إعادة عجلة الإنتاج ورفد سوق العمل بأيد عاملة شابة.. التسويات في درعا تفتح صفحة جديدة لعودة الحياة الطبيعية
“البعث الأسبوعية” – دعاء الرفاعي
آلاف الشباب في محافظة درعا سلكوا طريق الرشد والصواب وسارعوا إلى الإقبال على التسوية التي أطلقتها الدولة السورية مطلع شهر حزيران الجاري.
ولا شك أن ثمة أسباباً عدة دفعت هؤلاء الشباب لتسوية أوضاعهم والعودة إلى الحياة المدنية يتصدرها الرغبة بحياة طبيعية لا تشوبها شائبة.
شاملة
أمين فرع درعا للحزب الرفيق حسين الرفاعي أكد في تصريح خاص لـ “البعث الأسبوعية” أن هذه التسوية هي خطوة جادة وفعالة كونها مختلفة عن التسويات السابقة على اعتبارها شاملة، وشروطها ممتازة بالنسبة للشبان الراغبين بتسوية أوضاعهم، مشيراً إلى أن الإعلان عن هذه التسوية يعتبر خطوة جدّية اتخذتها الحكومة السورية في إنهاء ملفات المسلحين على النحو الذي يقلل من هواجسهم وخوفهم من العودة للانخراط في الحياة المدنية.
وبين الرفاعي أهمية هذه التسويات التي تجنب المحافظة مزيداً من الدماء وتحد من الاغتيالات التي باتت تستهدف كل المواطنين دون استثناء بغرض إثارة الفوضى والعنف، كما تأتي أهميتها من كونها تؤدي إلى إعادة الأمن والأمان وبث روح الاستقرار والطمأنينة في المحافظة من خلال إعادة عجلة الإنتاج ورفد سوق العمل بأيد عاملة جديدة من خلال هؤلاء الشباب.
فرصة استثنائية
وبين الرفاعي أنه لكي تتحقق هذه التسويات وتنعكس إيجاباً على المجتمع بشكل عام وعلى الأفراد بشكل خاص، يجب سحب السلاح وحصره بيد الجيش العربي السوري وقوى الأمن الداخلي فقط، وهو الأمر الذي ستتم معالجته بالطرق السلمية بهدف تجنيب المنطقة أي أحداث أمنية أو عسكرية خلال الفترة المقبلة.
وأضاف الرفاعي إن مكرمة التسوية هذه تعد فرصة استثنائية لأبناء محافظة درعا وتأتي استكمالاً لمراسيم العفو التي أقرها السيد الرئيس بشار الأسد، ولإتاحة الفرصة بشكل كبير أمام المدنيين والعسكريين للعودة إلى قطعاتهم التي فروا منها، وذلك عبر قدومهم إلى مركز التسويات، وقيامهم بتسوية أوضاعهم، لافتاً إلى أهمية هذه التسويات التي تجنب المحافظة مزيداً من الدماء.
دور عشائري
ولفت الرفاعي إلى دور وجهاء العشائر في حوران في استقطاب هؤلاء الشباب والجهود الكبيرة التي بذلها الوجهاء عبر التواصل مع المجتمع المحلي وحث الشباب وتشجيعهم على العودة إلى جادة الرشد والصواب وتسوية أوضاع الخارجين عن القانون.
وختم الرفاعي بأن عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع المحافظة هو بمثابة عيد وطني لأهالي المحافظة مؤكداً أن السوريين اليوم هم أصحاب القرار في ترتيب أمورهم بعيداً عن أي تدخل من أي جهة، في ظل الانفتاحات والانفراجات السياسية والاقتصادية والعسكرية الكبرى التي رسمتها انتصارات الجيش والشعب السوري.
ونوه الرفاعي إلى الجهد الكبير الذي بذلته جميع الأجهزة والقطاعات العسكرية والمدنية التي عملت على تأمين وتسهيل إجراءات عملية التسوية في المحافظة وخاصة أن انتصارنا على الارهاب كان بفضل عظمة تضحيات الشهداء، لافتاً إلى أن التسويات فرصة لكل من ضل الطريق للعودة والاندماج بالمجتمع والعودة إلى حياته الطبيعية.
رسالة كبيرة
من جانبه محافظ درعا، المهندس لؤي خريطة، أكد أن المهمة كبيرة والرسالة رسالة أداء الواجب الذي يحتم على الجميع أن يكونوا عنصرا فاعلا في المجتمع، لمواءمة كل الرؤى التي وضعها السيد الرئيس بشار الأسد لإحلال الطمأنينة والسلم في ربوع هذه المحافظة، ومنها كل سورية، مشيرا إلى أن الوطنية ليست مجرد كلام، مشدداً على أهمية هذه المكرمة من سيد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد الذي بادل الخطأ بالمحبة، والضلال بالعفو، وأن هذه المكرمة أيضاً تأتي لإرساء دعائم السلم وقمع أية أعمال تخل بالأمن والأمان.
لمواجهة التحديات
وأضاف خريطة أن سورية تعمل جاهدة لعودة أبنائها المغرر بهم إلى حضنها من خلال سلسلة التسويات الشاملة، والتسوية اليوم بمفهومها الشامل تشكل عطاءً كبيراً لأهالي المنطقة وخطوة لترسيخ الأمن والأمان والاستقرار فيها متمنياً على جميع من غرر بهم أن ينضموا إليها للعودة إلى حضن الوطن للمساهمة بإعادة البناء والإعمار.
وأشار خريطة إلى أن هذه الحشود الغفيرة من أبناء محافظة درعا والإقبال الكبير الذي تجاوز منذ بداية عملية التسوية وحتى آخر يوم منها 25 ألف شخص من الفارين والمتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، إضافة إلى أبناء المحافظة المقيمين خارج القطر وتمكنوا من تسوية أوضاعهم عن طريق أحد أفراد أسرتهم الموجودين داخل سورية، ما هي الا تعبير عن حالة الوفاء والولاء للوطن ولقائده السيد الرئيس بشار الأسد، مبيناً أن الوطن اليوم بحاجة إلى وقوف كل الشرفاء معه، لإعادة البناء والإعمار، ومواجهة التحديات الصعبة، لافتا إلى أن التسويات المتواصلة في ربوع هذه المحافظة تساهم في لم الشمل، وتسهيل أمور الحياة على المواطنين، تمهيداً لمشاركتهم جميعاً في عملية بناء الوطن، وتحصينه والدفاع عنه.
وأشار إلى أن مكرمة العفو هذه هي تقدمة حضارية وإنسانية لعودة أبناء الوطن الضالين إلى حضنه، كما أشاد بدور الأهالي الذين أتوا بأبنائهم لتسوية أوضاعهم معاهدين أنفسهم والوطن بأن يكونوا الجند الأوفياء خلف قيادته المظفرة، والسواعد القوية في مرحلة إعادة الاعمار.
وبين خريطة أن الإقبال الكبير دفع الجهات المعنية في المحافظة إلى تمديد عملية التسوية، لعدة أسابيع وذلك بهدف إتاحة الفرصة لجميع أبناء المحافظة ممن منعتهم الظروف من القدوم خلال الأسبوع الأول منها، مشيراً إلى أن العملية تمت بيسر وسهولة ودون معوقات، وقد ساهم في ذلك الاستعدادات المسبقة التي تم اتخاذها قبل أيام سواء لجهة مكان التسوية أم لجهة متطلباتها اللوجستية بما يضمن نجاحها.
بيئة سليمة
عضو مجلس الشعب الدكتور أحمد السويدان لفت إلى أن ما يجري اليوم من استكمال للتسويات هو خير تجسيد لمسيرة المصالحات الوطنية الصادقة التي تهدف إلى توفير بيئة سليمة لعودة كل من غرر بهم إلى حياته الطبيعية، مشيراً إلى أن عمليات التسوية والتصالح والتسامح مستمرة في المحافظة، ولم تتوقف منذ عام 2018، عام تحرير المحافظة من رجس الإرهاب. وبين السويدان أن هذه التسوية والتي تم من خلالها تسوية أوضاع آلاف الشبان والشابات وكل من غُرر بهم ليعودوا إلى حضن الوطن ويمارسوا أعمالهم الطبيعية ضمن الأنظمة والقوانين السورية هي مكرمة عظيمة من قائد الوطن، حيث جاءت مكرمات السيد الرئيس بشار الأسد المتتالية لتوطيد وإعادة بناء اللحمة الوطنية لجميع شرائح المجتمع السوري الذي كنا نتغنى بلحمتها الوطنية وانتمائها اللا محدود لسورية، مضيفاً أن هذه التسويات هي تكريس لعمليات إعادة الإعمار والبناء وتكريس للأمن والأمان والاستقرار والنهوض في جميع مناطق المحافظة والمحافظات السورية بشكل عام.
من جانبه رأى عضو مجلس الشعب فاروق حمادي أن التسويات التي حصلت جنبت المنطقة ما لا يحمد عقباه، مؤكدا أنها خطوة مهمة لعودة حالة التعافي إلى كامل محافظة درعا، وهي تمهيد لعملية استقرار شاملة والانطلاق إلى مرحلة العمل، داعيا هؤلاء الشباب الذين سووا أوضاعهم إلى الوقوف إلى جانب وطنهم الأم والالتحاق بقطعهم العسكرية إلى جانب رفاقهم في الجيش العربي السوري، موضحا حالة الاستقرار التي تعيشها المحافظة اليوم في ظل حالة التعافي والأمن والهدوء التي رافقت التسويات.
الدولة هي الضامن
وأشار عدد من شيوخ ووجهاء العشائر إلى أن التوافد الكبير إلى مركز التسوية في مدينتي درعا والصنمين هو تأكيد على رغبة جميع أبنائها المغرر بهم للعودة إلى حضن الوطن حيث قال الشيخ عبد الكريم الدندل: إن ما شهده مركز التسوية إنما هو رسالة واضحة وجلية بأن كل من ابتعد عن كنف الدولة في مراحل سابقة أدرك أن الدولة السورية هي الضامن الوحيد لأمنه وأمانه وحياته وممتلكاته.
وأكد عدد من الوجهاء أن دورهم يأتي من منطلق الإيمان بالوطن في التواصل مع أبنائهم وحثهم على الانضمام للتسوية ليتمكنوا من العودة إلى مناطقهم وقراهم وممارسة حياتهم الطبيعية والمساهمة في إعادة إعمار الوطن وبناء المستقبل.
طي صفحة
عدد من الذين سوّوا أوضاعهم أكدوا أنهم سارعوا إلى الانضمام إلى التسوية بعد أن توضحت لديهم أهميتها في طي صفحة سوداء عمرها سنوات والعودة إلى كنف الدولة والشروع بممارسة حياتهم الطبيعية دون منغصات، ولا سيما أنه تقع على عاتق فئة الشباب مهمة الدفاع عن وطنهم سورية الضامن الوحيد والحقيقي لجميع أبنائه.
وكانت الجهات المعنية مددت فتح باب التسويات على مدى ثلاثة أسابيع بعد انضمام آلاف الشباب إليها، والدفق الكبير من الراغبين في التسوية، حيث شملت التسوية كل الذين فروا من الخدمة العسكرية أو الشرطية والذين تخلفوا عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، والذين حملوا السلاح ضد الدولة السورية. وهي مشابهة لتسويات سابقة جرت في محافظة درعا، حيث تعدّ هذه التسوية الخامسة التي تشهدها المحافظة منذ دخولها اتفاق التسوية الأول في عام 2018.