طقطقة “العلكة” ؟!
بشير فرزان
تكشف مواقع التواصل الاجتماعي التي تتزاحم صفحاتها بإخبار امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية عن الكثير من السلبيات التي ترصدها وقائع الحياة الامتحانية وتحديداً مايخض الأجواء داخل القاعات التي تضج بالمخالفات الامتحانية وفي مقدمتها حالات الغش والتصرفات غير المقبولة من قبل المراقبين الذين تناسوا مسؤولياتهم وانشغلوا عن مهامهم الأساسية ومن هذه المشاهد أن إحدى المراقبات استفزت الطلاب بعلكتها التي كانت “تطقطق” بها فوق رؤوس الطلاب إلى جانب كلمات التهديد والوعيد بسحب الأوراق في حال أي تحرك داخل المقعد مماتسبب بتوتر الطلاب وفي مقابل هذا المشهدهناك قاعات امتحانيه تنبض بالمخالفات والممارسات الخاطئة حيث يشرعن المراقب أو المراقبة الغش بجعله حالة جماعية ومتاحة بكل يسر وسهولة مع إمكانية إدخال أوراق الإجابات إلى الطلاب وهذه الحالة عامة في جميع المراكز وفي مختلف المحافظات .
وطبعاً هذه الأجواء الامتحانية التي تتسم بالفوضى وانتشار الغش تعزز الثقافة الخاطئة وتزيح مقولة “لكل مجتهد نصيب ” فهذا الطالب الذي ينجح بالاعتماد على الغش يخلّف نتائج كارثية على الحياة الجامعية ولاشك أن الاقتراب من الواقع أكثر وملامسة حقائقه يستوجب الاعتراف بأنه لم تسلم أي مادة من وجود الغش بحيث باتت الشكوك تدور حول غالبيةالمراكز الامتحانية وعمليات الغش فيها ليست بالأمر السري وباتت طرقها معروفة ولاشك أن تفاقم هذه الحالة لتصبح الممارسات بشتى أنواعها وإشكالها موجودة بالعلن وعلى مرأى المراقبين وبشكل يهدد مستقبل الشهادة السورية بما يجعل منها قضية من الدرجة الأولى لا تقل أهمية عن القضايا الأخرى التي تنهش بالمجتمع من الناحية العلمية والتربوية والأخلاقية والاقتصادية .
ولاشك إن تأكيد وزارة التربية حرصها على نزاهة الامتحانات ومتابعة حالات الغش ومعاقبتها للحفاظ على السوية العالية للشهادة السورية لايكفي ولايحقق الهدف خاصة مع كثرة وتنوع حالات الغش التي يشكل جهاز المراقبة جزءً أساسياً ومساهماً فيها ويتحمل مسؤوليتها وليس كف يد عدد من العاملين في المراكز الامتحانية وإحالتهم إلى المحكمة المسلكية لإخلالهم بالعملية الامتحانية إلا دليل واضح على تورط وشبهات تلاحق الكوادر الوزارية رغم أن ماتم ضبطه يعد قليلاً ومتواضعاً ويمثل تماما حالة “ذر الرماد في العيون “.
ومن المؤلم أيضا أن تتحول الآراء والتكهنات بعدم الجدية في المحاسبة وغياب الرقابة والتقاعس في أداء المهمة الرقابية إلى قناعات ثابتة لدى الناس بفشل العملية التربوية وضعف أداء مؤسساتها خاصة مع استحواذ التشخيص على طاولات الجهات المعنية التي تشهد سباقاً في مضمار التحليل والتفسير وشرح الأسباب وتفنيد طرق وأساليب الغش ومن ثم الوصول كالعادة إلى نقطة البداية ذاتها المتمثلة بعقد المزيد من الاجتماعات وتكثيف الرقابة من داخل المكاتب وبالكاميرات ليبقى هذا الحراك دون نتائج واضحة على أرض الواقع كونه حراك معاق وعاجزعن تطبيق إجراءات حقيقية رادعة وناظمة للعملية الامتحانية ومايعزز هذه الحقيقة كثرة المتدخلين بعمل المراكز الامتحانية وسطوة بعضهم على أداء المراقبين الذين ينزلقون في نفق بيع الضمائر حيث تنتهي القصة دائما بالتخدير العام دون إن يطال مبضع المساءلة والمحاسبة أي مخالف!.