نعم.. أوهن من بيت العنكبوت
طلال ياسر الزعبي
ماذا وراء تحذير صحيفة “هآرتس” الأخير من أن سلاح الجو الإسرائيلي ينزف والدولار يعربد، والبورصة تسقط، وشركات التصنيف الائتماني تُصدر تحذيراتٍ شديدةً في مسألة وضع الاقتصاد؟
الكلام في سياقه الحالي يبدو كأنه محاولة لالتزام طرف في المعركة السياسية الدائرة حالياً داخل الكيان الصهيوني، والتأثير في نوعية القرار الحكومي الصهيوني الصادر مؤخراً فيما يخص التعديلات القضائية، ولكنه في الحقيقة ينمّ عن شعور عام في هذا الكيان بالقلق من المصير الوجودي، حيث تزايد في الآونة الأخيرة الحديث عن زوال الكيان.
ففي الداخل الإسرائيلي يتحدّثون صراحةً عن تآكلٍ أوّلي في كفاءة الجيش، ويتخوّفون من انضمام عناصر خدمة دائمة، وحتى إلزامية، إلى عناصر الاحتياط الذين توقفوا عن التطوّع، وهذا يؤكّد حسب أكثر المحللين الصهاينة أن هناك خطراً واضحاً وفورياً يحدق بالجميع، حيث إن العنصر الأساسي في الكيان وهو الجيش دخل على خط الخطر، ورئيس حكومة الاحتلال يبدو متحجّراً في مواجهة تحذيرات الخبراء من أن الاستمرار في تشريع الانقلاب سيجلب الضرر على الاقتصاد وإدانات العالم، في الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة الاحتجاجات في الشارع، وتنذر بدخول الكيان في حرب أهلية.
والخطوة الحاسمة، حسب الصحيفة، يمكن أن تأتي من الطيارين والملّاحين في الاحتياط، الذين تعرّضت كفاءتهم التنفيذية للضّرر، وهذا ما يشكّل قلقاً كبيراً لما تسمّى هيئة الأركان، التي طلبت مؤخراً إعادة تنظيم مهام التصنيف وبلورتها بسبب مغادرة عناصر الاحتياط.
والمفارقة الكبرى في الأوساط السياسية الصهيونية أنّ تدمير “الجيش” من الداخل لا يُقلق نتنياهو بوجهٍ خاص، كما أن الاعتقاد السائد أن الصراع مستمرّ حول مجموعة من الأمور التي يمكن أن تفتح الباب واسعاً أمام جميع الاحتمالات، حيث يمكن أن تنزلق ظاهرة الاستنكاف عن الخدمة بصمت لتصل إلى صفوف “الجيش” النظامي وحتى إلى الخدمة الإلزامية، ولن يتم ذلك بالعلن وإنما سيقوم الضباط بنزع البزة العسكرية بهدوء واحداً تلو الآخر، كما أن التوترات بين طيّاري الاحتياط والميكانيكيين بلغت حدّ العداء في عدّة أسراب، وذلك حسب الصحيفة الصهيونية يعود إلى بذور الخلاف التي نثرها نتنياهو في كل الأماكن، وبالتالي فإن الأمور مرشّحة لمزيد من التصعيد.
والوضع بالنسبة إلى الدولار والبورصة ليس أفضل حالاً من سابقه، حيث إن عدم اليقين تغلغل في مفاصل الحياة كافة، وتأثرت سوق الصرف وبورصة الأسهم بمناخ عدم الاستقرار، الأمر الذي دفع شركات التصنيف الائتماني إلى التحذير من ركود اقتصادي مقبل على خلفية الاضطرابات في الكيان، فضلاً عن ظاهرة هروب رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة وأوروبا طلباً للأمان المفقود.
كل ذلك جعل المراقبين الصهاينة يعودون إلى خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عام 2000، ويؤكّدون صوابية نظريته حول “بيت العنكبوت”، لأن المجتمع الإسرائيلي يتفكّك وليس بحاجة لأن يحرّك ساكناً من أجل المساعدة في ذلك، في الوقت الذي لا يزال فيه السيد نصر الله يستمتع بشدّ أعصاب “إسرائيل” بين الفينة والأخرى.