دول أمريكا اللاتينية ليست مستعمراتٍ سابقة
تقرير إخباري
حاول قادة الاتحاد الأوروبي إظهار وحدتهم وتضامنهم مع مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في قمّتهم الثالثة في بروكسل الأسبوع الماضي، لكن رغم ذلك أظهرت القمّة خلافاتهم حول القضايا الرئيسية بشكل واضح أكثر.
لقد استيقظ الاتحاد الأوروبي الآن ليس حبّاً، بل لأنه بحاجة إلى استيراد الليثيوم والمواد الخام الأخرى من دول مثل تشيلي والأرجنتين، لكن ردّة الفعل اللاتينية كانت قوية حين ذكّر بعض قادة جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بأن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا كلّها حضارات، في إشارة واضحة إلى تصريح منسّق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تشرين الثاني 2022 بأن “أوروبا حديقة وأن بقية العالم غابة”.
وكان الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل واضحاً في التأكيد أن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لم تعُد الفناء الخلفي للولايات المتحدة، وقال دياز كانيل: “لسنا مستعمراتٍ سابقة تحتاج إلى مشورة ولن نقبل معاملتنا كمجرد مورّدي مواد خام. نحن دول مستقلة وذات سيادة ولدينا رؤية مشتركة للمستقبل”.
لقد كانت العقوبات الغربية على روسيا محور الخلافات في القمّة، فقد دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى استخدام الدبلوماسية للمساعدة في إنهاء الحرب، وانتقد بشدة الغرب لتزويد أوكرانيا بالأسلحة والمعدات العسكرية، وقال في القمّة: “إن السباق على الأسلحة يجعل معالجة قضايا مثل تغيّر المناخ أكثر صعوبة”. وبسبب الخلافات الحادة بين الجانبين، اكتفى بيان القمّة بالقول: “إننا نعرب عن قلقنا العميق بشأن الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا”، رافضاً إصرار الاتحاد الأوروبي على إدانة روسيا.
مثل جميع البلدان في العالم النامي، لم ينضمّ أيّ من أعضاء مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي البالغ عددها 33 إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا.
ورغم ذلك تعهّد الاتحاد الأوروبي باستثمار 45 مليار يورو (50 مليار دولار) في الدول الأعضاء في مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بحلول عام 2027 من خلال مبادرته “البوابة العالمية”، حيث يتوقّع الاتحاد الأوروبي من “بوابته العالمية” أن تكون قوة موازنة لمبادرة الحزام والطريق، لكن مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يرحّبون بالاستثمارات في مجالات مثل البنية التحتية من جميع البلدان، ويرفضون فكرة جعل المجموعة ساحة معركة جيوسياسية، وبهذا من الممكن أن تكون البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي إلى حدّ كبير مبادرة من الوعود الفارغة مقارنة بمبادرة الحزام والطريق.
سئمت دول أمريكا اللاتينية من الاستماع إلى قادة الاتحاد الأوروبي وهم يلقون المحاضرات على البلدان النامية، ولهذا حان الوقت للاتحاد الأوروبي لإعادة اكتشاف دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ليس كمستعمراتٍ سابقة، ولكن كدول مستقلة وذات سيادة.
هناء شروف