حرب المياه.. أردوغان شريكاً موصوفاً
علي اليوسف
لم يعُد النظام التركي يوارب في حربه على الدولة السورية وشعبها، بل هو يعلنها اليوم حرباً لقتل ملايين السوريين بقطع المياه عن أهالي الحسكة، ومنع تدفّق حصة سورية من نهر الفرات.
منذ بدء الحرب الإرهابية على سورية، اتخذ النظام التركي مواقف عدائية، ليس آخرها ما يتعلّق بحصة المياه، فهو لم يلتزم بالقانون الدولي بحصص المياه لدول المصبّ، والاتفاق الموقع عام 1987 يلزم تركيا بإطلاق 500 متر مكعب في الثانية، ولكن منذ دخولها الحرب المباشرة ضد الشعب السوري تلاعبت تركيا بحبس مياه نهر الفرات عن الأراضي السورية ليكون أردوغان شريكاً موصوفاً في الأوضاع الكارثية التي تعيشها سورية.
تعتمد مقاربة تركيا على سرقة مياه سورية والعراق على الرغم من أن دجلة والفرات من الأنهار الدولية، لكن تركيا ترفض أن يُدرجا في هذه الخانة، وعلى هذا الأساس يتبجّح أردوغان بعدم مشاركة المياه مع دول الجوار، التي كان من أهم تداعياتها الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان الحسكة اليوم.
الدولة السورية تدرك أبعاد المؤامرة التركية ولا تترك مناسبة إلا وتحذّر فيها من تبعات حبس المياه، أو بالأحرى سرقتها، وقبل أيام قال السيد الرئيس بشار الأسد خلال المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في العاصمة دمشق: “إن بعض دول الجوار تورّطت بشكل مباشر في دعم الإرهاب، إما لأسباب توسعية أو لأسباب عقائدية متخلفة، إضافة للتحدي الأكبر وهو سرقة حصة سورية والعراق من مياه نهري دجلة والفرات وما يعنيه هذا الشيء من عطش وجوع”.
وبهذا السلوك، من الواضح أن النظام التركي ينقلب على كل التفاهمات، وماضٍ في تجويع وتعطيش الشعب السوري، وحرمانه من مصادر المياه، وهو بذلك يكون قد ضرب عرض الحائط بكل مخرجات اللقاءات التي جرت في موسكو بحضور الراعيين الروسي والإيراني، والأخطر إعطاء الضوء الأخضر للفصائل الإرهابية المسلّحة الموالية لأنقرة في شمالي سورية لإحداث أزمة شحّ المياه في مدينة الحسكة وريفها، والإضرار بالثروات الزراعية والحيوانية، والتأثير السلبيّ في قطاع الكهرباء، وهو وضع يفتح الباب على تبعات أخرى ليس أقلها التهجير القسري من المنطقة لتفريغها من سكانها تمهيداً لإسكان الفصائل الإرهابية الموالية لتركيا على غرار ما يقوم به أردوغان في إدلب.
بمعنى آخر، هذا السلوك غير الأخلاقي هو أجندة أخرى في قانون ما يُسمّى “قيصر”، أي التأثير في الحياة الاقتصادية للشعب السوري، وبالتالي تأكيد من جانب آخر أن هذا النظام غير منضبط، ففي فترة ما قبل الانتخابات تحوّل رأس النظام التركي إلى رجل يبحث عن حلول لأزمات بلاده الداخلية، وبعد الفوز -أخطأت المعارضة بعدم ترشيحها شاباً مقابله- عاد إلى ما كان عليه في السابق لجهة الانقلاب على تعهّداته، وتحديداً ما يخصّ الملف السوري، والعودة إلى أحضان الراعي الأمريكي.
لكن على النظام التركي إعادة النظر في سياساته تجاه دول الجوار والالتزام بتفاهمات أستانة ومخرجاتها، وبمعاهدات تقاسم المياه مع سورية والعراق، لأن خروج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية عن الخدمة يهدّد سبل معيشة نسبة كبيرة من أبناء العراق وشمالي وشرقي سورية، وهي مناطق ذات قربى عشائرية تحكمها الحميّة، وإن اللبيب من الإشارة يفهم!.