مجلة البعث الأسبوعية

الصداقة العميقة.. تضمن استمرارية العلاقة الزوجية والتعافي من مطبات الحياة

 

“البعث الأسبوعية” لينا عدره

يتم تعريف الصداقة الحقيقية ببساطة على أنها العلاقة التي تجمعنا “بشخص نحبه ونستمتع بالوجود معه”، بينما يُعد تعريف الصديق المقرب بأنه “أقرب الأعزاء على القلب”. فالأصدقاء لديهم اهتمامات متشابهة ويتشاركون أفراح وأحزان الحياة. لذلك عندما يتم بناء علاقة الصداقة بين الرجل والمرأة خلال الزواج، فإن ذلك يحقق إحدى الفوائد العظيمة للعلاقة ويعزز من قيمتها وأهميتها للطرفين.

أهمية الصداقة الحقيقية بين الزوجين

يقول خبير العلاقات الأمريكي والأستاذ بجامعة واشنطن، جون جوتمان، مؤلف كتاب “المبادئ السبعة لإنجاح الزواج”، إن “الزيجات السعيدة تقوم على صداقة عميقة”، مؤكداً أنها جوهر الزواج القوي والممتد. وأظهرت أبحاثه المتخصصة في المجال، أن الصداقة الحقيقية عندما تتحقق في الزواج، فهي عادةً ما تكون مؤشراً مهماً لمستوى السعادة والرضا العاطفي  والجسدي بين الطرفين.

وبحسب الأبحاث التي نشرها موقع “سايك سنترال” لعلم النفس، فإن الأزواج الذين تربطهم صداقة كبيرة لديهم نسبة أعلى من الرضا الزوجي ومعدل السعادة بشكل عام.

في الواقع، يُقال إن العلاقة العاطفية والصداقة بين الرجل والمرأة في علاقتهما الزوجية أكثر أهمية بـ5 مرات من علاقتهما الجسدية الحميمة.

إذ تساعد الصداقة الأزواج على الشعور بالأمان الكافي لكي يكونوا أكثر انفتاحاً وصدقاً مع بعضهما البعض دون القلق بشأن إطلاق الآخر للأحكام عليه أو الشعور بعدم الأمان معه.

لذلك فإن رعاية وبناء تلك الصداقة في الزواج يتطلبان ممارسة ويستغرقان وقتاً وجهداً. فيما يلي، بعض مهارات وتقنيات بناء الصداقة الزوجية للمساعدة في الحفاظ على علاقة متينة ومستدامة بين الطرفين:

 

– التقدير والاحترام المتبادلان

لا تخلو أي علاقة صداقة من التقدير والاحترام المتبادلين بين الطرفين، خاصة في علاقة الصداقة بين الرجل والمرأة في الزواج، إذ لا يجب أبداً أن تعني الحميمية والتقارب أن يفقد أي من الطرفين مساحته الشخصية أو تقديره لمساحة واحترام الطرف الآخر.

ويجب أن يشمل ذلك مجالات الحميمية الجسدية، والشؤون المالية، والعلاقات الأخرى بالآخرين. وهو الأمر الذي يعزز الراحة والإحساس بالأمان ويوطد الصداقة المتبادلة بسبب ثقة أحد الطرفين بالطرف الآخر.

 

– وضع الزواج على رأس قائمة الأولويات

العمل والأصدقاء والعلاقات الخارجية مع الزملاء والطموحات الشخصية ليسوا الأولوية المطلقة لحياة الشخص، بل العلاقة الزوجية والمشاركة مع الطرف الآخر هما ما يؤثر بشكل جذري على شكل وجودة الحياة، وإمكانية كل هذه الجوانب الأخرى تباعاً.

لذلك من الضروري توفير الحضور العقلي والعاطفي في العلاقة الزوجية، وتعزيز الاهتمام الجسدي والذهني لشريك الحياة، وتأكيد معرفته بأن هذه العلاقة على رأس قائمة الأولويات، ما سيمنح الطرفين الفرصة في اختيار بعضهما البعض كصديق حميم ومقرب يدعم كل منهما الآخر بشكل يقيهما من انهيار العلاقة بسبب الشعور بالعزلة أو الإهمال.

 

– بناء مهارات التواصل القوية والواضحة

من الضروري للزوجين من أجل بناء علاقة صداقة قوية وعميقة، التحلى بالشفافية مع بعضهما البعض، وذلك عبر الكشف عن الذات والتعبير الصريح والواضح عن المشاعر والأفكار؛ على سبيل المثال قل “أنا غاضب، أو خائف، أو مستاء” عوضاً عن الانعزال في غرفة أخرى. إذ غالباً ما يتم قصر الأحاديث بين الطرفين على الإبلاغ عن الأحداث بدلاً من المشاعر والأفكار.

لكن يتفق معظم الخبراء على أن التواصل المنتظم يبني صداقة حقيقية يمكنها أن تعمل بمثابة دعامة ضد عواصف الحياة المختلفة.

 

– معرفة لغة الحب للطرف الآخر

واحدة من أفضل الطرق لتحقيق صداقة قوية بين الزوجين، أن تتعلم وتتحدث “لغة الحب الأساسية” للطرف الآخر. إذ يملك البشر طرقاً مختلفة للتعبير عن الحب وعن رغبتهم في تلقيه؛ لكن في كثير من الأحيان، لا تتم تلبية هذه الاحتياجات في العلاقة الزوجية، بسبب عدم فهم أحد الطرفين لاحتياجات ورغبات الطرف الآخر.

لذلك إذا استطعت أن تأخذ الوقت الكافي لتتعلم كيف يشعر شريك حياتك بالحب ويعبر عنه وتبذل جهداً لتلبية هذه الحاجة، فسوف تقطع شوطاً طويلاً في إعادة بناء الصداقة المتينة بينكما.

يوضح خبراء العلاقات والصحة النفسية 5 لغات أساسية للحب، هي:

– لغة الحب بكلمات التوكيد (مثال: أنا أحبك، أنت أهم شخص في حياتي، أنا أثق بك، وغيرها الكثير).

– لغة إمضاء الوقت الجيد والمشترك (مثال: ممارسة الهوايات أو الرياضة معاً، أو حتى إمضاء الوقت في القراءة ومشاهدة الأفلام المحببة معاً).

– لغة الحب عبر تلقي ومنح الهدايا وإعداد المفاجآت.

– لغة الحب من خلال تلقي المساعدة والخدمة، (مثال: المساعدة في العمل أو المهام اليومية المعتادة، وقضاء المشاوير المهمة للآخر، وإعداد المشاريع والخدمات المختلفة لشريك الحياة).

– لغة الحب عن طريق التلامس والحميمية.

وقد تختلف لغات الحب لدى الأزواج وتتباين وفقاً لمراحل الحياة المختلفة، كما قد تجتمع أكثر من لغة لدى الشخص ويشعر بالامتنان عند تلقي أي منها، لكن لسوء الحظ يفترض البعض أن لغات التعبير عن الحب واحدة وثابتة عند الجميع، وقد لا يستوعب الاختلاف أو حتى يهتم بمعرفتها لتعزيز العلاقة وتوطيد الصداقة الحقيقية مع شريك الحياة.

ومن خلالها، يمكن أن نشعر بالحب والأمان في علاقتنا عندما تتم تلبية هذه الاحتياجات. وبالمقابل، يمكن أن نشعر بالإهمال وعدم الأهمية والمحبة عندما لا تتم تلبيتها.

وفي حال كان أحد الزوجين غير متأكد من احتياجات الطرف الآخر، يمكن حينها السؤال ببساطة. قد يبدو الأمر محرجاً في البداية، لكنه سيصبح أسهل مع الممارسة ويساعد في بناء الصداقة بين الرجل والمرأة.

 

– قضاء الوقت المشترك لتوطيد الصداقة بين الرجل والمرأة

المفتاح لتطوير الصداقة الحقيقية بين الزوج والزوجة هو قضاء وقت ممتع معاً. ويجب التشارك في اهتمامات بعضهما البعض والتحدث عن الأشياء المهمة بالنسبة لكليهما.

كما يمكن إمضاء الوقت المشترك من خلال تحديد نشاطات محببة للطرفين مثل اللعب أو ممارسة الرياضة أو قضاء الوقت في القراءة ومشاركة الهوايات.