ألوان الحياة بالأمل في معرض تشكيلي بجامعة حلب
حلب – غالية خوجة
ازدحم بهو المكتبة المركزية بجامعة حلب بعشاق الفن التشكيلي في المعرض الجماعي الذي أقامه فرع جامعة حلب للحزب، عاكساً تجارب أربعين فناناً من حلب من مختلف الأجيال، لتخبرنا عن تحولاتها الداخلية والاجتماعية والفنية.
تقول المشرفة منى خياط: “المميز في المعرض هو روح التفاؤل، وهذا ما تعكسه لوحات الفنانين، ومنهم صلاح الخالدي، وسعد قصبجي، ومحمد صفوت، وأعتبر أن لوغو المعرض هو “الست الحلبية” للفنان أيمن الأفندي، تلك المرأة التي تحدت الحرب وظلت صامدة وتهتم بعائلتها. وتابعت: الغاية اكتشاف مواهب الطلاب من مختلف الكليات، ولهم حضورهم ومشاركتهم التي بلغت 20 طالباً وطالبة من أصل أربعين مشاركاً، إضافة لاكتشاف مواهب الموظفين والعاملين في جامعة حلب من الفئة الرابعة والخامسة.
تدوير الحياة بأعمال فنية
ومن هذه الفئة التي شغلت ركناً فنياً، التقيت بالمشارك علي حسن الموظف في المكتبة المركزية ليخبرنا أنه ألّف هذا المشهد كلوحة تتحدث عن حياته منذ 2010 وخروجه من الدم مع أمه وأبيه، ثم كيف تتوالى الأحداث بين فترة الجيش والفراغ الناتج عن انقطاع العمل، إلاّ أن الألوان ظلت متفائلة من خلال طبق من القش يمثل رمزاً شعبياً منحه الأمل رغم غياب الشهادات التعليمية عن حضورها في المكان المناسب أثناء الحرب، وصولاً إلى مخاطبة الأهل والأصدقاء بالرموز والألوان خوفاً من الإرهابيين، وهذا ما تعكسه الألوان المفرحة سواء في مجسم نيفرتيتي أو الأشغال اليدوية كذاكرة مع حضور العملة الورقية والمعدنية السورية، ومنها ليرة المجاعة كتاريخ وانتماء وتحدّ تتضافر معه الطاحونة البازلتية الصغيرة ولوحة السنابل المجففة، وتضيئها ثلاث شمعات هي الأولاد، وتأتي شجرة العائلة لتختتم مشهدية الركن، بينما في وسط المشهد نلاحظ مفاتيح البيوت القديمة لفلسطين لأنها قضيتنا المركزية رغم الحرب في سورية ورغم آثار الزلزال المنتشرة في وسط الركن، وكيف واصلت الحمامات بناء أعشاشها حاضنة بيوضها، وهي تواكبنا في مرحلة الترميم، كما تبدو في القاع زجاجات لرسائل تصل عبر البحر، بينما السقف فتألف من ورقات النخيل الخضراء، وبشكل عام، العمل هو إعادة تدوير لأعمال يدوية ولوحات زيتية رسمت إحداها مع كولاج لورق محروق لإحدى لوحاتي التي رسمت فيها ورداً لتكون ذات ذاكرة ومستقبل.
حواس الفراشة خمسة
وعن مشاركته، قال الفنان عبيدة القدسي: منذ عام 2018 أعمل على مشروع مرتبط بالفراشة وأثرها وإحساسها وألوانها واتصالها البصري والمعنوي ضمن إطار لوحة تشكيلية فيها انعكاسات المشاهد وحالات انطباعية ضمن حالتنا المعاشة سابقاً وحاضراً ومستقبلاً، للفراشة خمس حواس رسمتها بخمس لوحات ومن أسمائها المعروفة البشارة التي تبشر بالخير.
وقال أصغر فنان مشارك، وهو يامن مدراتي (صف حادي عشر): رسمت الطبيعة وحارة حلبية قديمة والروح المقيدة وهي تفك قيودها وتتجه إلى مسارات كثيرة رغم الحرب التي عشناها، ورسمت في لوحة أخرى الزمان مثل تفاحة متآكلة وحالة من الصراع بين العلم والموسيقا.
وبدورها، قالت الفنانة علياء ريحاوي: أشارك بأربع لوحات لعملين أولهما يتألف من 3 لوحات متتالية تتحدث عن حالة الشرود بأسلوب تعبيري تجسد فترة الحرب من خلال شرود امرأة بين حياكة الأمل وتأملات الفراغ الناتجة عن الهجرة وفترة الزلزال، والعمل الثاني حالة رمزية تكنيكية للخروج من الكآبة والإيقاع الرتيب لأن الحياة مستمرة، وهذا ما تحكيه أعمال المعرض لا سيما الجيل الجديد المتلهف ورسوماته لتعابيره الداخلية البريئة، وأقترح أن يصاحب المعرض دورات للأطفال واليافعين أو ورشات عمل.
الثقافة البصرية العفوية
وعن أهمية المشاركة أجاب الفنان خلدون الأحمد المشارك بأربعة أعمال حروفية: حالة من تبادل الخبرات بين الأجيال، خصوصاً وأن الطلاب المشاركين هم مشاريع فنانين، ومشاركتنا معهم تعطي طاقة إيجابية معنوية لتشجيعهم على المزيد من اللغة البصرية وتقنياتها، كما أنهم يعطوننا رؤيتهم للواقع، وحركة اللون، وما يريدون قوله بثقافتهم العفوية.
ورأى الفنان صلاح الخالدي المشارك بلوحات ترحل بنا بين متحف حلب والطائر والقلعة وساعة باب الفرج، بأن نخبة حلبية من الفنانين وأساتذة الفن ودارسيه تجتمع في معرض متفرد في جامعة حلب العتيدة والعريقة.
وبدوره، قال التشكيلي النحات عبد القادر منافيخي: منحوتاتي من خشب الزيتون كرمز للجذور، وشكّلتها كمعالم تراثية منها محاريب المدينة القديمة وفتاة ريفية واسم “الباسط” من أسماء الله الحسنى، وتتفاعل تجاربنا في المعارض المشتركة.
وحكت الفنانة ضياء طاووس عن لوحتها المؤرخة بتوقيت الزلزال: ساعة مهشمة مع الأبنية تظهر منها خصلة شعر لامرأة كانت على قيد الحياة، لكن الألوان الزاهية بين الأبيض والأصفر وأشعة الشمس تمنحنا إشراقة أمل.
أمّا الفنانة راما إدلبي خريجة هندسة ديكور فأكدت بأنها تحب الطبيعة وصمتها وترى نفسها في أبعادها، بينما الفنانة أسماء محبك فأخبرتنا بأن شغفها بالورد والطبيعة لا ينتهي، وتغامر مع البورتريه الذي رسمته بفلكلور السويداء لأنه يتميز بزخارف خاصة رسمتها بطريقة تتقنها لأنها تشارك بمعارض الأشغال اليدوية والحرف الموروثة أيضاً.