“سي آي إي” تدير عمليات التخريب الأوكرانية ضدّ روسيا
تحليل إخباري
لا تزال الاستخبارات الأمريكية تستغبي الدول الغربية من خلال الإيحاء بأن الحرب التي أشعلتها في أوكرانيا توفّر فرصة للغرب لتجنيد عملاء روس يعملون ضدّ بلادهم خدمة للغرب، وذلك في الوقت الذي لا يزال فيه الغرب الجماعي يحلم في كثير من تصريحاته بإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا تؤدّي بالمحصّلة إلى إضعافها وتفتيتها واحتلالها ونهب ثرواتها، وهذا هو الغنيمة الكبرى التي منّت بها الدول الغربية شعوبها عندما شجّعتها على القبول باستمرار هذه الحرب.
فقد جاء إعلان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، أن النزاع في أوكرانيا وفّر فرصة فريدة لتجنيد عملاء في روسيا، لا تنوي الـ”سي آي إي” تفويتها، مثيراً للسخرية على وجه الحقيقة حيث أبرز تضاؤل أحلام الإدارة الأمريكية وتقلّصها، ابتداء من الرغبة في إضعاف روسيا وهزيمتها استراتيجياً، ونزولاً عند هدف ضئيل ومثير للسخرية مثل تجنيد العملاء، حيث إن هذا الأمر هو من صلب عمل الاستخبارات ولا يحتاج إلى إشعال حرب كبيرة في أوروبا والعالم من أجل الحصول عليه، إذ يكفي إغداق الأموال لشراء هؤلاء العملاء بدلاً من إغداق مئات المليارات من الدولارات على حرب تبيّن في نهاياتها أن الخاسر الأكبر منها هو الغرب الجماعي وخاصة الدول الأوروبية التي سلّمت القياد لواشنطن في إدارتها.
وزعم بيرنز في محاضرة ألقاها في بريطانيا أن “عدم الرضا عن العملية العسكرية الخاصة سيستمر في التهام القيادة الروسية بشكل تدريجي”، محاولاً أن يوحي بأن التمرّد المسلّح الأخير الذي قاده مؤسّس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين إنما كان ناتجاً عن تململ من المجتمع الروسي من العملية الخاصة التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا، بينما أظهر هذا التمرّد في الحقيقة مدى التأييد الشعبي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذه العملية.
وأيّاً يكن من أمر هذا التصريح فإنه محاولة أمريكية فاشلة لتبرئة الاستخبارات الأمريكية من جرم التدخل في الشأن الداخلي الروسي عبر محاولة استدراج وتجنيد عملاء روس سواء أكانوا دبلوماسيين أم عسكريين والضغط عليهم وإغرائهم لاستهداف بلادهم، وبالتالي فإن الاستياء الذي قال بيرنز إنه يوفّر فرصة، لا تتكرّر إلا مرة واحدة في كل جيل للاستخبارات المركزية، إنما هو محاولة بائسة للإيحاء بأن لدى “سي آي إي” مزيداً من الأوراق في هذا السياق، وما على الدول الغربية سوى الاستمرار في تقديم الأموال للنظام الأوكراني خدمة للهدف الأكبر وهو هزيمة روسيا.
غير أن زيارة رئيس “سي آي إي” تؤكّد من جانب آخر أشدّ وضوحاً أن الاستخبارات الأمريكية هي التي تدير على الأرض جميع الحركات التخريبية التي تقوم بها القوات الأوكرانية على الأرض وليس فقط تجنيد العملاء، وبالتالي فإن الأمر لا يمكن أن تتم قراءته في موسكو كما تم الإعلان عنه في كييف، بل إن الحرب دخلت مرحلة خطيرة تتمثّل في عمل أجهزة الاستخبارات الغربية بقوة على الأراضي الأوكرانية، وهذا ربّما ما وصلت إليه السلطات الروسية عبر العملاء الذين تمّ أسرهم على الأرض.
طلال ياسر الزعبي