مجلة البعث الأسبوعية

الذكاء الاصطناعي.. ماله وما عليه!!

“البعث الأسبوعية” ــ هيفاء علي

اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مؤخراً، أن الذكاء الاصطناعي يهدد البشرية، وأطلق نداءً للتوقف فوراً عن استخدامه، قائلاً إن أجراس الخطر التي تدق من الصورة الجديدة للذكاء الاصطناعي تصم الآذان، مشيراً إلى أن التحذيرات الأعلى صوتاً يطلقها مصممو تلك التقنيات، والذين وصفوا الذكاء الاصطناعي بأنه خطر وجودي يهدد البشرية، ويضاهي خطورة الحرب النووية.  وأيّد المسؤول الأممي، خلال مؤتمر صحفي، فكرة إنشاء وكالة دولية معنية بالذكاء الاصطناعي على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيراً إلى أن القلق بشأن التهديد الذي يشكله التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي الإدراكي يجب ألا يغيِّب الضرر الذي سببته التقنيات الرقمية التي تُمكن من نشر خطاب الكراهية عبر الإنترنت، والمعلومات المضللة والمغلوطة.

 

متى ظهر الذكاء الاصطناعي؟

على مر الزمن، كان الذكاء الاصطناعي حاضراً فقط في الخيال العلمي الذي كان يسلط الضوء تارةً على الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي على البشرية وجوانبه الإنسانية المشرقة، وتارةً أخرى على الجوانب السلبية المتوقعة منه، ويتم تصويره على أنه العدو الشرس للبشرية الذي يعتزم اغتصاب الحضارة والسيطرة عليها.

في عام 2018، أصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة لا خيالاً، ولم يعد يحتل مكاناً في عالم الثقافة الشعبية فقط. لقد كانت سنة 2018 بمثابة النقلة الكبرى للذكاء الاصطناعي، فقد نمت هذه التكنولوجيا بشكل كبير على أرض الواقع حتى أصبحت أداة رئيسية تدخل في صلب جميع القطاعات.

حينها خرج الذكاء الاصطناعي من مختبرات البحوث، ومن صفحات روايات الخيال العلمي، ليصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، ابتداءً من المساعدة في التنقل في المدن وتجنب الازدحامات المروربة، وصولاً إلى استخدام مساعدين افتراضيين لمساعدة الانسان في أداء المهام المختلفة. واليوم أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي متأصلاً من أجل الصالح العام للمجتمع.

وما لا شك فيه أن هناك من العلماء والخبراء من يؤيد المسؤول الأممي في مخاوفه هذه، وهناك بالمقابل من يؤيد الذكاء الاصطناعي باعتباره وجد لخدمة الإنسانية.

المتخوفون منه يحذرون من أن تطوره السريع قد يكون خطيراً، حتى أن البعض قال إنه يجب وقف أبحاث الذكاء الاصطناعي لجهة أنه يمتلك قدرة كبيرة من شأنها أن تحدث ثورة في عالم الأعمال، وهذا ما يُثير تساؤلات عديدة حول الوظائف التي يمكن أن يؤديها الذكاء الاصطناعي بدلاً من الإنسان، أي أن يهدد وجود البشرية.

في السياق ذكر تقرير صادر عن بنك الاستثمار “غولدمان ساكس” إن هناك 300 مليون وظيفة بدوام كامل خلال الفترة المقبلة يقوم بها الذكاء الاصطناعي، حيث يتم أتمتة بعض المهام والوظائف في جميع أنحاء العالم. وبحسب التقرير فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستقوم بمهام ربع الوظائف في الولايات المتحدة وأوروبا. أما الداعمون له فإنهم يشيدون بالفوائد التي ستوفرها هذه التقنيات في بعض مجالات الطب والعلوم، حيث يستخدم الأطباء تلك التكنولوجيا للمساعدة في اكتشاف سرطان الثدي، ويستخدمها العلماء لتطوير مضادات حيوية جديدة.

ومن أبرز داعمي الذكاء الاصطناعي هو براد سميث، الرئيس والمدير القانوني في شركة مايكروسوفت، الذي يرى أن العالم كان وما يزال يعاني من أزمات إنسانية مستمرة ناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث التي يتسبب بها الإنسان، وبينما تسعى المنظمات الإغاثية للتعامل مع هذه الكوارث والأحداث، لا يعدو عملها في كثير من الأحيان أن يكون ردّة فعل، ومن الصعب توسيع نطاقه.

ووفقاً لـسميث، فإن الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، بالإضافة الى الخبرة المتمثلة في العلوم البيئية والمساعدات الإنسانية، ستساعد على إنقاذ المزيد من الأرواح وتخفيف المعاناة، وذلك عن طريق تحسين الطرق التي تتنبأ بحدوث الكوارث وتعزيز وسائل للتعامل معها قبل أو بعد وقوعها.

لذلك، وبحسب سميث، أطلقت مايكروسوفت برنامج “الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض”، والذي يهدف الى حماية كوكب الأرض من خلال استخدام علم البيانات. وتبلغ مدة البرنامج خمس سنوات وتكلفته 50 مليون دولار، حيث يقوم البرنامج بنشر خبرة مايكروسوفت التي تصل إلى 35 عاماً في مجال البحث والتكنولوجيا في تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الأربعة الرئيسية: الزراعة والمياه والتنوع البيولوجي وتغير المناخ.

ويعد التصنيع أحد أخطر المشاكل البيئية التي تواجه العالم اليوم، فعلى سبيل المثال تعتبر التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، وتلوث الأتربة والأنهار، والاستهلاك الكبير لموارد الغابات، وغيرها من الأخطار البيئية، بعض الآثار التي يلعب التصنيع دورا أساسياً فيها.

أحد الحاصلين على منحة برنامج “الابتكار في الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض” هي الدكتورة ميرس لونغاهو، وهي عالمة تغذية، وعالمة أبحاث في المركز الدولي للزراعة الاستوائية. وتستخدم ميرس الذكاء الاصطناعي لإيجاد حلّ لسوء التغذية، وهي إحدى أكبر مشاكل أفريقيا المعاصرة، حيث قامت بتوظيف الذكاء الاصطناعي لدعم برنامجها التشخيصي “نظام الإنذار المبكر للتغذية”، اذ يقوم هذا البرنامج بالتنبؤ بأزمات التغذية قبل حدوثها، مع العلم قد دخل هذا النظام في مراحله الأولى، وسيتم إنشاؤه باستخدام منصة مايكروسوفت آزور.