دراساتصحيفة البعث

عمالة الأطفال وصمة عار في الولايات المتحدة

ترجمة: هناء شروف

تخيل مشهداً حيث يكدح مجموعة من الأطفال دون سن 14 عاماً في ورشة مظلمة. في رأيك  أين سيحدث هذا، آسيا أم إفريقيا أم أمريكا اللاتينية؟. في الواقع يحدث هذا في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد وأكثره تقدماً في العالم.

فقد كشف تقرير صادر عن معهد السياسة الاقتصادية في واشنطن عن حقائق مروعة حول عمالة الأطفال في الولايات المتحدة. ووفقاً لهذا التقرير، تحاول عدد من الولايات إضعاف القيود الفضفاضة بالفعل المفروضة على عمالة الأطفال حتى تتمكن بعض المجموعات الصناعية من الاستفادة من التدفق المستمر للمهاجرين الشباب القادمين من الجزء الجنوبي من القارة الأمريكية.

وصفت هانا درير، مراسلة استقصائية في صحيفة “نيويورك تايمز” كيف تعامل الحكومة الأمريكية المهاجرين المراهقين غير المسجلين، إذ عندما يصل هؤلاء المراهقون وحدهم إلى الولايات المتحدة من دول أمريكا الجنوبية يتم إرسالهم إلى مرافق تشبه السجون، كما تقرر وزارة الصحة والخدمات الإنسانية من سيأخذ كل هؤلاء الأطفال على المدى الطويل. مع ارتفاع عدد المعابر الحدودية، فإن الإدارة التي تخطت المقابلات الضرورية والتحقق من الخلفية، سرعان ما تفرج عن هؤلاء المراهقين إلى رعاة قد يستغلونهم في عمالة الأطفال.

الرعاة والمؤسسات المختلة ليسوا وحدهم من يقع اللوم، فحكومة الولايات المتحدة مذنبة بنفس القدر. حتى يومنا هذا، تظل الولايات المتحدة العضو الوحيد في الأمم المتحدة الذي لم يصدق بعد على اتفاقية حقوق الطفل، لذلك بدون التزام قانوني ملزم باحترام أي قواعد دولية تظل حكومة الولايات المتحدة “حرة” في تجاهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال الأساسية.

بدون الحماية المناسبة من الدولة المضيفة، يتعرض هؤلاء الأطفال لمجموعة واسعة من المخاطر، بما في ذلك الأذى الجسدي. تقوم بعض الولايات بتخفيض الحد الأدنى لسن العمل غير الخطير والخطير، بينما تتراجع عن حماية الطفل، وهذا لا بد أن يسبب المزيد من المخاطر. أشار درير إلى حوادث سقط فيها أطفال صغار من مبان متعددة الطوابق، وأصيبوا بفقدان أصابعهم، وتمزق في أرجلهم. علاوة على ذلك، تم إطالة الحد الأقصى لساعات العمل، مما أدى إلى ضغط ساعات الدراسة لهؤلاء الأطفال، وتقويض كفاءتهم لتحقيق النجاح الوظيفي في المستقبل، وذلك وفقاً لتقرير برنامج التحصين الموسع.

والأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أن انتهاكات حق الأطفال في الحياة والصحة منتشرة ليس فقط في ورش العمل تحت الأرض في المدن الصغيرة تحت رادار القانون، ولكن أيضاً في بعض الشركات الكبرى، حيث يمكن أن يطرد حراس الأمن الصحفيين الاستقصائيين بسهولة، أي أن هذه مشكلة منهجية عبر المجتمع الأمريكي.

الشباب الذين هم أمل البشرية ومستقبلها يجب دائماً الاعتزاز بهم وحمايتهم، لهذا السبب وافقت الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على حماية الأطفال من العمل الشاق، وتكريس حقوقهم في القانون الدولي. وعليه، من غير المقبول استمرار حدوث الكثير من مآسي عمالة الأطفال في الولايات المتحدة اليوم.

بينما يجتمع أعضاء الأمم المتحدة في ساحة الأمم للدورة الثالثة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، يجب مراجعة قضية عمالة الأطفال في الولايات المتحدة، ويجب محاسبة المسؤولين عنها.