مجلة البعث الأسبوعية

“ليس بعيداُ عن التوقعات؟!”

بشير فرزان

لم ترو جلسة مجلس الشعب التي عقدت بحضور الحكومة لمناقشة الواقع المعيشي عطش الناس إلى قرارات جريئة تحقق مطالبهم وتعزز أمالهم فما دار خلال الجلسة وما انتهت إليه لم يكن بعيداً عن التوقعات.

وهذا ما يزيد من الحاجة وخاصة في هذه الظروف إلى معرفة الكثير من التفاصيل حول ماهو مطلوب ومتوفر وممكن؟ كونها المعادلة الأساسية للتخطيط المؤسساتي الصحيح والايجابي لضمان الولوج الآمن إلى ميادين التنفيذ التي لم تعد حاضرة في عمل الوزارات بعد أن أضاعت بوصلتها وباتت عشوائية في قراراتها وإجراءاتها بشكل أبعدها عن مسارات عملها التي من المفترض أن تصب بنتائجها في الحياة العامة التي تكاد تخلو حالياً من أي فعل ايجابي يمكن البناء عليه في منظومة العمل المؤسساتي إلا فيما ندر وهذا الواقع يعمم على كافة الوزارات دون استثناء.

وما يزيد الطين بلة ذلك المحتوى الهزيل والواضح في التصريحات الوزارية التي تستخف بالرأي العام وتستهزئ بمعاناة الناس دون أن تتقدم أي خطوة باتجاه الحل وهذا ما يشرعن تساؤلاتنا اليوم عن نتائج استنفار الحكومة لمواجهة الارتفاع  الجنوني في السوق الغذائية  كأسعار البيض والفروج وما تمخضت عنه سلسلة اجتماعاتها وقراراتها التي ساهمت في خروج هذا القطاع عن السيطرة بكل ماتعنيه هذه العبارة من معنى .

ومن هنا فليسمح لنا السادة المسؤولون وبكل تاكيد ليس من باب التهجم أو تحميل المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري ولكن من باب الظروف الراهنة باحتمالاتها المفتوحة وخاصة
أن المواطن يدفع ضريبة كبيرة جداً تفوق طاقة احتماله وتهدد لقمة عيشه بسعراتها المعاشية المتدنية في أسوق هاربة من كل شيء إلا من سلطة الدولار والتجار.

فعندما نسمع التصريحات الوزارية سواء تحت قبة مجلس الشعب أو في الاجتماعات واللقاءات المختلفة بكل هدوئها وانقلابها على الواقع.. تستحضرنا مقولة (ليأكلوا الكاتو).

والغريب في الأمر حالة الاقتناع والثقة التي يتحدث بها الكثير من المسؤولين عن أحوالهم بطريقة استعراضية نابضة بالتراجيدية الواقعية فالناس يتضورون جوعاً وأحوالهم تتألم فقراً وأطفالهم يتدشون سراباً وهناك من يدعوهم إلى شد أحزمة التقشف ويحاول إقناعهم بأنه يعيش المأساة ذاتها من الحرمان والجوع وانعدام الحيلة وأنه يصحو من ساعات الصباح الأولى ليسير في مناكبها بحثاً عن كسرة الخبز التي قد لا يستطيع الحصول عليها.

والغصة الأكبر في حياة المواطن أن يتماهي مع هذا الأداء، البعض تحت قبة مجلس الشعب من خلال تصريحات غير موفقة وتفضح الكثير من الخفايا والتفاصيل التي تضع السلطة التشريعية في مواجهة عدم القدرة على تصويب واقع حال العمل الحكومي ولسنا هنا بصدد تعداد الإخفاقات في تحقيق تقدم في ميادين الإصلاح الحكومي وتحسين الحالة المعيشية أو في إقناع الشارع بدورها الرئيسي في متابعة عمل الحكومة وتقيم أداء الوزارات بشكل صحيح وحجب الثقة عن ذلك الأداء المترنح والمتهالك وفق ماتقضيه المصلحة الوطنية وللأسف كانت هذه المؤسسة التشريعية الشاهد الصامت على معاناة الناس وهنا نستثني تلك المداخلات التي تبقى حبراً على ورق أو لوحات إعلانية انتخابية تنقل احلام البعض في الاستمرار تحت مظلة القبة التشريعية.

وبصراحة يأمل الناس بقرارات «سريعة وهامة وعاجلة» قادرة على إحياء ماتبقى من علاقة المواطن بالمسؤول وانعاش الثقة بينهما بناءً على مقتضيات المصلحة العامة وأحكام الظرف الاستثنائي بحيث تكون كل القرارات القادمة قادرة على ملء الشواغر الوظيفية بالأكفاء والنزهاء وسد الثغرات في العمل المؤسساتي وتقليص الفجوة في الحياة المعيشية بين الدخل والإنفاق .