“جنين” الصامدة في وجه المحتل
ريا خوري
شنت قوات الاحتلال الصهيوني يوم ١٩ من شهر حزيران الفائت عدواناً عسكرياً وحشياً على مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية المحتلة، نجم عنه عشرات الشهداء والجرحى، بينهم أطفال وشيوخ ونساء، وأعطب خلاله المقاومون داخل المخيم، عدة آليات عسكرية إسرائيلية، وتمكنت المقاومة الفلسطينية من إيقاع إصابات في صفوف قوات العدوان الصهيوني، التي انسحبت من دون أن تحقق أهدافها ومراميها.
عادت قوات العدوان الصهيوني من جديد، أول أمس، لشن عدوان بري وجوي واسع النطاق، بمشاركة قوات النخبة والكوماندوس، وأكثر من مائة وخمسين آلية عسكرية مؤللة، ترافقها الجرافات الضخمة، إضافة إلى الطائرات المروحية والمسيّرة في محاولة جديدة لاستعادة الردع، وتطويع وتركيع مدينة جنين ومخيمها.
إن هجوماً عنيفاً وشرساً بهذا الحجم من قوات وأسلحة وجنود هو حرب فعلية على مدينة يقدّر عدد سكانها بأربعين ألف نسمة، ومخيم يقطنه نحو أحد عشر ألف لاجئ فلسطيني، ما يعد جريمة ضد الإنسانية بكل بشاعتها، حيث يتم وضع آلاف المدنيين من نساء وشيوخ وأطفال وشبّان تحت رحمة قوات العدوان الصهيوني المدججة بالأسلحة. وبالتالي، فإن مقاومة الاحتلال الصهيوني، هو رد فعل طبيعي، طالما أن الشعب العربي الفلسطيني يجد أمامه احتلالاً استيطانياً إجرامياً وبشعاً مدججاً بالعنف، والعنصرية والتطرف، وبمختلف الأسلحة الفتاكة المتطورة، ولا يعترف بوجوده أو حتى بحقوقه التاريخية على أرضه وأرض آبائه وأجداده.
وكان من الطبيعي أن يلقى العدوان الوحشي الجديد، تنديداً عربياً واسعاً، نظراً لم يشكّله من انتهاك صارخ للقوانين الدولية الإنسانية، وتحدٍ صارخ للشرعية الدولية. وفي هذا الإطار، أصدرت العديد من الدول العربية بيانات الشجب والاستنكار دانت فيه بشده هذه الاعتداءات الوحشية، ودعت إلى الوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب العربي الفلسطيني، وحثّت على عدم اتخاذ خطوات، من شأنها تفاقم التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وشدّدت على وضع حد للممارسات الإجرامية وغير الشرعية التي تهدّد الوصول إلى حل الدولتين، وتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني من خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
أمام هذا الواقع المؤلم والمرير، ومع اليأس المتزايد من إلزام الكيان الصهيوني الغاصب بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، لا يوجد أمام الشعب العربي الفلسطيني إلّا طريق وحيد هو المقاومة وهذا يستدعي الصمود والتصدي وتقديم التضحيات. وبالفعل فقد اختاره الشعب العربي الفلسطيني طيلة سبعة عقود متواصلة، دفاعاً عن أرضه ومقدساته ومقدسات العرب ، وقدّم من أجل ذلك مئات آلاف الشهداء، ومئات آلاف الجرحى، ومئات آلاف المساجين والمعتقلين .
إن مقاومة الاحتلال الصهيوني ليست جديدة على الشعب الفلسطيني، الذي يدرك تماماً معنى أن يشن الاحتلال الصهيوني حرباً على مدينة جنين ومخيمها، بهدف قتل روح المقاومة الفلسطينية فيهما، كي يفرض الكيان روايته واستراتيجيته، القائمة على اجتثاث الشعب الفلسطيني من أرضه وحقوقه التاريخية والإنسانية .