دراساتصحيفة البعث

من العدل إلقاء النظر على سجل حقوق الإنسان في أمريكا

عائدة أسعد

بدأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دورته الثالثة والخمسين، وكالعادة سيتمّ مناقشة تعزيز وحماية حقوق الإنسان، واستعراض أوضاعهم في العديد من البلدان، لكن ليس من المعروف حتى الآن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستكرر ما فعلته في كل جلسة سابقة بتوجيه أصابع الاتهام إلى الآخرين بتقارير ملفقة.

ونظراً لأن جلسات المجلس تتيح الفرصة لمراجعة أداء كل دولة في مجال حماية حقوق الإنسان، فمن العدل  والضروري إلقاء النظر في سجل حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، إذ ليس من الصعب معرفة أن الحقوق والحرية، التي تدعي الولايات المتحدة أنها سمات مميزة لها، ليست سوى “كذبة جميلة”.

تجدر الإشارة هنا إلى أنه عندما وطأت أقدام المتشددين القارة الأمريكية في عام 1620 من قبل ماي فلاور، كانت الخطيئة الأنغلو ساكسونية كبيرة، حيث استضاف السكان الأصليون الوافدين الجدد بالديوك الرومية لملء بطونهم في أول شتاء بارد، لكن في المقابل رد الضيوف بإبادة جماعية ضد أولئك الذين أطعموهم.

لكن المؤرخين الأمريكيين -لتزيين هذا الجزء من التاريخ- غالباً ما يمجدون الحركة الغربية باعتبارها التطور الاقتصادي للحدود الغربية من قبل الشعب الأمريكي، مدعين أنها ساعدت في ترسيخ الديمقراطية الأمريكية، مع حذف المذابح الوحشية للأمريكيين الأصليين، بينما في الواقع خاطر الأمريكيون الأصليون، وهم شعب فريد من نوعه، بعد الحركة الغربية بالاختفاء التام، وعندما تم تصوير القتلة كأبطال في أفلام هوليوود الغربية، أصبحت العدالة للسكان الأصليين شبه مستحيلة.

ليس هذا فحسب، فقد مرّ الأمريكيون الأفارقة بالأمر نفسه، ففي عام 1619 تم بيع أول 20 أفريقياً سوداً كعبيد لمستعمرة فرجينيا، وبدأوا تاريخاً مظلماً من القرن السابع عشر إلى القرن الثامن عشر، حيث تم الاتجار بعدد لا يحصى من الأفارقة، واستعبادهم وإخضاعهم للعمل القسري، حتى أن ووول ستريت الصاخبة تحمل الذكرى كونها سوقاً رئيسياً لتجارة الرقيق الأسود، بعد أن أقرت المستعمرات تشريعاً يعامل العبيد السود على أنهم ملكية حرة بدلاً من كونهم بشراً.

وحتى اليوم، لا يزال التمييز ضد الأمريكيين من أصل أفريقي متفشياً، والتمييز غير المرئي منتشر في كل مكان، ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة هارفارد عام 2020 ، فإن الأمريكيين الأفارقة الذين قتلوا على أيدي الشرطة يزيدون بمقدار 3.23 مرة عن البيض.

بعد الحادي عشر من أيلول، أصبحت الولايات المتحدة أكثر عداءً للأجانب، وتحديداً العرب الذين هم غالباً ما كان يُنظر إليهم على أنهم متطرفون، وقد مُنع الناس في عهد دونالد ترامب، من معظم دول الشرق الأوسط، من دخول الولايات المتحدة. كما أن الآسيويين ليسوا أفضل، فقد شهدت السنوات الأخيرة موجات من جرائم الكراهية ضد الأمريكيين الآسيويين، الذين أصبحوا أهدافاً للعنف المسلح والتمييز المنهجي، لأسباب ليس أقلها أسطورة أن الآسيويين المجتهدين قد سرقوا وظائف الأمريكيين البيض.

والقائمة تطول ولا يحتاج المرء إلى المحاولة الجادة لكشف التاريخ الحقيقي للدم والدموع للأقليات التي تعيش في أمريكا. قد تبقى الحقيقة المشوهة والمزورة مدفونة في الرمال لفترة طويلة، ولكن مع مرور السنين، سيزول ذلك التستر، وتذهب الأكاذيب مع الريح، والآن على مجلس الأمن أن يكشف الحقيقة ويظهر بعض المساءلة.