أضحت دبي وجهتهم.. بعد أن خسروها في بيروت!
حسن النابلسي
إذا ما اتفقنا على أنه “لا تعويل على تحسّن سعر الصرف طالما قيمة مستورداتنا أكبر من قيمة صادراتنا”، فثمة حلقة مفقودة عنوانها باختصار شديد هو “الإنتاج”!
وإذا ما اتفقنا على بديهية “أن تحسّن سعر الصرف مرتبط بالضرورة بربح الميزان التجاري، وأن ما عدا ذلك هو ضرب من الوهم”، فإننا نجد ما تطالعنا به مئات البوستات وعشرات المقالات التي شنّ فيها أصحابها من خبراء واقتصاديين وغيرهم هجوماً على المصرف المركزي وكأنه هو المعني الوحيد بضبط سعر الصرف واستقراره، بأنها تغرّد خارج سياق المنطق السليم، مع تحفظنا بذات الوقت على السياسة النقدية الحالية للمركزي!
الجميع أعطى رأيه بقرارات المركزي وانتقدها وهاجمها وكأن “السماء صافية والعصافير تزقزق”، وكأننا “في بلد بمنأى عن المحن وأحواله تسير دون أن تشوبه شائبة”!
من سيل الاقتراحات، الرامية لوضع حدّ لتدهور سعر الصرف، إنشاء منصة لبيع وشراء القطع الأجنبي دون تدخل من المركزي، وبشروط أقل ما يقال عنها أنها وضعت لتحقق شروط تجار الأزمات، وقد تكون إذا ما طبقت – مع يقيننا بعدم قدرتهم على تطبيقها – بأنها ستكون من أكبر منصات السوق السوداء، ففي حال توفر القطع الأجنبي أساساً فما الحاجة لإنشاء منصة!
وإذا ما علمنا أن مصدر الهجوم على المركزي هذه المرّة من المتضررين من سياسيته وقراراته، فعلينا أن ندرك أن “وراء الأكمة ما وراءها”، لاسيما وأن أحدهم حمّل العقوبات نسبة 5% فقط من مسؤولية تدهور الاقتصاد، مع تحفظنا مجدداً على سياسة المركزي وتأكيدنا أنه يتحمل جزءاً من المسؤولية، وليس كامل المسؤولية، نظراً لتعطل الإنتاج والذي تتشارك وزارات عدة بمسؤولية هذا الأمر!
أغلب تجارنا – أيام ما قبل الأزمة – لم يكونوا من أصحاب الدعم للحكومة اقتصادياً، وإنما كانوا “طفيليين” استفادوا من القرارات الاقتصادية والتسهيلات الإئتمانية، ومن شركات الصرافة، في حين كانت كل إيداعاتهم من الأموال تدخر المصارف اللبنانية، وهم ذاتهم اليوم يشنون هجمة شرسة على المصرف المركزي ويدّعون فقدان البضائع، ويطالبون بإلغاء القرارات وتحديثها بما يتلاءم مع مصالحهم الشخصية البحتة فقط، وذلك لإعادة تشكيل الثروة التي فقدوها بلبنان، مع الإشارة هنا إلى أن مصارف دبي أصبحت وجهة أموالهم!
٤٠ مليار دولار قيمة ما خسره تجارنا في لبنان، وهو ما يعادل احتياطي مصرف سورية المركزي بثلاث مرات قبل الأزمة، ولنا أن نتصور استثمارها ببلدنا اليوم.. فهو رقم كاف لنعلم أن هؤلاء ليسوا إلا تجاراً منتفعين فقط يملكون المال والإعلام ويحاربون كل من يقف في طريقهم!
علينا أخذ العبرة فقط من ضخامة هذا المبلغ، وضرب هؤلاء المنتفعين بيد من حديد، وقد يكون ما حصل ويحصل في عديد الدول المجاورة كمصر ودول الخليج عموماً من محاربة المضاربين بالعملة، وبأحكام قاسية تصل إلى ٥٠ عاماً، كما في السعودية، و١٠ أعوام كما في مصر، إشارة إلى أنه يجب أن حث المركزي على قمع هؤلاء المضاربين واجتثاثهم وعدم الأخذ إلا بالمصلحة الوطنية.