هل وقفت واشنطن وراء التمرّد المسلّح في روستوف؟
تقرير إخباري:
بالقياس إلى الجهد الاستثنائي الذي تبذله واشنطن في محاولاتها استدراج الدبلوماسيين الروس في الخارج، والضغوط المستمرّة التي تمارسها على البعثات الدبلوماسية الروسية في نيويورك، وحتى عن طريق حلفائها الغربيين، وحملة العداء الواسعة التي يشنّها الغرب على كل ما هو روسي “روسوفوبيا”، ليس غريباً أن تتبادر إلى الأذهان إمكانية تورّط واشنطن بشكل أو بآخر في أحداث السبت الفائت في مقاطعة روستوف الروسية، حيث قاد مؤسّس مجموعة “فاغنر” الروسية يفغيني بريغوجين تمرّداً مسلّحاً أعلن من خلاله استيلاء المجموعة على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية، بُعيد تصريحاتٍ أدلى بها حول مزاعم شنّ القوات الروسية هجماتٍ صاروخية وبالقنابل على معسكرات شركته العسكرية الخاصة، وذلك في تبرير مسبّق لما يمكن أن يقوم به لاحقاً.
فقد كشف موقع “أكسيوس” أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمر مسؤولي البعثات الدبلوماسية الأمريكية في العالم بالامتناع عن التعليق على محاولة التمرّد في روسيا السبت الماضي.
وأفاد الموقع نقلاً عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين، بأن بلينكن وجّه برقية إلى جميع مسؤولي وزارة الخارجية بعدم مناقشة الوضع في روسيا مع أي طرف، طالباً منها أن تقتصر إجاباتها بأن “الولايات المتحدة تراقب الوضع”.
وفي اليوم السابق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر: إن الولايات المتحدة أجرت اتصالاتٍ مع السلطات الروسية على مختلف المستويات يوم السبت 24 حزيران، ونفت خلالها تورّطها في محاولة التمرّد.
وصرّح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن السفيرة الأمريكية لدى روسيا الاتحادية لين تريسي، أكدت خلال اتصالاتها يوم السبت الماضي، مع مسؤولين حكوميين في موسكو، أن واشنطن لم تشارك في الأحداث مع مجموعة “فاغنر”، معربة عن أملها في أن يتم ضمان سلامة الأسلحة النووية الروسية، وذلك استباقاً لما يمكن أن تكشف عنه التحقيقات.
ولكن ما أفادت به قناة “سي إن إن” من أن الاستخبارات الأمريكية جمعت معلوماتٍ مفصّلة ودقيقة عن خطط مؤسس شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة قبل تمرّده، ولم تكشف عنها للحلفاء، يلقي بظلال من الشك على الدور الأمريكي غير المعلن فيما حدث، وخاصة أن هذه المعلومات لم توزّع إلا على عدد محدود من المسؤولين في الولايات المتحدة ذاتها، وخصوصاً ما يُعرف بـ”عصابة الثمانية” في الكونغرس، الذين يتمتعون بإمكانية الاطّلاع على المعلومات الاستخباراتية الحساسة، بينما نقلت “سي إن إن” عن مسؤولين في الناتو قولهم: إنهم أعربوا عن خيبة أملهم إزاء عدم مشاركتهم المعلومات من الاستخبارات الأمريكية، ولم تبلغ واشنطن أوكرانيا بالمعلومات التي كانت لديها، خوفاً من اعتراضها “من الخصوم”، في الوقت الذي أحاطت به مسؤولين بريطانيين بهذه المعلومات.
وكانت شبكة “سي إن إن” الأمريكية كشفت نقلاً عن مسؤول كبير، أن الولايات المتحدة توقّعت أن تكون محاولة العصيان المسلّح في روسيا “أكثر وحشية ودموية” وفوجئت بالنهاية السلمية للأحداث.
كل ذلك ربّما يشير بطريقة أو بأخرى إلى أن واشنطن كانت على علم مسبّق بالسيناريو الذي حدث، إذا لم تكن ضالعة بشكل مباشر فيه، وإلا فلماذا تمتنع عن التعليق على الأحداث وهي التي تبادر دائماً إلى الاستفادة من مثل هذه التطوّرات في جميع الدول؟.
وهذا يؤكّد من جهة ثانية أن الولايات المتحدة كانت لديها شكوك كبيرة بإمكانية نجاح هذا المخطّط ولذلك تريّثت كثيراً قبل الإعلان عن موقفها مما يجري، وغطّت ذلك كله بخشيتها على الأسلحة النووية الروسية.
طلال ياسر الزعبي