“بأس الأحرار”.. الاحتلال عاجز عن المواجهة
تقرير إخباري
سَيسيل حبرٌ كثيرٌ قبل أن يجد الاحتلال الإسرائيلي تفسيراً لما جرى في جنين ومخيمها في صباح التاسع عشر من حزيران، من تفجير عبوات ناسفة بآلياته العسكرية واستدعاء الطيران المروحي لأول مرة منذ اقتحام المخيم في 2002 والمجزرة التي ارتكبها حينها المجرم شارون، فالعملية التي سعت من خلالها حكومة الاحتلال للفت الانتباه عن فشلها داخلياً، جاءت لتؤكد المأزق الذي يعيشه الكيان في عدم تقدير القدرات المتنامية للمقاومة في كل مدن الضفة الغربية وليس فقط في جنين، وأن الاقتحامات التي كان يظن أنه قادر على تحقيق إنجاز من خلالها باتت اليوم تشكّل تهديداً حقيقياً لجيشه وقواته الأمينة التي أظهرت عجزاً وفشلاً كبيرين في مواجهة أبطال عملية “بأس الأحرار” حيث استغرقت أكثر من ثماني ساعات لإجلاء جرحاها من أرض المعركة. ومن جهة أخرى فإن ما جرى اليوم يؤكد أن المقاومة الفلسطينية في تطوّر مستمر، وهذا ما أشار إليه أمين عام الجهاد الإسلامي زياد نخالة من أن المواجهة في جنين إنجاز مهم للمقاومة بأسلحة متواضعة، واستمرار لمعركة وحدة الساحات، وامتداد لثأر الأحرار.
واليوم تعود جنين ومخيمها لتحفر عميقاً في الوعي الفلسطيني والعربي، كما فعلت سابقاً، بكونها مدينة عصية على الاحتلال على الرغم من كل الجرائم التي ارتكبها المحتل بحقها وبحق أهلها، حيث استطاعت أن تنهض من جديد وتكون النواة الصلبة لاستنهاض المقاومة في طولكرم ونابلس وجبع، وغيرها.
أمام هذا الأمر، سعى الاحتلال إلى محاولة تطويق ما يجري في الضفة من خلال إطلاق عملية كاسر الأمواج التي كان مخططاً لها القضاء على أي نشاط للمقاومة فيها، ولكنه اصطدام بواقع جديد، تدرج من العمليات النوعية إلى المناوشات والإشغال الليلي والمواجهة، وصولاً إلى الإعلان عن تأسيس كتائب مسلحة في معظم قرى ومدن الضفة، وليس انتهاءً بما جرى في الأمس.
إلى ذلك، لم تتوقف الأخبار والتحليلات في صحافة العو عما جرى في جنين، وخلص المحللون والصحفيون “الإسرائيليون” إلى أن جيش الاحتلال لم يفقد السيطرة على جنين فحسب، بل فقد الثقة في قدرته على دخول المدينة والخروج منها، وهذا بحدّ ذاته تطوّر خطير، أما الأخطر برأيهم فهو العبوات الناسفة التي تُفجّر عن بعد، والتي يشير استخدامها إلى بداية مرحلة جديدة شبيهة بما كانت تقوم به المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان.
وعلى الرغم من تصريحات وزير الحرب يوأف غالانت وتوعّده بعمليات هجومية، ودعوة الوزير المتطرّف بتسلئيل سموتريتش إلى شن عملية عسكرية باستخدام الطائرات الحربية، في الوقت الذي يدرك فيه أن جيشه غير قادر على مواجهة ذلك في المستقبل، فقد كشف محللون أن جهاز الشاباك يعارض شنّ عملية عسكرية واسعة شمال الضفة بسبب التطوّر الكبير في قدرات المقاومة في جنين ومحيطها، والمخاوف من انتقال التوتر إلى باقي مناطق الضفة، بالإضافة إلى استراتيجية وحدة الساحات التي تنتهجها فصائل المقاومة في سياق المواجهة المفتوحة.
ما جرى في جنين دقّ ناقوس الخطر في كيان الاحتلال الذي عدّه خطراً وجودياً، فالضفة الغربية بما تمثله في العقيدة التلمودية الصهيونية هي ركن أساسي في قيام الدولة اليهودية المزعومة “يهودا والسامرة”، وبالتالي فإن خسارتها تعني عملياً بداية أفول الكيان الصهيوني واندثاره، لذلك سيفكّر قادة الاحتلال كثيراً قبل الإقدام على أيّ عمل فيها، لأن النتائج العكسية قد تقود إلى انتفاضة كبرى، ولن تكون مثل سابقتها.
إبراهيم ياسين مرهج