التسريبات تطال “الاسمنت” و”عمران”.. خبير: الدمج بالأزمات ضرورة و”الصناعة” الأكثر إلحاحاً
دمشق – ريم ربيع
تعاود الحكومة مؤخراً العزف على أسطوانة دمج مؤسّسات القطاع العام الاقتصادي لضبط نفقاتها وإعادة هيكلتها، بعد أن مُنِيَ القطاع بخسائر باهظة لم يعد تحمّلها ممكناً، وفق تصريح العديد من المسؤولين، إلا أن مقترحات وتسريبات من قبيل دمج المصارف، ودمج “المؤسسة العامة للاسمنت” مع “عمران”، أو دمج شركات صناعية خاسرة، تبقى اليوم معرّضة للكثير من المخاوف –رغم تأييد الفكرة نظرياً- نتيجة الارتجالية والمراوحة بالمكان التي تبديها الحكومة في هذا المجال، فمقترح دمج هذه المؤسسات كان قائماً منذ سنوات طويلة، وتجدّد خلال الحرب، إلا أنه يطفو تارة ويعود ليخبو دون أي توضيح، فيما بقيت تجارب الدمج المطبقة كالمؤسّسة السورية للتجارة والسورية للحبوب دون أي دراسة لاحقة توضح النفع أو الوفر المحقق من التجربة!.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن العاملين في المؤسّستين المذكورتين لا يزالون حتى اليوم –ورغم مضي عدة سنوات على الدمج- يشكون غياب نظام داخلي موحد، مما يؤثر سلباً على حوافزهم ومستحقاتهم، أما بالنسبة لدمج “الاسمنت” و”عمران”، فقد أوضحت وزارة التجارة الداخلية أن الدراسة قائمة ولا تزال ضمن لجنة في مجلس الوزراء دون أن يبتّ فيها بعد.
الخبير الاقتصادي الدكتور زكوان قريط أيّد فكرة الدمج بهدف تخفيض التكاليف والنفقات، موضحاً أن دمج الشركات كان مطلوباً منذ بداية الحرب، للتخفيف من الآثار السلبية على الاقتصاد، لأن تشتتها أثناء الأزمات سلبي لجهة الهدر، كما يفترض ضمّ الشركات الخاسرة مع الأخرى الناجحة لتقليص النفقات والحفاظ على استمرارية العمل، حيث يفضي الضمّ إلى ترشيد نفقات واستغلال أمثل للموارد، لكن بشرط أن تكون طبيعة عمل هذه الشركات متقاربة جداً مع بعضها.
وبرأي قريط، يفضّل أن يكون الدمج مؤقتاً وليس دائماً، لأنه بعد إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الوطني سيكون هناك حاجة لإعادة التوسع الأفقي، وتعدّد الشركات والاختصاصات، لتغطية كافة مجالات القطاعات الاقتصادية مما يحقق انتشاراً أوسع وتشغيلاً أكبر، فتعدّد الشركات وتوسعها عامل صحي في الاقتصاديات المعافاة، أما في اقتصاد “مريض” كالسوري فيتطلب الدمج حالياً.
وإلى جانب الدمج، لفت قريط إلى ضرورة الاستفادة من قانون التشاركية، لإشراك القطاع الخاص بإعادة هيكلة الشركات المتعثرة، والمشاركة بالإدارة، مع الحفاظ على ملكية الدولة ليعود القطاع العام إلى عجلة الإنتاج، معتبراً أن أكثر القطاعات التي يجب أن تستهدف (سواء بالدمج أو التشاركية) هي الصناعة، فهناك شركات بحالة سبات من أكثر من 10 سنوات، ويجب تفعيلها بشكل أو بآخر.
أما عن مخاوف الدمج، فهي تتجلّى – وفقاً لقريط – بأن يتمّ ورقياً فقط وليس فعلياً، فالدمج يحتاج إعادة هيكلة إدارية كاملة، من رأس الهرم الإداري لأصغر عامل، مع توصيف وظيفي جديد، وتوزيع مهام جديد للعمال والموظفين، وهذا يتطلب قانوناً يشمل كل الأمور الإدارية، إذ يقع على عاتق وزارة التنمية الإدارية إيجاد تشريع لدمج الشركات، وتوحيد هياكلها التنظيمية، فالقوانين الموجودة حالياً غير كافية.