مجلة البعث الأسبوعية

الإرشاد النفسي والاجتماعي في المدارس.. مسؤولية مشتركة لمواجهة حالات العنف .. وتوفير بيئة تربوية محفزة وآمنة

دمشق_ وفاء سلمان

يعالج الأخصائي النفسي والاجتماعي في المدارس الكثيرمن الحالات والظواهر النفسية والاجتماعية التي باتت أكثر حضوراً في الحياة المدرسية كعلاج حالات الانطواء والخجل والميول للعدوانية وطبعاً عمله يحتاج لصبر متزايد ومثابرة وخاصة عندما يتعامل أولياء الأمور بحساسية زائدة مع حالات أبنائهم وذلك لاعتقادهم أن مجرد عرضهم على الأخصائي النفسي هو اتهام بالتخلف والجنون.

إيناس ميه مديرة الإشراف التربوي في وزارة التربية تحدثت لـ”البعث الأسبوعي ” عن  دور الإرشاد النفسي الاجتماعي الذي  يتجلى في تحقيق الأهداف النمائية والوقائية والعلاجية والتي تتضمن التوعية بمخاطر المشكلات المدرسية التي يتعرض لها المسترشدين وآثارها السلبية على صحتهم النفسية(القلق، الخوف، الرهاب من الامتحان، التأخر الدراسي، تعديل السلوكيات غير مرغوبة، اضطراب المسلك، العدوانية، التنمر بأشكاله)وغيرها من المشكلات التربوية والنفسية والسلوكية،وبينت أنه تم وضع دليل لحل المشكلات التربوية والنفسية والسلوكية ينفذه المرشد مع المسترشدين وفق برنامج علاجي يتضمن عدد من الجلسات العلاجية للوقوف على أسباب المشكلة وحلها بما يحقق التوافق النفسي والصحة النفسية للمسترشدين.

كما أكدت أن الوزارة تحرص على حسن التعليم في المدارس وجعلها بيئة تربوية محفزة وآمنة لجميع تلاميذها وطلابها على تعزيز المدرسة والإدارة والمعلمين والمدرسين وبين أولياء الطلبة وتحقيق هذه المتطلبات بأبعادها الوطنية والتربوية والتي تنعكس  في أداء التلاميذ والطلبة بالتزامن مع متابعة عمل المرشدين من قبل دائرة الإرشاد في الوزارة من خلال الجولات الميدانية وحضور الاجتماعات الفصلية للمرشدين مع موجهي الإرشاد النفسي والاجتماعي، بالإضافة إلى التقارير الواردة من شعبة الإرشاد في دوائر البحوث في الميدان التربوي والوقوف على أهم المشكلات التي تواجههم في العمل الإرشادي واقتراح الحلول، علماً أنه تم إصدار مجموعة أدلة تربوية إرشادية من تأليف الدائرة بناء على احتياجات الميدان التربوي (دليل الإرشاد التربوي، دليل تعديل وبناء السلوك الإنساني، لا للعنف، دليل حل المشكلات النفسية والتربوية والسلوكية، دليل التفوق التربوي، الدليل التربوي الاثرائي للمتفوقين، اضطرابات التواصل، التوحد، فرط النشاط) وتم التدريب عليها في الميدان التربوي بغية تعزيز المهارات الإرشادية في التعاون مع المشكلات التي تواجه المرشد، وتم إصدار مجموعة من البلاغات الوزارية التي تأكد منع الضرب في المدارس مهما كانت الدواعي والأسباب لما لها من آثار سلبية على الطلاب وما يتركه في نفوسهم من انطباعات سيئة ويعتبر مديرو المدارس مسؤولين عن حسن التطبيق مع إصدار بطاقة رصد حالات العنف في المدارس والإجراءات المتخذة من قبل إدارة المدرسة ومديريات التربية وترفع أصولا إلى وزارة التربية(دائرة الإرشاد).

وبينت ميه سعي دائرة الإرشاد على تعزيز دور الإرشاد النفسي الاجتماعي في المدارس لمواجهة حالات العنف بين التلاميذ والطلاب وذلك من خلال الإرشاد الفردي والجماعي وتعزيز لغة التواصل والحوار بينهم ونبذ العنف والابتعاد عنه وتقديم الدعم النفسي الاجتماعي للقائمين بالعنف والمعنفين خاصة وللطلاب والتلاميذ بشكل عام وفق أساليب الإرشاد المباشر وغير المباشر حيث قامت الدائرة بتعميم نشرات إرشادية للحد من ظاهرة العنف على الشابكة لموقع وزارة التربية وتعميمها أيضاً على الموجهين الأخصائيين للإرشاد النفسي الاجتماعي والمرشدين النفسيين والاجتماعيين في مديريات التربية ومنها (عدم استخدام العنف في المدارس، الوقاية من انتشار ظاهرة العنف، دور المرشد في التعامل مع الأطفال العدوانيين، دور المرشد في الأزمات والكوارث، الأزمة الحالية وأثرها على الأطفال)، بالتزامن مع تعميم كتب الكترونية(DVD)  خاصة بالإرشاد والتربية وعلم النفس ومن ضمنها كتب عن العنف وكتب وأدلة وأنشطة عن الدعم النفسي والاجتماعي وتم توزيعها على الموجهين الأخصائيين للإرشاد والمرشدين في مديريات التربية كافة.

وذكرت ميه أن دائرة الإرشاد ألفت وأعدت كتيب بالتعاون مع مكتب اليونيسكو بدمشق (المعلم في الدعم النفسي والاجتماعي، التعليم في الظروف الصعبة والأزمات) الذي تم طباعته وتوزيع 41000 نسخة منه على معلمي ومدرسي ومدارس الحلقة الأولى والثانية في مرحلة التعليم الأساسي في كافة المحافظات، مع تدريب مدراء المدارس والموجهين التربويين والأخصائيين وبعض المعلمين لنشر مفاهيمهم ضمن مدارسهم

من جهتها ميساء الراعي أخصائية نفسية اعتبرت أن المشاكل السلوكية عند الأطفال نمط متكرر غير مرغوب فيه وثابت من السلوك يوجد به مبالغة مما يسبب خلل في الأسرة أو المدرسة أو الأماكن العامة مما يؤدي لإحراج ذويه فهو محدد بعمر تحت سن الثامنة عشر ومن هذه المشاكل (الخوف، الكذب، العدوانية، قلة الثقة في النفس، الخجل، السرقة، العنف، مشاكل في النوم، العناد، نوبات الغضب) وأكدت أنه لا يمكن اعتبارها من المشاكل السلوكية عند تكرارها بعدد مرات قليلة حيث يجب معرفة الأسباب التي أدت لهذه المشاكل فعند المعالجة النفسية يجب النظر إلى عدة أشياء منها (مدة، شدة، تكرار) فمثلا عند حالة الكذب التي يقوم بها أحد الأطفال يجب أن نضع بعين الاعتبار عدد المرات التي كذب بها وما هو حجم الكذبة وما هو سببها؟

وأضافت الراعي أن أسباب هذه المشاكل عدة منها الضغط النفسي الذي يصيب الطفل نتيجة قسوة وتعامل الأهل السيئ معه أو بسبب تعنيف (لفظي، جسدي، سخرية) ومنها أيضاً الدلال بشكل مبالغ به بالإضافة إلى المقارنة بينه وبين أقربائه أو أخوته أو زملائه وزيادة المشاكل بين الوالدين التي تؤدي لانعكاس سلبي على الطفل ومن الممكن أن تؤدي لاضطرابات نفسية، أما بالنسبة للعلاج والتخفيف من حدة هذه المشاكل فهنا يجب التركيز على العلاقة بين الطفل والأهل والمعالج فطالما هو في عمر الطفولة والمراهقة فإن السبب الأول والأخير هم الأهل لأن المشاكل السلوكية لا تولد مع الطفل بل بشكل مكتسب ففي البداية يجب أن يبدأ العلاج من الأسرة من خلال العمل على جلسات تعديل للسلوك باستخدام أساليب وتقنيات تعزز السلوك الايجابي فمثلا استخدام أسلوب الثواب والعقاب لمحاولة تشجيع الطفل عند القيام بسلوك جيد وفي المقابل العقاب عند السلوك الخاطئ لعدم تكراره مرة أخرى وعرض بدائل صحيحة عند مواجهة أية مشكلة لكي يتم تجاوزها بسهولة مبينة أهمية الحوار مع الطفل وفهم دوافع السلوك فشخصية الطفل وسلوكه ما هو إلا انعكاس للخبرات التي يتلقاها في الوسط الأسري ونوع العلاقة التي تربطه بأفراد الأسرة، فكلما كانت البيئة الأسرية التي يعيش بها الطفل سوية ومناسبة وصالحة كلما انعكس ذلك إيجابا على الطفل، وبالمقابل فإن أي اضطراب داخل الأسرة قد يؤدي بالطفل إلى المعاناة من مشاكل نفسية (القلق، الغضب، الغيرة، الخجل، ضعف الثقة بالنفس)، ومشاكل سلوكية (السلوك العدواني، السرقة، الكذب، الفوبيا المدرسية)، ثم ينتقل الطفل للمدرسة حيث تحتل جزء كبيرا من حياة الطفل وهنا نجد أن الطفل معرض للوقوع في المشاكل النفسية والسلوكية المتنوعة لاسيما وأنه في طور الإعداد والتعلم وتلقي الخبرات، فالطفل سواء داخل الأسرة أو في الوسط المدرسي إن لم تحقق له حاجاته ورغباته فإنه يتأثر جراء ذلك نفسيا مما يجعله يتخبط في مشكلات نفسية عديدة والتي يمكن ملاحظتها من خلال سلوكياته و تعاملاته اليومية، وقد تزداد حدة هذه الاضطرابات لتتطلب تدخل جهة متخصصة وأكثر وعيا لهذه المشكلات ومدى تأثيرها على الطفل أولا ثم على المعلم وعلى زملائه داخل الحجرة الدراسية، ألا وهو المرشد، فالإرشاد كعلم وفن وممارسة أصبح كعلم تطبيقي يمارس في المؤسسات التربوية ذلك لأن المدرسة لم تعد مطالبة بالأكتفاء بالجانب العقلي والتحصيلي في تربية التلاميذ وإنما التكفل بهم في شخصية متكاملة في جوانبها الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية، حتى يتحقق الهدف من التربية وهو تكوين الشخصية المتكاملة المتمتعة بالصحة النفسية من خلال القدرة على التكيف النفسي والاجتماعي ويوجد بعض الحالات التي تحتاج أدوية أو مهدئات وذلك لمن لديه اضطرابات( توحد، اضطراب فرط نشاط).

بدورها شيرين درويش موجهة تربوية أكدت أن السلوك العدواني غالبا يكون في مرحلة الطفولة والمراهقة ويختلف من طفل لآخر فمنهم من يعتدل سلوكهم تلقائياً وتزول المشاكل التي يقومون بها مع مرور الوقت، مشيرة إلى أن جميع الأطفال يقومون بسلوك عدواني من دافع التنافس، غيرة، محاولة الدفاع عن النفس، المشاجرة، التخريب، وهنا يجب التمييز بين السلوك العدواني والعدوانية فالسلوك العدواني له عدة أشكال تتفاوت شدته وممكن أن يكون عابر أو مجرد ردة فعل للأذى على شخص ما ويكون بشكل لفظي أو بدني وتتم معالجته بطريقة بسيطة أما العدوانية ظاهرة يمارسها الأفراد بأساليب متعددة ومتنوعة لا تمارس على شخص معين بل تكون عمومية على الجميع إن كان إنسان أم حيوان فهي استخدام القوة الجسدية لضرب مبرح أو تدمير ممتلكات وإلحاق الأذى بالآخرين أو السب والشتم والسخرية والتحقير وهنا يجب التدخل من قبل الأهل والأخصائيين فمعالجة السلوك العدواني عن طريق تعديله وتوضيح الضرر الكبير منه للشخص نفسه ولكل الأشخاص المحيطة بتعديله عن طريق تعزيز سلوكيات ايجابية كـ( حوار مع الطفل العدواني وإعطاؤه هدية ما كي نمنحه شعور عند الابتعاد عن سلوك سيئ يتم تعزيزه بهدية أما إذا زادت الحالة وتكررت فيجب أن نستخدم الحرمان لنشاط محبب له وتدريب الطفل والمراهق على ضبط الغضب عن طريق تنفس عميق واسترخاء وتعزيز الإرادة عن طريق تنمية الذكاء العاطفي التي تعد مهمة ومهارة للسيطرة على الذات والدفاع عن نفسه وحمايته من السلوكيات الخاطئة ونتائجها وتوضيح الأمر للطفل كي يصبح واعي وناضج يعرف مشاكله أين وكيفية السيطرة عليها ومعالجتها والتركيز على عدم معاملته كمجرم كي لا يتفاقم السلوك عنده بل يجب احتوائه والتعامل بطريقة صحيحة.