أسعار التحاليل وأجور العمليات في المشافي الخاصة تزيد آلام المرضى في السلمية!
ألم فوق ألم .. ألم الجسد وألم “الجيبة”، فمن يمرض سيموت مرتين جراء ألمه الجسدي ومعاناته من ارتفاع أجور المعاينات والتحاليل والعمليات الجراحية وغلاء الأدوية وكل ما يتعلق بمستلزمات العلاج!.
واقع صعب ليس في مدينة سلمية فقط، وإنما في كل أنحاء البلد، والمشكلة أن كل جهة تبرر وتحلل لنفسها سبب ارتفاع الأسعار، بحجة غلاء المستلزمات، والمؤلم أكثر هو ارتفاع أجور العمليات الجراحية في المشافي الخاصة التي ليس لها سقف محدود بعيداً عن عين الرقابة!.
لا حول ولا قوة!
هذا هو لسان حال الغالبية العظمى من سكان المدينة، فهم من أصحاب الدخل المحدود، ومنهم من لا عمل لديه، باحوا بمعاناتهم من ارتفاع أجور المعاينات والتحاليل وأجور العمليات، وأشار البعض منهم ممن يعانون من الأمراض المزمنة أنهم امتنعوا عن شراء الأدوية، بسبب ارتفاع أسعارها، معتمدين على الطب العربي (الأعشاب)، وذكر بعضهم أنه اضطر لدفع كامل راتبه أجور (كشفية الطبيب تحاليل وصور شعاعية وأدوية).
وشكت النسوة الحوامل من ارتفاع أجور العمليات القيصرية في المشافي الخاصة حيث باتت تكلفتها أكثر من 500 ألف ليرة، وتكلفة الولادة الطبيعية 300 ألف ليرة، وبحدود المليون لاستئصال الرحم!.
هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار الذي لا يتوافق مع الراتب الضعيف دفع المرضى للتداوي في المشافي الحكومية مما وضعها تحت الضغط وزاد العبء عليها، وهناك من شكا من معاناة تأخر دوره في المعالجة والعمليات نتيجة الضغط الزائد!.
واقع صعب
هذا الواقع الصعب أقر به الدكتور وسيم ديوب رئيس قسم النسائية بمشفى سلمية الوطني، مشيراً إلى أن الواقع الاقتصادي الصعب لأغلب الأسر وكثرة المصاريف والفواتير المترتبة على الحامل التي تترافق مع أزمة تأمين الأدوية وحليب الأطفال كلها دفعت بالنسوة إلى المشفى الوطني.
وأوضح ديوب أن نسبة الولادة الطبيعية بالمشفى بلغت 50 – 60% وهي النسبة الأعلى بالمدينة مقارنة بالمشافي الخاصة التي لاتتجاوز نسبتها 10%، مشيراً إلى أن إجمالي معدل العمليات القيصرية بالمشفى خلال الشهر الفائت بلغ 99 عملية قيصرية و67 عملية ولادة طبيعية، ومؤكداً أنه رغم هذا الضغط يقدم المشفى خدماته بشكل جيد بفضل وجود القابلات والممرضات المدربات بشكل جيد مع عدد من الأطباء المقيمين.
ولفت الدكتور ديوب إلى أن إجراء عمليات جراحية نوعية كاستئصال أورام سليمة وسرطانات نسائية بالقسم شجع الأطباء المقيمين من محافظة حماه للتدريب في مشفى سلمية الوطني، بالإضافة إلى الخدمات المقدمة لخدمة الحامل وجودتها، وبيّن أنّ نسبة الاختلاطات والأخطاء قليلة جداً بالمقارنة مع باقي المشافي، بالإضافة إلى قلة نسبة الإصابة بالإنتانات نتيجة الحرص على التعقيم الجيد لغرف العمليات وللمشفى بشكل عام. ولم يخف الدكتور ديوب معاناة المشفى من النقص في عدد الأطباء المختصين بسبب هجرة العديد من الأطباء، حيث لم يتبقَ غير ثلاثة أطباء مثبتين في قسم النسائية بالمشفى.
أين النقابة؟
رئيس نقابة الأطباء في حماه الدكتور عبد الرزاق السبع أوضح أنّ الارتفاع الملحوظ في أسعار العمليات القيصرية تضاعفت بناءً على الارتفاع الهائل لمستهلكات العملية وما تتطلبه المشافي من مواد كالوقود الذي يتم شراؤه بالسعر الحر وغيرها من مواد باهظة الثمن مضافاً إليها أجرة كوادره وغيرها من أمور، مبيناً أن كل هذه التفاصيل لا يأخذها المواطن بعين الاعتبار، مشيراً إلى أن الطبيب يتأثر بارتفاع الأسعار ويُعاني منه كباقي المواطنين ومن حقه رفع أجره أسوة بكل المهن الأخرى، وعلى ضوء هذا لا يمكننا أن نحمّل المسؤولية بأكملها للطبيب فقط، ولكنّ المسؤولية تقع على عاتق من يقوم بتحديد التسعيرة دون وضع ضوابط لها، أو مخالفة كل من يتجاوزها!.
اعتراف بالغلاء
واعترف السبع بأنّ كل عملية يختلف أجرها حسب الوقت والجهد الذي تتطلبه، مؤكداً أن هناك بعض الأطباء يأخذون أجراً دون الالتزام بلائحة الأسعار والمغالاة الحقيقية بالأجر بعيداً كل البعد عن مراعاة الظروف المادية للمواطن، مشيراً إلى أنّ التسعيرة تحدد من قبل وزارة الصحة وليس للنقابة أي علاقة بتحديدها. وهذا ما أكده مدير صحة حماه الدكتور جهاد عابورة بقوله: إن وزارة الصحة هي من يحدد التسعيرة، مشيراً إلى أنه يتم حالياً دراسة تعديل تعرفة قيمة الخدمات الطبية من قبل لجنة مشكلة بقرار من رئاسة مجلس الوزراء تضم في عضويتها وزارات “الصحة، التعليم العالي، المالية، التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والاقتصاد، وإدارة الخدمات الطبية العسكرية، وإدارة الخدمات الطبية في وزارة الداخلية، ونقابتي الأطباء، والعمال، بالإضافة إلى جمعية المشافي الخاصة” بحيث تشمل تعديل جميع الإجراءات الطبية، وتكون التعرفة منصفة للمواطن وللطبيب وهي حاليا في مراحل المراجعة ليتم اعتمادها قريباً.
معالجة الشكوى فوراً
أمّا بالنسبة لأي شكوى إلى مديرية الصحة أو إلى ديوان وزارة الصحة، فأكد الدكتور عابورة أنه يتم معالجتها بشكل مباشر وفق القوانين والأنظمة، مؤكداً أنه رغم الضغط على المشافي الحكومية التابعة لوزارة الصحة لكنها مستمرة بتقديم الخدمات الطبية المجانية، وكذلك هو الحال في مشافي الهيئات العامة التي تقدم خدماتها الطبية وفق الحد الأدنى للتعرفة المناسبة لدخل المواطن.
حماة – يارا ونوس