محمد صقّور.. بعض مدراء الإنتاج بحاجة إلى إعادة تأهيل
نجوى صليبه
ما بين عام تخرّجه من المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم التّمثيل (2021)، بمشروع تخرّج أخرجه الدّكتور سامر عمران “3021”، واليوم، قدّم محمد صقّور تجربةً لا بأس فيها مقارنة بهذا الوقت القصير، وبما يقوله خريجون شباب حول قلّة فرص أو انعدامها، طبعاً هذا لا ينفي التّعب والجدّ والاجتهاد في إثبات الذّات والموهبة بعيداً عن الشّللية التي تتكرّس يوماً بعد يوم في هذا الوسط وغيره.
وعلى خلاف كثير من الخريجين الشّباب الذي يتحدّثون عن حبّ المسرح والاشتغال فيه، على اعتبار أنّه وكما يصرّحون دائماً “لسا معشعش فينا”، يتحدّث صقّور عن اشتغاله في المسرح الغنائي من خلال مشاركته في العرض الذي أخرجه رعد خلف بعنوان “قصّة الشّرق”، يوضّح: من الطّبيعي أن يعشعش المسرح في كيان كلّ خريج، لأنّ حياته تصبح كلّها في المسرح، بدءاً من تقديمه إلى المعهد أكثر من مرّة إلى دراسته طوال أربع سنوات، والمسرح مقياس لكشف الممثّل فيما إذا كان موهوباً أم لا، وهو فعلاً فنّ مظلوم في بلدنا، وذلك نتيجة الفقر الثّقافي والمادّي أيضاً، مع التّنويه بأنّ المادّة موجودة لكن عندما يبدأ العمل ونحتاج إليها تتبخّر “يمكن بسبب الشّوب”.. هذا الكلام حقيقة مكررة يعرفها الجميع، لكن هناك من لا يريد أن يفعل شيئاً، وبالتّأكيد يوجد استثناءات، مضيفاً: المسرح الغنائي كان تجربةً مهمّة وفنّاً جديداً بالنسّبة إليّ، وهو فنّ يطوّر من أدوات الممثّل ويساعده في اكتشاف أشياء لم يكن يعرفها عن ذاته وإمكانياته، لأنّه يجمع بين ثلاثة فنون: الغناء والرّقص والتّمثيل، لذا يجب دعمه لكي يستمر ولا يموت.
“مساحة الشّخصية صغيرة” و”لم يأت الدّور الذي أتمناه بعد” و”هذا المخرج لا يطلبني” و”لا أشتغل أعمال بيئة” و”لا أعمل في أعمال تاريخية” وغيرها من العبارات التي نسمعها من بعض الخريجين الذي يتدللون ولا يقبلون بأداء شخصية ثانوية أو قليلة المشاهد، أو قد لا يشتغلون في المسرح مثلاً لكي يكونوا على استعداد تامّ لفرصة ما قد تأتيهم من التّلفزيون، وفي الوقت ذاته يشتكون الظّروف الاقتصادية الصّعبة، لكنّ الأمر ليس كذلك بالنّسبة إلى محمد صقّور، يبيّن: في البداية أنا كخريج جديد ولديّ اطّلاع على الظّرف القاهر الذي يخترعه البعض – وهو غير صحيح أبداً – مضطر على قبول مادة قليلة أو دور بسيط لكي أستطيع الاستمرار في حلمي من خلال تقديري لذاتي وتطويرها ولو بمشاهد قليلة، وتالياً إغناء مسيرتي المهنية ليراها لاحقاً من يقدّر تعبي وجهدي وموهبتي ويعطيني حقّي، وأنا أرى أنّ الدّور البسيط مع مخرج محترف هو دور كبير.
شارك صقّور في الموسم الرّمضاني الفائت بمسلسل “خريف عمر” وفيه أدّى شخصية “ماهر” في شبابه والتي يكملها في الكبر الفنّان حسن عويتي، حول هذه التّجربة يحدّثنا فيقول: العمل على الشّخصية كان ممتعاً جدّاً، وكان هناك تفاصيل لم أستطع الإضافة عليها كممثل، لأنّني مقيّد بشخصية الفنان حسن عويتي، وكانت غالبية المشاهد مع الكروما وهذا أمر جديد عليّ وتجربة صعبة، لكنّ الصّعوبة تتحوّل إلى متعة عندما نشتغل مع مخرج أكاديمي ومحترف مثل المثنى صبح، مضيفاً: هذا العمل لم يأخذ حقّه إعلامياً.
“العرّافة” عشارية يشارك فيها محمد صقّور وهي من إخراج يزن شربتجي ، لم تعرض بعد، وبسؤاله عمّا إذا كان يؤّيد هذه العودة إلى العشاريات والسّباعيات كما كان سائداً في زمن مضى، يجيب صقّور: أنا مع هذا التّوجّه، لأنّنا، اليوم، نسير بحسب نظرة وثقافة المشاهد والظّرف العام في البلد، أي من الممكن جدّاً أن نشاهد سباعية أو عشارية عبر الإنترنت، لكن من الصّعب جدّاً أن نتابع مسلسلاً من ثلاثين حلقة أوّلاً بسبب الملل، وثانياً بسبب أسعار باقات الإنترنت المرتفعة.. يعني “المضحك – المبكي”.
ذِكرُ اسم المخرج يزن شربتجي يقودنا إلى السّؤال عمّا إذا كان يتمنّى صقّور العمل مع المخرجة رشا شربتجي أسوةً ببعض الخريجين الجدد الذي يعدّون العمل معها شرطاً للشّهرة والانطلاق، ويجيبنا: طبعاً أتمنّى ذلك، وكان لي دور بسيط في مسلسل “مربى العزّ”، لكن للأسف لم أستطع أن أشتغله بسبب التزامي حينها بعمل آخر.. رشا شربتجي اسم كبير ومخرجة مبدعة، ولا أعتقد أنّ هناك ممثل لا يتمنّى العمل معها، لكن هذا ليس شرطاً للشّهرة، والأمر هنا يعود إلى نظرة الخريج وهدفه.
ومن الأعمال الأخرى التي يشارك فيها صقّور ولم تعرض بعد، المسلسل التّلفزيوني “مال القبّان” للمخرج سيف الدّين سبيعي وفيه يؤدّي شخصية “رياض”، وفي السّينما فيلم “الجسر الأبيض” للمخرج كريم نويلاتي، وفيه يؤدّي شخصية “يسر”.. فرص لنقل لا بأس فيها كما ذكرنا سابقاً مقارنة بعام التّخرّج، لكن ما هي الصّعوبات التي قد يعانيها خلال هذه الفترة القصيرة، هل هناك من يستغل حاجة الخريجين لفرص العمل؟ وهل يأخذ الخريجيون الشّباب حقّهم في الظّهور الإعلامي؟. يجيب صقّور: طبعاً هناك من يستغل حاجتنا للعمل، ومدراء الإنتاج لدينا بحاجة إلى إعادة تأهيل.. بالتّأكيد هناك استثناءات، أمّا بالنّسبة للإعلام فنعاني كثيراً من عدم تقدير جهدنا، مثلاً في مسلسل “خريف عمر” وعلى الرّغم من التّجربة الجديدة والتقنية الجديدة والجهد الكبير الذي بذلته كخريج جديد حتّى أحقق نتيجة مرضية وجميلة، لم يذكر اسمي إعلامياً أبداً، بل رُكّز على الفنّانين المشهورين الذين لم يعودوا بحاجة إلى الشّهرة أو التّرويج أكثر.. نحن كخريجين شباب بحاجة إلى تقدير جهودنا وتسليط الضّوء أكثر علينا، ونحن لا نطلب هنا أكثر من حقّنا.