دراساتصحيفة البعث

إيران تعيد الضوء الى أمريكا اللاتينية

هيفاء علي

أعادت زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لأمريكا اللاتينية دائرة الضوء مرة أخرى إلى صناعة السيارات الإيرانية، حيث دعت الحكومة الفنزويلية إلى إعادة خطوط الإنتاج إلى الخدمة بعد توقف دام ثماني سنوات. ومن المتوقع أيضاً أن يساعد الإيرانيون شركات تصنيع السيارات وقطع الغيار الفنزويلية على استئناف الإنتاج، وإعادة فتح مكاتب الصيانة والبيع في البلاد.

ينظر الخبراء في توسيع أعمال السيارات إلى أسواق خارجية جديدة من خلال الاستفادة من التصنيع المحلي كمفتاح للنمو والتنمية، ووفقاً لمحمد رضا نجف مانيش، خبير السيارات الإيراني، فإن استئناف إنتاج إيران خودرو وسايبا في فنزويلا مسألة ذات أهمية كبيرة لجهة أن إنتاج وتصدير السيارات في أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى زيادة عائدات النقد الأجنبي للبلاد، يوفر فرصة لتنمية التعاون المشترك.

قبل عام 2018، عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات شاملة على إيران، كانت إيران تصدّر السيارات إلى عدد من البلدان، بما في ذلك روسيا وفنزويلا والعراق وأرمينيا وأذربيجان، وكان للعقوبات تأثير مضاعف على صناعة السيارات، حيث عطل توريد المكونات وأدى إلى انخفاض في الإنتاج. ولكن رغم ذلك، أصبحت الصناعة معقلاً للمرونة الاقتصادية عندما تدخلت الشركات المصنعة للأجزاء المحلية لملء الفراغ بمساعدة صناعة الدفاع في البلاد، حيث أنتجت بعض المكونات المهمة التي تعتمد على الواردات مثل وحدات التحكم الإلكترونية، وهكذا أنتجت إيران حوالي 1.2 مليون سيارة في العام الإيراني 1401 الذي انتهى منتصف آذار 2023. وأوضح الخبير الايراني أن تطور الصناعة، وزيادة الإنتاج دفعا الحكومة إلى متابعة الصادرات، وخاصةً إلى أمريكا اللاتينية، وكذلك صناعة السيارات في الخارج.

يُذكر أن زيارة الرئيس الإيراني التي استغرقت يومين إلى كاراكاس، أسفرت عن توقيع مذكرة تفاهم مع فنزويلا لإنتاج وتصدير 200 ألف سيارة في غضون خمس سنوات، وإعادة تشغيل شركة السيارات المشتركة “فونيروتو” التي تأسّست من قبل إيران خودرو وسايبا في ماراكاي، فنزويلا، في عام 2006، في عهد الرئيس السابق هوغو تشافيز، لإنتاج 10000 سيارة ركاب سنوياً.

حقيقة تمّ التخلي عن تصنيع السيارات في فنزويلا لبعض الوقت، حيث اقتصرت صناعة السيارات الإيرانية على الإنتاج المحلي، فقد أشار مسؤولون سابقون من وزارات الصناعة والمناجم والتجارة إلى إحجام البلدين المتبادل عن متابعة المشروع، لكن الاتفاق الأخير أظهر أن فنزويلا مهتمة بتطوير وتعميق التعاون في مجال السيارات مع إيران. وبحسب ما ورد، تحدث الفنزويليون مراراً وتكراراً عن رغبتهم في رؤية شركات تصنيع السيارات، وقطع الغيار الإيرانية في بلادهم.

وبناءً على المباحثات، سيتوجه المنتجون الإيرانيون قريباً إلى فنزويلا لإنشاء خط إنتاج لقطع غيار السيارات، كما اتفق الجانبان على استئناف إنتاج الجرارات الإيرانية. وبموجب هذه الخطة، سيتم تصنيع 3000 وحدة سنوياً لسوق أمريكا اللاتينية، وهو مشروع مشترك تم تأسيسه في عام 2005 لإنتاج جرارات “ماسي فيرغسون”.  كما يهدف البلدان إلى زيادة التعاون في قطاعات الزراعة والعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري والسياحة، مع زيادة الرحلات الجوية وتعزيز العلاقات الثقافية. فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، عزّزت إيران بشكل كبير تعاونها في مجال الطاقة مع كاراكاس، بما في ذلك المساعدة في إصلاح مصافي التكرير الفنزويلية، وإرسال شحنات خام ثقيلة لمساعدة فنزويلا على زيادة إنتاجها من النفط والغاز.

وهكذا، وقعت إيران وفنزويلا 19 وثيقة تهدف إلى تعزيز التعاون في مختلف القطاعات، بما في ذلك الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والتأمين والنقل البحري والتعليم العالي والزراعة والطب والتبادلات الثقافية والتعدين، حيث أشار الرئيس الإيراني إلى أن البلدين لديهما القدرة على زيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 20 مليار دولار من حوالي 3 مليارات دولار حالياً. وفي عام 2022، وقع البلدان اتفاقية مدتها 20 عاماً للتعاون في قطاعات النفط والبتروكيماويات والدفاع. وبحسب الخبراء، فإن بناء مصالح وقدرات مشتركة مع دول أمريكا اللاتينية أمر بالغ الأهمية لتقويض محاولات واشنطن لعزل إيران وحلفائها دولياً، ويبدو أن صناعة السيارات هي المحرك لهذا التعاون الديناميكي والطاقة الذي يغذي التحول الاستراتيجي للشراكة بين إيران وأمريكا اللاتينية.