كسوة العيد خارج حسابات الدخل المحدود
حلب – معن الغادري
بدت حركة الأسواق عموماً وسوق الألبسة خاصة في حلب ضعيفة جداً، على خلاف الأيام السابقة التي تسبق قدوم العيد، إذ تراجعت حركة العرض والطلب مع بدء العدّ التنازلي لاستقبال عيد الأضحى المبارك وبشكل ملحوظ، ومردّ ذلك ارتفاع أسعار الألبسة وبشكل غير مسبوق، ما زاد من العبء على ربّ العائلة الذي يعيش بين سندان دخله المتواضع والمعدوم، ومطرقة ما تتطلبه أسرته من احتياجات يومية وموسمية، إذ لا يكفي دخله الشهري لشراء قميص لابنه، فكيف الحال إذا كانت أسرته مكونة من أربعة أو خمسة أشخاص؟، هذا إذا استثنيا ما تحتاجه أسرته من طعام وأجور تنقل واتصالات وتعليم وطبابة وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية.
وخلال جولة “البعث” في عدد من الأسواق الرئيسية، عزا مواطنون أسباب تراجع حركة الشراء، إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنونيّ وعدم تناسبها مع مداخيلهم اليومية أو الشهرية.
يقول أبو صبحي (موظف): بالتأكيد أنا لست سعيداً، فالظروف المعيشية الضاغطة، وضعف الدخل، أجبرتنا على الاستغناء عن الكثير من الاحتياجات، مضيفاً أن خيار الألبسة المستعملة لم يعد متاحاً وممكناً، فهي الأخرى أسعارها ارتفعت بصورة جنونية خلال الآونة الأخيرة، وتعادل أحياناً أسعار الألبسة الجديدة.
أبو محمود (رب أسرة مكونة من ثلاثة أشخاص)، اعتبر أنه في ظل الارتفاع اليومي واللحظي للأسعار على مختلف السلع والمواد والألبسة وغيرها، فإن راتبي لا يكفي لشراء قميص لي أو لابني، إذ أحتاج لأكثر من مليوني ليرة لإكساء أولادي الثلاثة، وتأمين الحدّ الأدنى من مستلزمات عائلتي بمناسبة العيد.
السيدة عائشة أشارت إلى أنها تخلّت ومنذ فترة طويلة عن الكثير من الأمور، مثل اللحوم والحلويات والفواكه، ومنذ عامين عن ألبسة العيد، والتي خرجت تلقائياً من حساباتها، نظراً لارتفاع أسعارها بشكل جنوني وعلى نحو يعجز فيه أي ربّ أسرة من إكساء فرد واحد من عائلته، حتى ولو لجأ إلى سوق الألبسة المستعملة (البالة) والتي زادت أسعارها عن السابق بصورة خيالية.
وحول أسباب ارتفاع أسعار الألبسة بنسب زادت عن العام الماضي إلى نحو %300 وتراجع مستوى البيع قياساً إلى مبيعات العام الماضي، يقول رئيس جمعية الخياطة والألبسة بحلب نضال حوري إن حال قطاع الألبسة مثله مثل غيره، يعاني من صعوبات ومشكلات كثيرة، لجهة صعوبة تأمين المواد الأولية وارتفاع أسعارها وكلف تصنيعها وارتفاع أجور العمالة، ويعود ذلك إلى عدم ثبات سعر الصرف الذي أدى بالنتيجة إلى ارتفاع أسعار التكلفة نظراً لاستيراد أغلب المواد التي تدخل بصناعة الألبسة مما أثر على أسعارها وأصبحت غالية الثمن على ذوي الدخل المحدود والمتوسط، علماً أن عملية التسعير تتمّ من خلال لجنة تتبع لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وفق معايير ومواصفات الجودة وكلف التصنيع من كميات القماش المستخدم والخياطة ومتممات العمل، وغالباً ما يكون سعر ألبسة الأطفال أعلى من ألبسة الكبار نظراً لأنه يكون بها نسبة هدر أكثر من ألبسة الكبار، ويطلب من المصنع تقديم بيان تكلفة وعلى ضوئها يتمّ تحديد الأسعار، وأي مخالفة يخضع مرتكبها إلى غرامة مالية وإلى سجن 3 سنوات وفق المرسوم رقم /8/.
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس أحمد سنكري أوضح بدوره أن هناك محددات وضوابط واضحة لصناعة وبيع الألبسة، وهي خاضعة كغيرها من السلع المتداولة للرقابة الصارمة، لجهة التصنيع والجودة والأسعار، ودوريات حماية المستهلك تتابع لحظة بلحظة حركة السوق، داعياً المواطنين إلى عدم التردّد في تقديم الشكوى في حال تعرضهم لأي حالة غش أو غبن، مؤكداً أن هذا التعاون يقلل من المخالفات ويسهل عملية ضبط السوق والأسعار، ويشكل رادعاً لدى التّجار، وبالتالي يجنّب المواطن الوقوع ضحية الغش والاستغلال.