الغرب أخطأ في تقدير قوة روسيا
تقرير إخباري
“عُذرٌ أقبح من ذنب”.. لا يريدون بأيّ شكل من الأشكال الاعتراف بهزيمة الغرب المدوّية أمام روسيا في الحرب الدائرة بالوكالة بينه وبينها على أراضي أوكرانيا، ويبدو أن الاعتراف بالأخطاء الغربية في العقوبات على روسيا صار ديدن المسؤولين الغربيين، ليس للرجوع عن الخطأ وإنما لإخفاء الحقيقة الصادمة بهزيمتهم الاستراتيجية المدوّية أمام روسيا على مستوى العالم أجمع، وليس فقط في أوكرانيا، فالغرب بدأ يفقد مناطق نفوذه في العالم بشكل دراماتيكي لمصلحة روسيا التي استطاعت دخول هذه المناطق دون إطلاق أيّ رصاصة فيها، بل حوّلت هذه المناطق إلى أعداء مفترضين للغرب، من خلال استخدام أساليب ناعمة تتمثّل بإقامة علاقات متكافئة وندّية مع هذه الدول، بعيداً عن الهيمنة والتسلّط والاستغلال التي يمارسها الغرب في علاقاته معها، ومن هنا قال الخبير السياسي الأمريكي جون ميرشايمر، في مقابلة مع موقع Grayzone: إن الدول الغربية أخطأت في تقدير فعالية العقوبات التي فرضتها على روسيا.
وادّعى الخبير بأن الجانب الروسي نفسه، لم يكن يتوقّع أنه سيكون قادراً على التعامل مع هذه العقوبات بهذه الطريقة.
وشدّد ميرشايمر، خلال ذلك على أنه حتى التطبيق الناجح للقيود من الدول الغربية لن يكسر روسيا ولن يساعد في إلحاق هزيمة جدية بها.
وأضاف: “أعتقد أن أداء روسيا كان أفضل حتى ممّا توقعته هي بنفسها، وبالتأكيد أفضل ممّا كان في توقعاتي”، مرجعاً ذلك إلى أن روسيا تعتقد أنها تواجه تهديداً وجودياً في أوكرانيا، دون الاعتراف طبعاً بهزيمة الغرب أمامها، ومشيراً إلى أنها كانت في وضع ممتاز سمح لها بالالتفاف على جميع العقوبات الغربية.
وخلص الخبير الأمريكي إلى أن مثل هذه التصرّفات كانت “سوء تقدير جدي” من جانب الغرب.
وفي مثال آخر على الطريقة التي يتعاطى بها الغرب مع روسيا بعد فشله في هزيمتها استراتيجياً عبر الفخّ الذي تمّ نصبه لها في أوكرانيا، زعم مفوّض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن روسيا “تعرض الحبوب بأسعار مخفّضة على الدول النامية لجعلها مدمنة عليها”.
وادّعى بوريل أن روسيا تمارس نوعاً من الابتزاز للدول الفقيرة من خلال الطريقة التي تستخدمها في مسألة الحبوب، وأنها في الوقت الذي يواجه فيه العالم اضطراباتٍ بالإمداد وارتفاع الأسعار، تمدّ روسيا يدها إلى هذه الدول بعروض لتوريد الحبوب لها بأسعار مخفّضة، دون أن يتحدّث طبعاً عن السبب الرئيس لهذه الآلية في التعامل التي فُرضت على روسيا على خلفية العقوبات الغربية الأحادية عليها، وأن الغاية الحقيقية من هذه العقوبات هي صناعة أزمة غذاء في العالم وتحميل مسؤوليّتها لروسيا التي “تشنّ حرباً على أوكرانيا” أثّرت في سلاسل توريد الغذاء، بل ادّعى أن الاتحاد الأوروبي “عمل ما بوسعه لمنع انعكاس العقوبات الغربية ضد روسيا على الأمن الغذائي لدول العالم”، وأنه “لا توجد أي عقبات أمام الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة إلى دول العالم”.
وفي الحقيقة لا يخفي الغرب امتعاضه من فشل سياساته العدائية لروسيا، حيث يجد نفسه مضطرّاً بين الفينة والأخرى لتبرير هذه السياسات وانعكاساتها على العالم، دون أن يعترف بهزيمته في إخضاع روسيا وإجبارها على الجثوّ على ركبتيها.
طلال ياسر الزعبي