الدورة الرياضية العربية في الجزائر.. مشاركة ضعيفة ومستويات متباينة.. التنافس الحقيقي محدود والحصيلة النهائية لرياضتنا منطقية
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
أسدل الستار قبل أيام على الدورة العربية للألعاب الرياضية التي شهدت مشاركة العديد من الدول بألعاب مختلفة، وسبق أن حدث جدال بين الدول حول تحديد عدد الألعاب ما أدى إلى مشاركة رمزية من بعض الدول كمصر على سبيل المثال، وكانت مشاركة رياضتنا واسعة بأربع عشرة لعبة رياضية منها لعبتين جماعتين (كرة القدم وكرة الطاولة) إضافة لألعاب القوى والسباحة والجمباز والشطرنج والريشة الطائرة والدراجات والجودو والمصارعتين الحرة والرومانية والملاكمة ورفع الأثقال والكاراتيه والرياضات الخاصة.
المستوى العام للبطولة كان متوسطاً فالعديد من الدول لم تشارك بنجومها وأبطالها وكانت المشاركة قوية بألعاب القوة وضعيفة بغيرها من الألعاب، ولم تكن الرياضة الأنثوية بخير وكأن المشاركة بألعابها كانت رمزية، لذلك يمكن اعتبار المشاركة في هذه الدورة محطة استعدادية مهمة لغيرها من البطولات الأقوى والأفضل، وجاءت مشاركتنا من هذا الباب من أجل اكتشاف موقعنا على خريطة الألعاب من خلال الرقم ومستوى المنافسين، وهي بلا شك تكسب بعض اللاعبين احتكاكاً مجدياً ومعسكراً خارجياً ولو لأيام.
الجزائر كسبت بطولة الدورة ونالت أغلب ميدالياتها في كل الألعاب وهو أمر طبيعي نظراً لمشاركتها بكل الألعاب وبعدد وافر من اللاعبين واللاعبات، وموقع رياضتنا في الترتيب العام كان طبيعياً والجديد دخول البحرين عالم المنافسات من أوسع أبوابها وذلك بفضل التجنيس الذي بات شائعاً في أغلب دول الخليج والهدف من ذلك بلوغ مراتب جيدة في كل الألعاب الرياضية.
وبعيداً عن العاطفة والمجاملات وحصيلة الميداليات التي حازت عليها رياضتنا إلا أن المنطق يقول: علينا أن ننظر إلى رياضتنا من باب الواقع، فقد تكون الميداليات المحققة بمنظرها البراق يثلج الصدور لكنه يجب ألا يعمي الأبصار.
في الواقع فإن ما حققته رياضتنا أمر جيد والمركز في الترتيب العام مناسب لواقعنا ومتوافق مع إمكانياتنا، وعلينا أن نشير إلى نقاط مهمة يجب الأخذ بها بعين الاعتبار وهي:
أولاً: رياضتنا هاوية، وإمكانياتها المالية والفنية والتقنية ضعيفة، لذلك ما يتم تحقيقه هو بكل الأحوال إنجاز جيد ويدل على وجود خامات ومواهب في منافساتهم أمام أبطال المغرب العربي والعراق والأردن التي تطورت كثيراً في العديد من الألعاب خصوصاً ألعاب القوة.
ثانياً: لا يمكننا التعويل على الكثير من الميداليات المحققة لأنها جاءت دون منافسة، فالميداليات التي جاءت من مشاركة ثلاثة لاعبين أو أربعة أو خمسة وخصوصاً إن كان ضمن المشاركين لاعبين مبتدئين، فهذه الميداليات لا يمكن الاتكاء عليها في التقييم ولا يمكننا أن نفرح بها لأنها هدية من اللجنة المنظمة التي خالفت القواعد في السماح للعديد من المسابقات بإقامتها بوجود عدد قليل ودون وجود أدوار تمهيدية وأدوار عليا لقلة عدد المشاركين، وهذا ما حدث في الكثير من الألعاب ومنها الجودو والجمباز والملاكمة والدراجات وغيرها وقد تكون كل مسابقات الرياضة الأنثوية أقيمت على هذه الشاكلة.
ثالثاً: نقف أمام التعتيم الإعلامي بحذر، والإجراءات المتخذة توحي بعدة أمور أهمها أن يكون الشارع الرياضي بعيداً عنها وغير مطلع على خفاياها، وأمام البعثة الكبيرة بقيادتها والإداريين لم يرافقها من الإعلاميين إلا اثنين من أهل الدار، بل إنه تم تغييب كل وسائل الإعلام الرسمية والإذاعة والتلفزيون، حتى بات الشك يساور الجميع أمام هذا التغييب المتعمد، وإذا كان (كما صرح المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام) أن العدد المشارك في الدورة بحدود مئة لاعب في 14 لعبة وخمسين من الإداريين والكوادر ومن في حكمهم، فهل وجود عشرة إعلاميين سيفسد على رياضتنا أجواءها أو سيعجز ميزانيتها المالية وكنا بحاجة فعلاً لهذا العدد وخصوصاً أن ألعابنا كانت موزعة على مدن جزائرية مترامية الأطراف وكنا بحاجة لتغطية مباشرة قبل الحدث وأثناءه وبعده، وللأسف وجدنا الكثير من الدول ترافقها بعثات إعلامية ضخمة، فلماذا بعثتنا حاولت إبعاد الإعلام عنها؟
رابعاً: حتى المرافقين الإعلاميين وهما من أهل الدار لم يقدما رسالة إعلامية واضحة، فاكتفينا بذكر الميدالية وصاحبها، أما كيف تحققت الميدالية، وكم مشارك كان في الوزن، وكم وكم، فهذا كان من مسؤوليتنا نحن وقد بحثنا كثير عن الخبر والمعلومة وكان بإمكان الزملاء تزويدنا بهذه المعلومات بكل سهولة دون أن يكلفوا الإعلاميين المنتظرين لهذه المعلومات العناء والبحث.
خامساً: لن نكون جلادين لما تحقق من إخفاقات ونتائج غير مرضية وما حدث من تفاصيل وجزئيات كانت مهمة ويمكن تجاوزها، وبالمقابل لن نكون مطبلين ومزمرين لإنجازات وهمية تحققت دون أدنى منافسة وأرقامها غير سارة على صعيد البطولات الرسمية وربما المحلية.
سادساً: نعتبر مشاركتنا في الدورة العربية محطة استعداد للألعاب المشاركة للبطولات القادمة، بعضها استفاد من هذه المشاركة ونال ما يستحق، وبعضها عاد كما ذهب!
ألعاب القوى والتعتيم
مسابقات ألعاب القوى في الدورة العربية تعتبر البنك الحقيقي للدورة لما تضمه من مسابقات متعددة وميداليات متنوعة كثيرة، مرت أيام ألعاب القوى كلها وبكل مسابقاتها ولم نعلم عنها أي شيء ولم نسمع خبراً واحداً عن مشاركتنا فيها، الخبر الوحيد المؤكد أن مجد الدين غزال أصيب ولم يشارك، أما بقية اللاعبين فقد أخفقوا، وللأسف هناك تعتيم كبير على ألعاب القوى، فلم نعرف من شارك ومن سافر ومن أصيب ومن أخفق، وهذا الأمر يدعو للشك والريبة وإخفاء المعلومات ليس له تفسير إلا مداراة الإخفاق.
صدمة للدراجات
سيدات الدرجات نالت ثلاث فضيات الأولى في فردي الفرق حيث نالت سيدات الجزائر الميدالية الذهبية وسيدات السعودية الميدالية البرونزية ولم يشارك في السباق أحد غير هذه الفرق الثلاثة في سباق فردي السيدات، الفضية الثانية نالتها ميران فارس في سباق الفردي ضد الساعة، فيما نالت المركز الأول لاعبة جزائرية والثالث لاعبة سعودية ونالت لاعبتنا مرح خضير المركز السابع من ثمانية مشاركين، علماً أن من سبقها كان لاعبات من السعودية والكويت، ونحن نعلم تمام العلم أن الرياضة الأنثوية في دول الخليج حديثة العهد لاعتبارات تخصهم والفضية الثالثة في سباق الفردي، بالدراجات تفوقنا على السعودية والكويت والإمارات وخسرنا أمام الجزائر وحمدنا الله أنه لم يشارك أحد من المغرب وتونس ومصر والعراق في السباق لكنا خارج حسابات البطولة تماماً.
هبوط الريشة
كانت الريشة الطائرة يوماً ما فخر الرياضة السورية وكانت دوماً تحمل لقب العرب وغرب آسيا بكل مسابقاتها ذكوراً وإناثاً وبكل الفئات، اليوم ظهرت الريشة بوضع لا يسر أحداً وحصدت من الميداليات العشرين ميداليتين برونزيتين فقط، ولولا سناء محمود لما كان لنا اسم على خريطة الريشة العربية، الجزائر احتكرت الألقاب، والأردن جاءت ثانية، مع العلم أن الأردن قبل 15 سنة لم تكن تمارس الريشة الطائرة واستعانت وقتها بمدرب سوري أسس اللعبة وتخرّج منها العديد من الأبطال والبطلات، حتى البحرين سبقتنا ونالت ذهبية.
المشكلة في الريشة الطائرة رغم سوء الإعداد وسوء الإدارة والتنظيم إلا أن رئيسة اتحاد اللعبة لا أحد قادر على محاسبتها وكأن هذه اللعبة مختصرة بشخصيتها فقط.
الريشة الطائرة ماتت منذ زمان وإحياؤها بات ضرباً من المستحيل، والحديث عن هذه الرياضة المقهورة فيه الكثير من التفاصيل المحزنة ومن أراد الغوص فيها فعليه سؤال الكوادر التي أبعدتهم رئيسة الاتحاد عن اللعبة.
ضعف في الجودو
كانت الجودو من الألعاب الضعيفة التي ظهرت في الدورة ولم نستطع أن نحقق فيها أدنى درجات المنافسة إضافة لقلة عدد المشاركين والمشاركات، وبشكل عام كانت المشاركة ضعيفة والمشاركين قلائل.
في الرجال حققنا فضية وزن تحت 66 كغ عبر اللاعب آدم طاووق وبرونزية 66 كغ بواسطة اللاعب حسن بيان إضافة لبرونزية فرق الرجال.
وفي السيدات حققت ليلى كنعان برونزية 48 كغ ودانا خاتشيك برونزية 52 كغ ، لكننا هنا نشير إلى أن الكثير من الأوزان لم يشارك فيها إلا ثلاثة أو أربعة لاعبين ولاعبات، وكان ضمن المشاركين والمشاركات من الدول حديثي العهد باللعبة أو من حديثي العهد بالرياضة الأنثوية كالسعودية مثلاً.
مع الإشارة إلى أن هذه الدورة شهدت أضعف مشاركة في الرياضات الأنثوية باستثناء الجزائر التي حصدت أغلب الميداليات.
السباحة والجمباز
حققت هاتين اللعبتين أكبر حصيلة من الميداليات، الجمباز نالت 11 ميدالية عبر ليث النجار واليكساندرا ماكسيموفا، فنال ليث ذهبية فردي الرجال وذهبية الحركات الأرضية وفضية الجهاز الثابت وبرونزيتي الجهاز المتوازي ومنصة القفز، ونالت اليكساندرا ذهبية فردي السيدات وذهبية الجهاز المتوازي وفضية جهاز الحلق وبرونزيتي الحركات الأرضية وعارضة التوازن، وحقق منتخب الجمباز برونزية الفرق.
السباحة نالت عشر ميداليات، المنافسات لم تكن قوية لمشاركة خمس دول فقط، فتصدرت الجزائر المشاركين ونالت أغلب الميداليات وحلت الأردن ثانية ومنتخبنا ثالثاً ثم فلسطين وتونس، وحقق عمر عباس ذهبية 400 متر حرة وذهبية 200 متر حرة وفضية 100 متر حرة، وحققت جوانا ريس ذهبية 800 متر حرة وذهبية 400 متر حرة وفضية 100 متر حرة، ونال منتخبنا فضية 100×4 مختلط حرة وبرونزية سباق التتابع المتنوع، كما نال أسامة الطرابلسي برونزية 400 متر متنوع ولين العايش برونزية 200 متر صدر.
المنافسات الأقوى
المنافسة الأقوى شهدتها لعبتي المصارعة والملاكمة، وقد كسبتا الرهان بتحقيقهما نتائج مميزة وسط منافسة كبيرة.
المصارعة الحرة حققت ثماني ميداليات بواقع ذهبية لعمر الصارم بوزن 125 كغ وذهبية أخرى لينال برازي بوزن 86 كغ وفضية لفداء الدين الأسطة بوزن 92 كغ وبرونزيتان لإبراهيم الطباع بوزن 57 كغ وعلاء أبو شريف بوزن 79 كغ، وفي المصارعة الرومانية حقق مصارعونا ثلاث برونزيات بواسطة محمد فواز بوزن 63 كغ ومحمد عبيد بوزن 72 كغ وعمر طحان بوزن 67 كغ.
وفي الملاكمة حقق ملاكمونا خمس ميداليات متنوعة فنال الذهب أحمد غصون بوزن 75 كغ وأضاف علاء الدين غصون ذهبية ثانية بوزن 92 كغ ونال الفضة حسين المصري بوزن 51 كغ كما نال أحمد مليس فضية وزن 92 كغ ونال الميدالية البرونزية ورد علي بوزن 48 كغ.
وفي رفع الأثقال اقتصرت مشاركتنا على الرباع الأولمبي معن الأسعد الذي حقق ذهبيتين واحدة بالخطف والثانية بالنتر.
الختام مخيب
أما ختام المنافسات فكان مخيباً بكرة القدم حيث خسر منتخبنا الأولمبي بطولة الدورة العربية ونال الفضة بعد خسارته أمام السعودية في الختام بنتيجة بركلات الترجيح بعد التعادل بهدف لمثله في الوقت الأصلي.
وتأهل منتخبنا متصدراً المجموعة الثانية بعد تعادله مع السعودية 1/1 ومع فلسطين بلا أهداف وفاز على موريتانيا 4/2 وفاز بنصف النهائي على السودان 2/صفر.
وفي ختام المنافسات احتلت رياضتنا المركز السادس بالترتيب العام برصيد 53 ميدالية منها 14 ذهبية و16 فضية و23 برونزية.