نقابة الصيادلة تعتذر عن الإجابة!.. الدواء السوري يتربع على عرش صيدليات الدول المجاورة و”بح” على رفوف صيدلياتنا!!
البعث الأسبوعية – ميس بركات
لم تفلح الزيادات المتكررة لأسعار الأدوية في ضبط سوق الدواء الذي لطالما ساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي ووصل إلى مستويات قياسية في الجودة والفعالية مقارنة بدول كبيرة، إلّا أنه ومنذ السنوات الأولى للحرب شهد تراجعاً بتواتر مخيف لنصل اليوم إلى مئات إشارات الاستفهام حول تواجد الدواء المحلي السوري حاملاً عبارة “للاستخدام المحلي” في دول مجاورة؟ إضافة إلى مدى فعالية الدواء المحلي وجودته، وهل أفلحت زيادة أسعاره بزيادة فعاليته أم أن العكس كان الصحيح دوماً!
عزوف عن العمل
وبين الأرقام المُحدّثة والموضوعة من قبل وزارة الصحة لأسعار الأدوية والأرقام الحقيقية التي يدفعها المواطن في الصيدلية ثمن لهذه العبوات آلاف ليست بالقليلة لم تكبّد الصيدلاني جهد أكثر من شطب صغير على “التسعيرة” أو إضافة أصفار وجد لنفسه الأحقيّة بقبضها، لاسيّما وأن أغلب الأرباح تعود للمعامل والصيدليات في حين يبقى للصيدلاني “الفُتات” –بحسب الصيدلانية رنا الصالح- والتي وجدت بإغلاق صيدليتها وفتح متجر لبيع الألبسة مصدراً للربح الوفير خاصّة وأن أعداد خريجي الصيدلية ازداد خلال الأعوام الأخيرة في الجامعات الحكومية والخاصة ولم يعد سوق العمل يتّسع لهم مع خسائر مؤكدة للعمل وتحقيق الربح في الصيدلية!.
كذلك وجد الصيدلاني “مجد ونوس” أن تسعيرة الأدوية غير مُجدية للمعامل وللصيادلة لاسيّما وأن الصيدلاني لا يتجاوز هامش ربحه من بيع أي علبة دواء أكثر من 20%، ناهيك عن انخفاض عدد المرضى لشراء الأدوية والاستغناء عن الإستطباب إلّا في الحالات الحرجة، وبكثير من اللوم تحدث ونوس عن عدم تجاوز مبيعات أحد الأيام الماضية أكثر من 1000 ليرة ثمن “لاصق طبي”، ليغدو التفكير بالسفر أو التخلّي عن هذه المهنة الخيار الوحيد أمام الغالبية العظمى للصيادلة.
تهريب الدواء
وبعيداً عن استياء الصيادلة من عملهم وعبث البعض منهم بتسعيرة الدواء كان حديث الشارع المحلي خلال الفترة الماضية يتركز على عدم فعالية الدواء المحلي إن وُجد، خاصّة وأن خط التهريب لم يسلم منه الدواء العادي والمُزمن والذي غدا متواجداً في دول أخرى قادماً من بلدنا، في حين كانت حصة الصيدليات المحلية منه صفر في أغلب الأحيان، ولأننا كنا شاهدين على تأمين أحد الأصدقاء علبتين من الدواء غير المزمن والغير متواجد للأسف في صيدلياتنا عن طريق أحد أقاربه من العراق والذي كان يحمل عبارة “للاستخدام المحلي” بصناعة سورية بحتة، اتجهنا بسؤالنا إلى نقيب صيادلة سورية وفاء كيشي التي اعتذرت عن الإجابة لنا ولغيرنا من الوسائل الإعلامية التي أكدت عبر صفحاتها تصدير الدواء ذو الفعالية الجيّدة مع الاحتفاظ بالأقل فعالية ليُباع محلياً، في حين تحدث مصدر في نقابة الصيادلة نفى لـ “البعث الأسبوعية” كل ما ذكر لافتاً إلى أن ما تتناقله صفحات التواصل الاجتماعي لا يخرج عن دائرة تشويه سمعة الدواء المحلّي ومعامل الأدوية ، ولم ينف المصدر وجود تصدير للدواء السوري إلّا أنه محصور بعدد قليل من المعامل لا تتجاوز نسبتها ال15% من عدد المعامل الموجودة لدينا ويتم تأمين حاجة السوق المحلي منه ومن ثم تصدير ما يُراد تصديره، أي أن تصدير الدواء يتم من ذات الإنتاج والفعالية نفسها لا يتم فصل الجيّد للتصدير والسيئ للبيع محلياً، لافتاً إلى عدم توقف تهريب الدواء المحلي كما كل شيء للدول المجاورة، بالتالي فإن أغلب ما يباع في صيدليات الدول المجاورة ويقال أنه ذو مصدر سوري هو حتماً دخل عن طريق التهريب وعبارة للاستخدام المحلي موجودة عليه إلّا أن المرضى معنيون فقط بتأمين دوائهم من مصدر محلي أو خارجي، مشيراً إلى أن تهريب الدواء المحلي ساهم في فقدان تلك الأصناف من السوق المحلية وفوت الفرصة على أصحاب المعامل بتصدير منتجاتهم علماً أن التصدير كان يعوض جزء من خسارتهم في السوق المحلية.
لمصلحة من؟
أمين الشؤون الصحية في اتحاد نقابات العمال عبد القادر النحاس لم يخف صعوبة الحصول على الكثير من الأصناف الدوائية نتيجة فقدانها من السوق الدوائية تحت حجج باتت معروفة للجميع، لافتاً إلى توّجه غالبية المرضى لشراء الأصناف الأجنبية الموجودة في الصيدليات بشكل نظامي أو غير نظامي لاسيّما وأن معظم الأطباء ينصحون بشراء الصنف الأجنبي كونه أكثر فعالية وتواجداً في الصيدليات من الصنف المحلي، وتحدث النحاس عن المطالب المتكررة من العمال في مؤتمراتهم ومجالسهم لتأمين جميع الأصناف الدوائية خاصّة للأمراض المزمنة بفعالية جيدة إلّا أن تلك المطالب لم تلق أذناً صاغية، لتستمر معاناة المرضى والصيادلة وأصحاب المعامل في آن معاً ويتم التوّجه إلى شراء البديل من قبل المرضى من جهة وتخفيف فعالية الدواء المُصنّع محليّاً من خلال تقليل نسبة المادة الفعالة المستوردة، وأشار أمين الشؤون الصحية إلى أن الكثير من المستودعات تقوم بتخزين الأدوية وتقول بفقدانها لاستخدامها كورقة ضغط على وزارة الصحة لرفع أسعار الأدوية لاحقاً وأن التلاعب بتسعيرة الدواء يتم بالتوافق بين الصيدلي وشركات الدواء، والمواطن لا حول ولا قوة له سوى دفع ثمن الدواء حتى لو وصل أضعاف مضاعفة، منوّهاً إلى ضرورة تأنّي وزارة الصحة قبيل اتخاذ أي قرار لجهة رفع سعر الدواء بحيث يتناسب مع أجور المواطنين والوضع المعيشي الحالي, متسائلاً إذا كانت وزارة الصحة أكدت عودة عدد لا يستهان به من معامل الأدوية للعمل بطاقة إنتاجية تؤمن حاجة السوق المحلية من أغلبية الزمر الدوائية، فما سبب هذا الفاقد الكبير في الدواء الوطني، ولمصلحة من يتم إخفاؤه في المستودعات، على حد تعبيره؟
مسح للصيدليات
ومع صدور أي زيادة في أسعار الأدوية المحلية أو خروج أي خبر يُشكك بفعالية الدواء المحلي وتهريبه وتزويره لا زالت وزارة الصحة تدافع “بشراهة” عن معامل الأدوية والدواء المحلي وتؤكد استمرارها بمراقبة معامل صناعة الأدوية، وتقيّدها بالحفاظ على فعالية الدواء وتسعيره بما يناسب أصحاب المعامل من جهة، والمواطنين من جهة أخرى، إضافة إلى قيامها بجولات عشوائية دورية بالتعاون مع مديريات الصحة في المحافظات تؤمن مسح كامل لكافة الصيدليات للتأكد من عدم وجود وتداول الأدوية المزورة أو المنتهية الصلاحية أو المهربة ويتم رفع ضبوط بالصيدليات والمستودعات المخالفة إلى اللجنة المشتركة بين وزارة الصحة ونقابة صيادلة سورية والإجراء الأصولي بحق المخالفين، كما تتم الرقابة على التحضيرات التي يتم تحليلها إلزامياً من قبل مخابر الرقابة الدوائية في الوزارة .