ثقافةصحيفة البعث

تاء مبسوطة تعود مع ليندا بيطار

أمينة عباس

أعلنت جمعية “تاء مبسوطة” عن عودة أنشطتها بعد غياب دام سنتين من خلال عقدها جلسة حميمة مع المطربة ليندا بيطار التي أمتعت الحضور بحديثها وصوتها الفيروزي الدافئ، وقد اعتبرت السيدة ديانا جبور رئيسة مجلس إدارة الجمعية أن اللقاء مع بيطار بمثابة تعويذة نجاح للجمعية للاستمرار بأنشطتها.

ضريبة الالتزام

وردّاً على وصفها بالمطربة الملتزمة، بيّنت ليندا بيطار في حديثها أن الالتزام بالنسبة لها تجسّد باحترام موهبتها من خلال الدراسة الأكاديمية وعدم التنازل عن الخط الموسيقي الذي خطته لنفسها، مع إصرارها على الغناء على خشبات المسارح بعيداً عن أماكن السهر والمطاعم، وتأكيدها أنها تحترم جميع من يغنّون في هذه الأماكن، لكنها ترى نفسها فقط على المسرح، خاصةً وأن النوع الذي تقدمه لا يمكن أن يُغنّى في الأماكن العامة على الرغم من كل المغريات المادية الكبيرة التي تُقدّم لها للغناء فيها، لذلك فإن أي خطوة تخطوها نحو الأمام في مسيرتها تسبّب لها سعادة مضاعفة لقناعتها أن هذا الالتزام له ضريبة تقوم بدفعها، وهي راضية كل الرضا عن ذلك لإيمانها بما تقوم به، لذلك لم تندم على اختياراتها على الرغم من كل الصعوبات التي تواجهها، وفي مقدمتها إنتاج أغنياتها على حسابها الشخصي في ظل وجود شركات إنتاج تتبنى مشاريع لا قيمة لها، في حين ترفض تبني مشاريع مهمّة، مشيرة إلى أن أكثر ما يحزنها اليوم أن هذه الشركات تتبنى حفلات لأسماء لا علاقة لها بالطرب مقابل أموال باهظة تكفي لإنتاج عدة ألبومات لمشاريع وطنية، كالمشروع التوثيقي للموشحات السوري الذي هو حلم ما زالت تعمل على تحقيقه بهدف توثيق هذا النوع من الغناء كما هو تماماً (غناء ونوتة) مع عدم اللعب على اللحن أو الكلام فيه من خلال إصدار عدة ألبومات بصوتها وبصوت طلّاب المعهد العالي للموسيقا وذلك للمحافظة على هذا التراث وأصالته، مبينةً أن هكذا مشاريع بحاجة لجهة إنتاجية تتبناها لترى النور.

تستمتع بالتدريس كالغناء

وكخرّيجة في المعهد العالي للموسيقا بيَّنت أنها كانت طالبة فيه في أوج ازدهار الحياة في سورية، وكان يضمّ أهم الموسيقيين وخبراء من روسيا تتلمذت على أيديهم أجيال من الموسيقيين الذين سافر معظمهم ولم يبق منهم إلا القليل والذين مازالوا يعملون فيه على الرغم من الصعوبات الكثيرة من مبدأ الانتماء والتأكيد على أننا قادرون على العمل في هذا المكان الذي هو المكان الآمن لكل موهبة، مؤكدة كمدرّسة فيه أن لدينا مواهب كثيرة على صعيد الغناء والبيئة تلعب دوراً كبيراً في توجيههم نحو المكان الصحيح الذي هو المعهد، منوهة بأنها اكتشفتْ أنها تستمتع بالتدريس كما تستمتع بالغناء وتفتخر بمواهبه وتقترح بعض الأسماء للمشاركة في بعض الحفلات تشجيعاً لهم. ولم تتردّد بيطار وهي التي سبق أن درست في المعهد الغناء الأوبرالي لمدة ثلاث سنوات ثم اتجهت لدراسة الغناء الشرقي الذي تميل إليه في التأكيد على أنها كانت محظوظة بدراستها للأوبرا، حيث استفادت منه بتعرّفها على مدرسة مختلفة في الغناء من حيث التكنيك والإحساس، وقد قامت فيما بعد بتوظيفه في الغناء الشرقي، كما سيجعلها قادرة على تقديم أغنيات بلغات أخرى، معبّرة في الوقت ذاته عن اعتزازها بمشاركتها في الغناء كمغنّية كورال في ألبوم السيدة فيروز “إيه في أمل” وتجربتها مع الفنان زياد الرحباني في حفلاته التي أقامها في دمشق عامَي 2008 و2009 مع إشارتها إلى أنها انتهت مؤخراً من تسجيل أغنية تقترب من عوالم زياد الرحباني على صعيد اللحن والكلمة.

شارات المسلسلات

وعلى صعيد غنائها لشارات المسلسلات، بيّنت ليندا بيطار أنها تعاونت من خلال هذه الشارات مع كبار الموسيقيين أمثال طاهر مامللي وسمير كويفاتي، ورأت أن لكل واحد منهما بصماته، وأن شراكتها مع طاهر مامللي من أهم هذه الشراكات لأنه من أكثر الموسيقيين الذين تعاملت معهم في عدد كبير من الأعمال التلفزيونية، وهذه المعرفة تجعلها قادرة على فهم ما يريد دون أن يتكلم، متوقفة في حديثها عند شارة مسلسل “ياسمين عتيق” الذي يرتبط في ذاكرتها بأحداث الحرب وما خلّفته من دمار، لذلك غنّتها بكل أحاسيسها ومشاعرها، مؤكدة أن شارات المسلسلات كان فيها تنوع أكثر من الأغنيات التي تغنيها، والسبب تعدّد موضوعات هذه المسلسلات، حيث تخدم الشارة العمل والفكرة التي يدور حولها.

الأغنية الشعبية

كما تطرقت بيطار في حديثها إلى الأغنية الشعبية وبيَّنت أنها ليست كما يروّج لها بعد أن اختلف مفهومها اليوم بالنسبة للكثير من المطربين والجمهور: “الأغنية الشعبية ليست طبلاً وزمراً”، كما أسفت لغياب المسرح الغنائي في سورية باستثناء بعض التجارب كتجربة رعد خلف، مبينةً أن هذا المسرح يحتاج إلى إمكانيات كبيرة تفوق قدرة المؤسّسات الحكومية، لذلك من الضروري أن يتبنى هذا المشروع الإنتاج الخاص، وهو يحتاج إلى كتّاب يقدمون أفكاراً مهمة.

وردّاً على سؤال عن إمكانية أن تقف كممثلة أمام الكاميرا ومدى قدرتها على فعل ذلك، أجابت أنها لا تمانع أن تشارك في عمل تلفزيوني أو سينمائي أو مسرحي كممثلة، وقد ساعدت دراستها للأوبرا في إمكانية الوقوف على خشبة المسرح كممثلة، ولكن شرط أن تؤدي ما يشبهها كمغنية، مع تأكيدها أنها تميل إلى المسرح أكثر.

أما الغناء بالذكاء الاصطناعي فقد رأته بيطار موضة سرعان ما ستخبو وسنعود إلى الحقيقة في الوقت الذي يمكن أن يكون حلاً في ظل تعذر مرافقة الفرقة الموسيقية للمغنّي في بعض الأحيان.

موهبة مبكرة

بدأت موهبة ليندا بيطار الفنية بالظهور منذ عمر الخامسة وغنّت بعمر الـ15 عاماً مع فرقة الموشحات في حمص بقيادة الموسيقي مرشد عنيني، ثم مع  كورال غنائي بقيادة الأب سمير حداد الذي أسمع صوتها لأساتذة المعهد العالي للموسيقا وكان سبباً في انتسابها إليه ومن ثم تخرجها فيه عام 2007 لتبقى فيه أستاذة الغناء الشرقي، وشاركت في العديد من المهرجانات في الوطن العربي وأوروبا.