“أسلاك شائقة”.. حين تكون الكوميديا سوداء وساخرة ومن نبض حياتنا
حمص –سمر محفوض
احتفت رابطة الخريجين الجامعيين بحمص بالتعاون مع جمعية العاديات بتوقيع مجموعة قصصية للأديب الدكتور محمد عامر مارديني حملت عنوان “أسلاك شائقة” , وتخلل الحفل قراءة نقدية للروائي والناقد السينمائي عماد نداف.
رئيس جمعية العاديات بحمص الدكتور نزيه بدور جمعية في تقديمه للاحتفالية، تحدث عن دور الأدب الساخر في الحياة والإشارة للأخطاء بغرض تجاوزها، لافتاً إلى أن القاص مارديني قد خاض عبر تجربته القصصية مواقف عبّر عنها بأسلوبه الخاص الساخر.
بينما حملت قراءة الأديب عماد نداف عنوان الأدب الساخر في سورية, وتجربة الدكتور محمد عامر المارديني, قال: “نحن بحاجة إلى السخرية لا لأننا نحب الدعابة أو فرض جو من المرح على موائدنا الثقافية والفنية, بل لأننا نبحث عن أسلوب هو الأقدر على التعبير وحمل المعنى والوصول إلى الناس, وخاصة أن العصر الذي نعيش فيه يعمل على تفريغ المعنى من كل شيء في الفن والأدب والسياسة والإعلام ليشمل هذا التفريغ القيم والمبادئ” .
وتابع أن هذا الأسلوب مكتشف منذ أقدم الأزمان، مورداً كمثال رواية الحمار الذهبي لـ لوكيوس أبو ليوس قبل الميلاد، والتي دخلت في عمق المأساة البشرية، وكيف تجدد الأسلوب الساخر في أوروبا عبر عدة محاولات من بينها سرفانتس واللورد بايرون ورابليه وسواهم, وأضاف إن ذلك يندرج من خلال سعي الأدب العربي في هذا المجال كالبخلاء للجاحظ ومقامات الهمذاني وعبد القادر المازني وآخرون، لافتاً لأننا في سورية جادون في التعرف على أدبنا الساخر الذي قدم كتابات فذة, وعصبة من الكتاب الساخرين والتي اقترح تشكيلها سعد الجزائري على عبد الغني العطري ودخلت السخرية في التجربة من بوابة النقد السياسي والتي توجها الشاعر الراحل محمد الماغوط في العصفور الأحدب, لتتسع الظاهرة ويكتب الأدب الساخر في الصحافة كيوسف المحمود ووليد معماري وغسان الرفاعي وحسن م.يوسف وغيرهم، مبيناً أن الدكتور مارديني في مجموعة ” أسلاك شائقة” أضاف إلى ما قدمه أدبياً منجزاً درامياً بالاعتماد على قصصه الساخرة وأسلوبه الذي يجد صدى جيداً عند المتلقي, وهي مجموعة قصصية في صميم الأدب الساخر الذي يعتبر من الخيارات الصعبة في الكتابة لحاجته لتكثيف، ورؤية عميقة يمكن من خلالها إيصال الرسالة التي تحملها الفكرة بأسلوب ساخر، وهذا ما اعتمده الدكتور مارديني للإشارة والوقوف على مواضيع يومية تدخل في يومياتنا المعاشة من خلال التعبير عن الغصة والألم عبر السخرية بتقنية عالية وأسلوب واضح وغني, منوهاً أن المجموعة تعج بالمواقف والمفارقات الغنية بالكوميديا السوداء، قدمها الكاتب بأسلوبية مرحة ومرّة معاّ، وبلغة دون أن يفقدها مضامينها.
وطرح الكاتب الأستاذ عماد نداف بمداخلة فكرة تحويل المجموعة شكل درامي تلفزيوني، مؤكداً على أهمية تجربة الكتابة الساخرة في بلادنا ورعاية المؤسسات الثقافية لها ولاسيما اتحاد الكتاب .
بدوره الدكتور عامر مارديني، بيّن أن الأدب الساخر ليس شكلاّ أو نوعاّ أدبياً منفرد بذاته، بل أسلوب كتابة يختلف عن الكتابة الكوميدية أو الفكاهية، لأنه يعمل على تشخيص الواقع المعاش للمجتمع, وتشخيص مصاعبه في إطار أدبي قريب من المتلقي، ويعتمد لغة صحيحة, وصفها بالرشيقة تخدم الفكرة، وتلامس الإنسان معتمدةً الربط بين الأحداث لتشكل لحظة أدبية فارقة ومعبّرة ومباغتة تؤدي الغرض منها دون الإغراق في السرد والإطالة.
وفي الختام قرأ الدكتور عامر مارديني قصتان من مجموعته القصصية، قبل أن يقوم بتوقيعها للحضور.
يذكر أن مجموعة “أسلاك شائقة” صادرة عن دار دلمون الجديدة بدمشق، وتتضمن ثمان وعشرين قصة, انتمت في معظمها لنمط الكوميديا السّوداء والسّخرية التي تدغدغ الألم ضمن مجموعة من المفارقات الواقعية لحياة الكاتب والمجتمع .