شركات الرعاية في عالم كرة القدم وجه جديد لاستعباد نجوم اللعبة
البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر
دائما ًما تصلنا الصورة الأكثر لمعاناً عن عالم كرة القدم، نتيجة الحرص الكبير من القائمين على هذه الصناعة بجذب أكبر شريحة جماهيرية وزيادتها أكثر فأكثر، ولكن هل حقاً هذه الصورة بذلك اللمعان؟ فلا يمرّ يومٌ دون أن نشاهد ونسمع عن اللفتات الإنسانية ومناصرة القضايا ودعم المختلفين ونبذ العنصرية، وتقديم سلامة اللاعبين والجماهير على الاعتبارات الأخرى.
لكن للأسف الحال ليس هكذا دائماً فهناك ظواهر كثيرة تعكر صفو كرة القدم وشعبيتها، كالعبودية والاستغلال نتيجة تحوّل هذه اللعبة إلى صناعة مربحة جداً تتكالب عليها كل الشركات الكبرى حول المعمورة لنيل حصتها والاستثمار فيها.
واليوم حتى لا نتشعب كثيراً سنبحث في شق واحد يطال الوجه السيء للتعاقد مع النجوم من قبل الأندية الغنية والشركات الراعية وشركات الدعاية، فقد تكون الرواتب التي يتقاضاها النجمان البرتغالي كريستيانو رونالدو أو الأرجنتيني ليونيل ميسي أو غيرهما من كبار لاعبي كرة القدم في العالم خيالية، لكن الأموال التي تدرها عليهم عقود الأحذية والمستلزمات الرياضية تضاهيها ضخامة، فكلنا نذكر ما حدث منذ عدة مواسم، عندما تسبب النجم الفرنسي كيليان مبابي الذي تلهث خلفه الأندية الأوروبية الكبرى، بضجة من خلال الإعلان في حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه على وشك الكشف عن خبر هام جداً، وبدأ الجميع في التخمين بأن الأمر يتعلق بانتقاله إلى ريال مدريد الإسباني أو باريس سان جيرمان.
لكن ما أعلنه المهاجم هو أنه بصدد تمديد العقد الذي وقعه مع شركة المستلزمات الرياضية الأمريكية نايكي، والتي تتعاقد معه منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره، وبعد ذلك بأسابيع معدودة، انتقل المهاجم الفرنسي الأول حالياً، على سبيل الإعارة من موناكو إلى باريس سان جيرمان الذي ترعاه نايكي أيضاً، مع خيار التوقيع نهائياً مع نادي العاصمة الفرنسية مقابل 180 مليون يورو، وكأن المسألة لا تتعلق بارتداء ملابس تلك العلامة التجارية أو غيرها فقط وإنما التسويق كسفراء للشركات الراعية ولديهم التزامات صارمة على صعيد العلاقات العامة.
وحول هذه النقطة يوضح المتخصص بحقوق الصور، فرانك هوكميلر، قائلاً: “الوضع ليس مشابهاً لتولي وظيفة معينة وأن تكون موظفاً لدى صاحب العمل، مع صفقة الرعاية هناك التزامات معينة، فإذا وقعت صفقة مع أديداس أو نايكي أو بوما، فهذا يعني أنهم اشتروا حقوق صورتك”، ويضيف هوكميلر “كل ذلك يتزامن مع حجم معين من متطلبات العلاقات العامة وإدارة الشبكة الاجتماعية”.
لكن تسليط الضوء على منتجاتها يبقى الهدف الأول لشركات المستلزمات الرياضية، وهذا ما تعتقد أنه يستحق الملايين، ويرى كيفن جوفري، المسؤول في موقع فرنسي متخصص بأخبار الملابس الرياضية، أن شركات الملابس الرياضية تستثمر المزيد والمزيد من المال وتريد أن تجني شيئاً في المقابل، لذلك يتم تسخير حسابات اللاعبين على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الترويج لمنتجاتها.
ومن هذه الأمثلة ما يقوم به قطبا كرة القدم العالميين ميسي ورونالدو عندما يكشف كل منهما عن حذاء جديد، الأول من أديداس والثاني من نايكي، والأمثلة كثيرة فعلى سبيل المثال، قام النجم الألماني السابق مسعود أوزيل، بالترويج لشركة أديداس في حسابه على إنستغرام، الذي يتابعه نحو 15 مليون مستخدم، حيث أشار الى أنه تربطه علاقة مدفوعة مع العلامة التجارية الألمانية، ويقال أن المبلغ الذي يتقاضاه أوزيل جراء ذلك يصل إلى 3.7 مليون جنيه استرليني (4.19 مليون يورو) في السنة.
كما أن معظم اللاعبين الكبار يرتبطون بصفقات مماثلة، فلاعب وسط فرنسا بول بوغبا، وقع مؤخراً صفقة لأعوام عدة مع أديداس بقيمة 40 مليون يورو، بحسب التقارير، ورغم اعتزاله اللعب في 2013، ما زال النجم الدولي الإنكليزي السابق ديفيد بيكهام على علاقة مع أديداس أيضاً، فنمط حياة المشاهير الذي يعيشه يتناسب تماماً مع الاتجاهات الرياضية الحالية، وبما أنه خلع حذاءه الكروي، أصبح التركيز حالياً على منتجات أخرى مثل البزة الرياضية السوداء التي كان يرتديها لدى وصوله الى مطار لوس أنجلوس.
أما أغلى صفقات لاعبي كرة القدم مع الشركات العالمية فيتصدرها البرازيلي نيمار دا سيلفا مع بوما (23 مليون جنيه إسترليني) متقدماً على ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، حيث حظي بأكبر وأغلى صفقة رعاية فردية في تاريخ كرة القدم، هي صفقة “بوما” التي بلغت ضعف ما كانت تدفع له “نايكي” من خلال عقد دام 11 عاماً مع العلامة التجارية التي كانت خلفه منذ أن كان عمره 13 عاماً.
وفي المركز الثاني صفقة ليونيل ميسي مع أديداس (18 مليون جنيه إسترليني)، وكما حصل مع رونالدو، حصل ميسي على صفقة ضخمة لمدى الحياة مع “أديداس” بقيمة ضخمة بلغت مليار جنيه إسترليني، ما يجعله ثاني ملياردير يحصل على رعاية الشركة بعد رونالدو، كما أنه أول لاعب كرة قدم يمتلك علامة تجارية فرعية من أحذية أديداس تسمى أديداس ميسي.
وفي المركز الثالث صفقة كريستيانو رونالدو مع نايكي (15 مليون جنيه إسترليني)، وكان رونالدو قد حصل على صفقة مدى الحياة بقيمة 780 مليون جنيه إسترليني مع نايكي عام 2016، وهذا جعله ثالث رياضي يحصل على صفقة مدى الحياة في نايكي إلى جانب ليبرون جيمس ومايكل جوردان، وتبلغ قيمة صفقة رونالدو 15 مليون جنيه إسترليني سنوياً، بعدما ارتدى أكثر من 90 حذاء كرة قدم نايكي.
وفي المركز الرابع صفقة كيليان مبابي مع نايكي (14 مليون جنيه إسترليني) بصفته واحداً من أفضل وأسرع لاعبي كرة القدم في العالم، وكانت قد حصلت حرب مزايدة طويلة عليه بين “أديداس ونايكي”، لكن في عام 2019 شق طريقه إلى نايكي بمبلغ ضخم قدره 14 مليون جنيه إسترليني سنوياً وما مجموعه 140 مليون جنيه إسترليني لصفقة 10 سنوات.
وفي المركز الخامس صفقة ماريو بالوتيلي مع بوما (5 ملايين جنيه إسترليني)، وكانت أولى صفقات اللاعب الإيطالي مع نايكي، وعند انتهائها عام 2013، عرضت عليه بوما صفقة بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني سنوياً، و50 مليون جنيه إسترليني لمدة 10 سنوات، وذلك في ذروة مسيرة بالوتيلي وشعبيته.