ارتفاع غير مسبوق بأسعار ألبسة البالة في طرطوس وكسوة العيد “بالدين”!
دارين حسن
لم يقتصر ارتفاع الأسعار قبيل العيد على المواد الغذائية والاستهلاكية اليومية في أسواق مدينة طرطوس وريفها، بل تعداه ليشمل كافة مستلزمات المعيشة، ووصل لهيب الأسعار إلى الألبسة المستعملة “البالة” من ثياب وأحذية، في ارتفاع غير مسبوق زاد عن الـ 60% عن العام الفائت، حيث بات من الصعب على ربّ الأسرة تأمين كسوة العيد لأبنائه إلا من خلال التقسيط أو “الدين” إلى أجل غير مسمّى طالما الراتب منكمش والأسعار نار!.
جولة حزينة!
في جولة ميدانية لـ”البعث” على بعض محال الألبسة المستعملة بأسواق المدينة شهدنا إقبالاً ضعيفاً قياساً بالعام الماضي، وهذا أمر طبيعي نظراً للحالة المعيشية الصعبة بسبب ضعف الرواتب والأجور وعدم وجود ضوابط للأسعار، إذ أعربت الطالبة الجامعية “ريتا” عن شغفها بقطع البالة وتحديداً كنزات القطن الأصلية (قطن ١٠٠%)، في حين أن قطن الألبسة الجديدة يدخل به النايلون بنسبة معينة بحسب تعبيرها، ولم تخفِ أم عبد ارتيادها للبالة في كل موسم وقبل كل مناسبة، مشيرة إلى أن ما تغيّر هذا العام هو استدانتها الثياب وفتح حساب لدى صاحبة المحل، على أن تدفع كلّ شهر قسطاً معيناً بالاتفاق مع البائعة، مضيفة: إن أسعار الألبسة والأحذية الجديدة كاوية ولا تتوفر المقدرة الشرائية لاقتنائها، حيث وصل سعر بنطال الجينز الولادي إلى ٨٥ ألف ليرة وفستان لطفلة صغيرة وصل إلى حد الـ١٥٠ ألف ليرة!.
ضبط الأسواق
وبالمقابل، أيّدت السيدة صفاء كلام أم عبد لكنها استهجنت ارتفاع الأسعار في البالة إلى هذا الحدّ، قائلة: سابقاً كنت أشتري الفستان النسائي بعشرة آلاف واليوم يفوق الخمسين ألفاً، كما لا يقلّ سعر الحذاء في البالة عن ٦٠ ألف للصغار والكبار لا بل إن أحذية الكبار وصلت حدّ الـ100 ألف وأكثر!، فيما تساءل آخرون: كيف سيكون حال الموظفين ورواتبهم بالكاد تكفيهم أياماً قليلة لشراء بعض المتطلبات؟!.
عدد آخر من المواطنين قالوا إنهم بانتظار زيادة الرواتب التي يحكى عنها بكثرة، لعلها تكون بنسبة جيدة جداً، فهي إن تمّ إقرارها قبل العيد ستكون أجمل عيدية، لكن بشرط أن تُضبط الأسعار ليستفيد المواطنون من تلك الزيادة وغير ذلك لا ستذهب لجيوب التجار.
يضاهي الجديد
وأعرب أبو زياد الذي يصطحب ولديه لشراء كسوة العيد عن ارتياحه لوجود بعض محال البالة التي يشعر أصحابها بحال المواطن، لكن بالعموم هناك محال لا ترحم بالسعر، حيث تصل أسعارها في بعض الأحيان إلى أكثر من سعر الألبسة الجديدة، بحجة أنها ألبسة أوروبية وبعضها غير ملبوس وتعمّر طويلاً، مقارنة بالألبسة المنتجة محلياً أو المستوردة وذات مواصفات سيئة.
تقدير الظروف
أصحاب محال البالة اعترفوا أن الألبسة المستعملة بعضها غالٍ ويفوق قدرة المستهلك، وعزوا الأسباب إلى ارتفاع سعر رصة الثياب وتحكم التجار بالسعر محتجين بتذبذب سعر الصرف، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة الـ60% قياساً بأسعار العام الماضي، إثر ارتفاع سعر الصرف وزيادة أجور النقل، مبينين أن الألبسة المستعملة تدخل إلى المحافظة من دول الجوار ومن خلال تجار يتحكّمون بالسعر، إذ وصل سعر الرصة هذا العام إلى خمسة ملايين ليرة، كما توجد رصات بثلاثة ملايين، مؤكدين أن الحركة الشرائية محدودة جداً هذا العام وأكثر الناس تلجأ للدين أو تدفع لصاحب المحل بالتقسيط المريح، وقال أحد الباعة: نقدّر ظروف وأوضاع المواطنين ونساعدهم في تلبية متطلبات أبنائهم لأن الظروف الاقتصادية خانقة، والمقدرة الشرائية محدودة.
الجودة معيار
ورداً على سؤال حول الجهة التي تحدّد سعر القطعة، اتفق الباعة على أن جودة القطعة هي المعيار، كما يتعلق السعر بوضع البائع إن كان محله ملكاً أو إيجاراً، وموقعه أيضاً يلعب دوراً في السعر المعلن، موضحين أن الألبسة تصنف لنخب أول وثاني وثالث، وبحسب نوعها يحدّد سعرها، وبذلك تراوح سعر فستان لطفلة بين ٤٥-٦٠ ألفاً في حين أن سعره جديد يصل إلى ١٥٠ ألف ليرة، كما تراوح سعر البلوزة النسائي بين ٣٥- ٥٥ ألف ليرة والبنطال الجينز النسائي بين ٥٠-٧٥ ألفاً، والشورت الولادي قارب الخمسين ألف ليرة!.
المواد المدعومة
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بطرطوس نديم علوش أوضح أن مهنة البالة غير مرخصة قانوناً وغير منظمة، لافتاً إلى أن أسعار بعضها يضاهي الجديد، ولا يوجد توجّه وزاري بإغلاقها كونها مصدر عيش للكثير من الأسر وحاجة ماسة للكثير من المواطنين ولاسيما في هذه الظروف، مضيفاً: مع بداية الموسم الصيفي يتمّ التركيز على المواد المدعومة من دقيق وخبز ومحروقات، وكذلك مستلزمات العيد والمواد الغذائية وصلاحيتها تزامناً مع حلول الصيف وانقطاع الكهرباء، دورياتنا متواجدة ومستمرة بعملها، إضافة إلى تلقي الشكاوى على مدار الـ٢٤ ساعة، داعياً إلى تكريس ثقافة الشكوى لدى المواطنين لمساعدة عناصر التموين على القيام بمهامهم وتقيّد البائعين بهامش الربح الذي حدّدته الوزارة.
وأشار علوش إلى ضرورة تعديل المرسوم رقم ٨ لعام ٢٠٢١ بحيث تصادر المادة التي ليس بها فاتورة، وأن ضبط الـ١٠٠ ألف ليرة لا يحلّ المشكلة ولا يضبط الأسواق ويفترض أن يكون ٥٠٠ ألف بالحدّ الأدنى.