الناتو يعيش الخلافات الداخلية
عائدة أسعد
كان من المتوقع أن يوافق زعماء منظمة حلف شمال الأطلسي على اقتراح فتح مكتب اتصال في اليابان في قمتهم المقبلة التي ستعقد في فيلنيوس، ليتوانيا، يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين، ولكن يبدو أن فرنسا قد وضعت العصي في عجلة القيادة، لأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مصّر على أن توسعها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من شأنه أن يخاطر بتحويل اختصاص التحالف بعيداً عن تركيزه الأصلي في شمال الأطلسي.
وهناك الكثير ممن يشاركون الرأي نفسه، خاصة وأن الناتو يحاول اختراق الباب في آسيا بعد أن أثار صراع أوكرانيا مع توسعها شرقاً في أوروبا، كما يمكن القول إن هذا الصراع هو الذي أعاد إحياء التحالف عبر الأطلسي، والذي وصفه ماكرون، قبل اندلاع الأعمال العدائية في أوكرانيا بأنه “ميت عقلياً”.
ولكن كيف يمكن لحلف الناتو، وهو منظمة ساعدت واشنطن على تحطيم السلام في أوروبا، المساهمة في حماية السلام والاستقرار في آسيا؟.
لقد أعربت العديد من الدول في آسيا عن مخاوفها واعتراضها على خطة الناتو، لأنها تعلم جيداً أن وجود المنظمة بغض النظر عن مدى عدم ضررها على ما يبدو سيكون نذيراً بالمتاعب، بالإضافة إلى أنه من خلال عدم السماح لخلافاتهم بالتصاعد، تمكنت الدول الآسيوية من الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، وتهيئة بيئة مواتية لزخم التنمية القوي في المنطقة في العقود الماضية، ويعتبر تحرك الناتو لإنشاء مكتب اتصال في اليابان غزوة أولية في المنطقة التي تبشر بالسوء، وذلك بغض النظر عن كيفية تقسيمها.
عندما يجتمع قادة الناتو في فيلنيوس، يجب أن يعلموا أن العالم يريد منهم إرسال رسالة إيجابية مفادها أن المنظمة ستساهم في حل الخلافات، وتخفيف التوترات وتهدئة الأزمة في أوكرانيا، وليس مجرد إعلان بأنها ستتبع خطى واشنطن دون قيد أو شرط من خلال جعلها في وضع يمكنها من البدء في تأكيد نفسها في آسيا.
وبدلاً من التطلع إلى اليابان للحصول على دعوة من الشرق الأقصى لإرساء الفتيل، يجب على قادة الناتو الآخرين التركيز على ما يحدث في أوروبا، واستخدام قمتهم كفرصة لصياغة اتفاق بشأن مبادلة نهج الدعم العسكري أحادي الجانب بموقف متضافر بشأن تعزيز محادثات السلام رغماً عن أنف الرئيس الأمريكي.
وعلى هذا النحو أيضاً يتوجب على قادة الناتو أن يدركوا أن قرار واشنطن إرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا يظهر أن رغبة الولايات المتحدة في الحرب مستمرة بلا هوادة.