السعودية وروسيا تديران دفّة النفط
تقرير إخباري
أعلنت السعودية في 3 تموز الجاري أنها ستمدّد خفض إنتاجها النفطي بمقدار مليون برميل يومياً، كما أعلنت روسيا أنها ستخفض صادراتها بمقدار 500 ألف برميل يومياً في شهر آب القادم.
هذه الإجراءات هي الأحدث التي اتخذها كبار المنتجين لتحقيق الاستقرار في مواجهة تقلبات السوق العالمية، والتداعيات المستمرة للحرب الأوكرانية. وهذا التخفيض الطوعي، الذي دخل حيّز التنفيذ سيستمر في آب، وقد يتم تمديده إلى ما بعد هذه الفترة بهدف تعزيز الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دول “أوبك +” من أجل دعم استقرار وتوازن أسواق النفط.
خلال الشهر الماضي، بعد اجتماع منتجي النفط، قرّر العديد من أعضاء “أوبك +” خفض الإنتاج طوعاً بأكثر من مليون برميل يومياً،حيث دعمت هذه الحركة المفاجئة الأسعار لفترة وجيزة، لكنها لم تؤدّ إلى ارتفاع دائم.
ومنذ عام 2023، انخفضت أسعار البرنت، وكانت روسيا قد أعلنت بالفعل في شباط من العام نفسه التخفيض في إنتاجها من الخام بمقدار 500 ألف برميل يومياً، وهو إجراء أعلنت أنها تريد الإبقاء عليه حتى نهاية عام 2024.
القرار المعلن في 3 تموز يتعلق بالصادرات وليس بالإنتاج، إذ منذ بدء الصراع في أوكرانيا، أعادت موسكو توجيه صادراتها من الطاقة من أوروبا إلى الهند والصين، وبُعيد الإعلان الصادر في 3 تموز من الرياض وموسكو، الحلفاء داخل “أوبك +”، ارتفع برنت، الذي يعدّ معيار النفط الخام في أوروبا، بنسبة 0.98٪ ليصل إلى 76.15 دولاراً للبرميل، وارتفع نظيره الأمريكي بنسبة 1.02٪ إلى 71.36 دولاراً للبرميل. بينما تم تسجيل ارتفاعاتٍ في شهر آذار 2022، في بداية الصراع في أوكرانيا بما يقرب من 140 دولاراً.
من جهة أخرى، وحسب الخبراء، فإن فرض سقف سعري على النفط الروسي حفّز اقتصاداتٍ مهمّة كالصين والهند على الإقبال عليه، وهذا كان له أثر كبير على حصة السعودية من سوق النفط العالمية، وخاصةً مع تراجع صادراتها للاقتصادين الأقوى في آسيا. ووفقاً لشركة “فورتكسا” المتخصّصة في تحليل بيانات الشحن، سجّلت الهند رقماً قياسياً لوارداتها من النفط الروسي “الرخيص” خلال أيار الماضي بلغ 1,96 مليون برميل يومياً، بينما تراجعت وارداتها من النفط السعودي إلى أدنى مستوياتها منذ 2021. لكن الإعلان عكس رغبة دول التكتل في زيادة التنسيق فيما بينها، والعمل على تعزيز الثقة في سوق النفط العالمية لأن تحالف “أوبك +” يضخّ نحو 40% من الإنتاج العالمي لهذه المادة، ولقراراته تأثير كبير في أسواق الطاقة العالمية.
وكانت “أوبك” قد أعلنت عن تفاؤلها بشأن ارتفاع الطلب على النفط الخام خلال العام الجاري، ما قد يدفعها إلى زيادة إنتاجها بنحو مليوني برميل يومياً، لكن الأزمة الاقتصادية العالمية جاءت بنتائج مغايرة لتلك التوقعات، فتراجع النشاط الصناعي وسعي الدول لترشيد الإنفاق، إضافة إلى أمور أخرى، كلها شكّلت أسباباً لتراجع الطلب على النفط منذ نيسان الماضي، ما حفّز السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، على دفع “أوبك+” لخفض الإنتاج من أجل دعم الأسعار وتفادي وقوعها في عجز مالي.
يُذكر أنه غالباً ما تسعى منظمة الدول المصدّرة للنفط إلى سياسة خفض الإنتاج لتنظيم عملية العرض والطلب في السوق العالمية، ولدعم أسعار النفط وخاصةً إذا انخفضت لمستويات تهدّد ميزانيات الدول الأعضاء، ولتعزيز استقرار أسواق النفط وبث الطمأنينة لدى الدول المستهلكة بشأن قدرة الدول المنتجة على ضمان توافر النفط في السوق.
هيفاء علي