ما بين ودية المكسيك وأداء منتخب السيدات.. الماكينات الألمانية تبحث عن هويتها الضائعة
البعث الأسبوعيّة- سامر الخيّر
أعاد الأداء المبهر للمنتخب الألماني للسيدات في المونديال الحالي التذكير بأزمة منتخب الرجال من جديد، والذي يعاني تدهوراً غير مسبوق في المستوى خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ودّع كأس العالم للمرة الثانية على التوالي من دور المجموعات في نسخة قطر 2022، وفاز مرة واحدة في مبارياته الخمس التي خاضها بعد المونديال، في محاولة فاشله لقلب الأمور قبل استضافة البلاد لبطولة أمم أوروبا يورو 2024.
ويعوّل الكثير من المحللين ونجوم اللعبة الألمان على نجاح سيداتهم في محو خيبات الماكينات لتحسين الحالة المزاجية العامة، ويأمل الجميع بتتويج الألمانيات باللقب وهن الحاصلات عليه عامي 2003 و2007، حيث وصلن إلى المباراة النهائية ليورو 2022 وخسرن بأقدام أصحاب الضيافة المنتخب الإنكليزي.
ومع تحديد مباراة ودية ثالثة لمنتخب الرجال مع المنتخب المكسيكي في تشرين الأول المقبل بعد شهر تقريباً من مباراتي اليابان وفرنسا، حيث ستشكلان نقطة هامة لمدرب المنتخب هانز فليك ومستقبله، فالعديد من الإشاعات تحدثت عن إقالة مرتقبة في حال تحقيق نتائج سلبية، وفي حال حدث ذلك سيكون الاتحاد الألماني قد شذّ عما اعتاد عليه بإعطاء الثقة لمدربي منتخباته الوطنية رغم الإخفاقات حتى يتيح لهم الفرصة بأكبر قدر ممكن، وخير مثال ما حدث مع يواكيم لوف الذي حقق نتائج جيدة جداً مع المنتخب في بداية مشواره التدريبي له لكنه سرعان ما هبط بمستواه حتى تلقى هزيمة هي الأقسى منذ عام 1931 أما النمسا بسداسية نظيفة، حيث سقط بنفس النتيجة وهذه المرة من المنتخب الإسباني في دور المجموعات ضمن الدوري الأوروبي.
ولكن قد تكون النتائج الكارثية للمنتخب والمطالبات الكثيرة من الجماهير بإيجاد حلّ لأحد أعمدة كرة القدم وأقوى المنتخبات تاريخياً، في غير صالح فليك والذي على عكس ما يظنّ البعض يعمل وفق خطة ضمن المتاح من اللاعبين.
فلم يفز منتخب ألمانيا سوى مرة واحدة في آخر خمس مباريات حيث كان الانتصار الأخير على بيرو بهدفين دون رد في شهر آذار الماضي، ثم لعب منتخب ألمانيا أربع مباريات، تعادل مرة مع أوكرانيا وهُزم أمام بلجيكا وبولندا وكولومبيا، واتهم هانز فليك حينها بتجاهل المواهب الألمانية الشابة، ومجاملة لاعبين يدينون له بالولاء، لكنهم لا يستحقون ارتداء قميص المنتخب.
لكن المتمعّن في اختيارات فليك وأداء المنتخب وخاصة في مبارياته الثلاث الأخيرة، يرى أن ما قام به المدرب هو الحل الصحيح، فهناك بعض اللاعبين الذين لا يصلحون للعب مع المنتخب، حيث لا يملك الألمان رؤوس حربة وأظهرة ودكة بدلاء جيدة، وطبعا الأهم بينها هو رأس الحربة الذي لا يمكن لعب أي أسلوب كرة سواء حديث أم قديم دونه، فحتى المدربون الذين يعتمدون على الاستحواذ وبناء اللعب من الخلف يحتاجون للاعب ترسل له الكرات.
والاعتماد في المرحلة القادمة سيكون على تشكيل قوة ضاربة من اللاعبين أمثال موسيلا وهافرتز وفيرتس وبراندت وساني وغنابري، ويجب زيادة الشغف والرغبة لدى كل من يرتدي قمصان المنتخب الألماني وهو ما افتقده المنتخب في البطولات الماضية.
ويدرك الجميع أن مباراتي اليابان وفرنسا يمنع فيهما الأخطاء فالمفروض أن يلعب المنتخب بتشكيلته الأساسية التي سيلعب بها في اليورو العام القادم، وحقيقةً من تابع فليك أثناء تدريبه البايرن يعلم أن لديه القدرة على أن يخرج من اللاعبين كل شيء لديهم، وهو جرب الكثير من الأمور مع المنتخب لكن لم يوفق أو بكلمات أخرى لم تسير الأمور كما تخيلها، فالصعب في مهمته هو تعويض اللاعبين والمراكز فالكل يعلم أن المنتخب الألماني يستحوذ على الكرة بشكل كبير ويصنع العديد من الفرص لكن دون جدوى لعدم وجود من يترجم هذه الفرص في المقدمة، لذا سيكون على فليك العمل على تغيير عقلية بعض اللاعبين وأسلوب لعبهم وتمركزهم وخاصة فردياً.
الغريب أن هناك أصواتا في أروقة الاتحاد الألماني لكرة القدم تلوم المدرب الإسباني بيب غوارديولا على الحال التي وصلت له الكرة الألمانية، فبعد كأس العالم 2014 حاول المدربون الألمان نسخ وتقليد أسلوب غوارديولا في التيكي تاكا متجاهلين تاريخهم الكروي وأن الإسباني نفسه قد طوّر أسلوبه، فنتج عن ذلك ثغرات في بعض المراكز كالدفاع، حيث تعاقد البايرن مع مدافع كوري لأنه لم يجد بديلاً ألمانياً وهذا أمر مخيب للآمال لمنتخب بحجم المنتخب الألماني.
وما يزيد الطين بلة ويؤكد أن العقلية الألمانية الكروية قد أصيبت بخلل ما حدث مع منتخب الشباب، حيث فشل في المحافظة على لقبه في بطولة يورو 2023 عقب خروجه من دور المجموعات، وبالتالي فقد الفريق الذي يقوده أنطونيو دي سالفو فرصة التأهل لأولمبياد باريس 2024.
وحقق المنتخب الألماني نقطة واحدة فقط من 3 مباريات في دور المجموعات بالبطولة المقامة في رومانيا وجورجيا، مسجلاً أسوأ أداء في البطولة الأوروبية بشكلها الجديد، لتضجّ المدرجات ومواقع التواصل بصيحة “طفح الكيل”، وكان المنتخب الألماني بقيادة مدربه السابق شتيفان كونتس قد وصل بالفريق إلى نهائي اليورو ثلاث مرات متتالية وحصد اللقب في 2017 و2021، ويبقى الأمل للكرة الألمانية هذا العام في مونديال السيدات، حيث ستختتم سيدات ألمانيا مشوارهن في دور المجموعات بلقاء المنتخب الكوري الجنوبي غداً الخميس.