الانفتاح على أمريكا والغرب لن يمثّل الحل
تقرير إخباري
لوحظ وبشكل صريح كيف أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الجانب الأوروبي أساؤوا استخدام قوتهم العسكرية ووزنهم الاقتصادي في تقييد سياسات الدول الأخرى، إضافةً إلى استخدام سلاح العقوبات ضدّ تلك الدول، الذي تضاعف استخدامه في ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، على اعتبار أنه سلاح بديل عن الحروب والغزو، وبالتالي هو مظهر من مظاهر الضعف في أساسه.
ولا يخفى على أحد أن الحرب الأوكرانية سبّبت تحشيداً واضحاً للدول المعاقبة بتلك الإجراءات الأحادية، وعلى رأسها الصين وروسيا وكوبا وفنزويلا وإيران وكوريا الديمقراطية الشعبية. وقد بدأت تلك الدول المعاقبة تقود اتجاهاً جيوسياسياً ناجحاً ينمو بسرعة أدّى إلى بدء تقويض المحور الغربي، وتآكل اقتصاده المبنيّ على الاستغلال والمضاربات والثقافات الاستهلاكية، وإحلال القيم “النيوليبرالية” الظالمة، فأصبحت العقوبات كمن يستخدم سلاحاً ترتد نيرانه عليه.
إن العقوبات حتى لو كانت أممية لم تطُل سوى 14 دولةً، لأنها بالمختصر سلاح يؤدّي إلى ظلم الشعوب وتجويعها وتراجع التنمية في بلدانها، دون أن يؤثر في أنظمتها السياسية أو يغيّر نهجها المناوئ للإرادة الغربية، ومع ذلك يصرّ الغرب على فرض عشرات ألوف العقوبات على الأشخاص والشركات والدول من خلال مؤسسات تم إنشاؤها لتلك الغايات، مع زيادة ملحوظة في حجم الموظفين فيها مؤخراً، ظناً منه أن هذا السلاح سيؤدّي لغايته إن طال المطاف، لكن بالمقابل هذه العقوبات مهما سبّبت من آثار سلبية على الدول فإنها لم ولن تحقق غاياتها، بل على العكس إن انهيارات الدول وعلى رأسها تفكّك الاتحاد السوفييتي حدثت نتيجة الانفتاح على الإدارة الأمريكية، وتبنّي أنظمتها الاقتصادية الرأسمالية، وقيمها غير العادلة لشعوبها، في حين نجحت الدول المعاقبة بالاحتفاظ بحرية واستقلال قرارها السياسي ونهجها الاقتصادي الساعي لتحقيق المعيشة الكريمة لكل الشعوب.
إن النهج الأمريكي ولّد لدى كل الشعوب والدول، بما فيها الدول التي كانت حليفة للولايات المتحدة شعوراً بالمظلومية، ما أدّى إلى تبنّيها نهجاً مقاوماً للسياسات الغربية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وبدأت الدول تبحث عن بديل لنظام “سويفت” وعملته الخضراء عبر إنشاء بدائل له كالسويفت الروسي والصيني، والعملات الرقمية للبلدين، إضافةً إلى اتفاقيات الدفع بالعملات المحلية التي بدأت تقبل عليها الدول بكثافة في مبادلاتها التجارية.
من جهةٍ أخرى، يظهر الآن أن سلاح العقوبات الأحادية بدأ يولّد وبقوة أثره على الداخل الأمريكي، ويضع البلاد على سكة الانهيار الحتمي وباعتراف العديد من كبار الخبراء الأمريكيين الذي أطلقوا إنذاراتهم حول ذلك، منذ عدة سنوات وحتى قبل تفجّر تداعيات أزمتي “كورونا” والحرب الأوكرانية، في وقت تواصل فيه دول جنوب العالم تفكيكها للتبعية المقيتة لأمريكا وحلفها الأنغلوساكسوني، مقابل مسارعتهم في الانضمام إلى التحالفات الصاعدة.
بشار محي الدين المحمد