تمنحه فرصة الطرح والأخذ بوجهة نظر قد تعيد بصيص الأمل للواقع المعيشي خاصة أن الفجوة بين الإنفاق وبين الدخل من الرواتب والأجور باتت تضرب وبقوة في استقرار الأسرة بكل تفاصيل حياتها الاجتماعية والأخلاقية وو.

وباختصار مايتم العمل عليه في المجال المعيشي لايتناسب مع واقع حال البلد والمجتمع.. ولم يبدد المخاوف ولم يشبع أو يروي ظمأ الجيوب العطشى التي باتت تحت خطر الفقر فالمنظومة الحالية للأجور أصبحت متقادمة ومعقدة وغير متجانسة و استمرارها من شأنه أن يؤدي إلى استمرار الاختلالات ولذلك لابد من قرار جريء يدعم المنظومة الأجرية ويجعلها محفزة ومنصفة وشفافة بدلاً من المزيد من القرارات الخانقة والتي تزيد من أعباء الناس وتوسع الفجوة بين الأجور والأسعار فيسقط المستوى المعيشي اللائق للسواد الأعظم من الشارع السوري في ظلمة الحاجة خاصة مع معادلة جديدة تطرح اليوم من قبل المؤسسات التنفيذية تقول (إجراءات النقص لا الوفرة) وهنا تتعدد التحفظات اللاهثة في ميادين المحاسبة والمساءلة لمن سبق أو لمن استمر في مواقع صنع القرار الاقتصادي والخدمي وبمختلف المستويات.