سلبية الواقع..؟!
بشير فرزان
استفحال الأزمات في الواقع الخدمي بات المشهد الأكثر حضوراً لناحية التقصير والإهمال في عمل المجالس المحلية، وعلى كافة المستويات. ولا شكّ في أن التراجع الواضح في أداء المجالس المحلية ليس سوى دليل إدانة، ليس للوحدات الإدارية التي تتعاطى بسلبية مع الواقع الخدمي فقط، بل وللمستويات الأعلى في المحافظات التي تتعامى عن حقيقة أن الخدمات ليست بخير، وتتجاهل بشكل متعمّد الاحتياجات الماثلة، وخاصة بعد إطلاق الكثير من الوعود دون أن تحقق أهدافها.
ومع إطلاق الحوار حول أداء المجالس المحلية، لا بد من إعادة التذكير بأهمية العمل البلدي ومسؤولياته الأساسية، وخاصة لجهة إيجاد حلول للعديد من المشكلات المستعصية وتأمين متطلبات المواطنين التي تدور في فلك التجيير من عام إلى آخر، دون أن يكون لها نهاية، وذلك لغياب الشفافية وعدم الالتزام بخطة العمل التي غالباً ما تنتهي بعدم التنفيذ تحت عنوان “عدم توفر الإمكانات وقلة الموارد التي بالكاد تغطي النفقات”، كما درج على التصريح رؤساء الوحدات الإدارية التي تبتعد عن هدف إحداث التغيير الإيجابي في عملها، وفي علاقتها مع المجتمع المحلي الذي يراقب، بحذر، أداءها الذي قلّما ينجح في إرضائه وكسب ثقته.
ولا شكّ في أن الصلاحيات التي منحها القانون 107 للمجالس المحلية حمّلت العمل البلدي مسؤوليات كبيرة لجهة معالجة هموم المواطنين، والسعي لتحقيق شراكة حقيقية مع الفعاليات الاقتصادية والمنظمات الأهلية لتنفيذ مشاريع تنموية أكثر استدامةً. وهنا لا بدّ من التركيز على ضرورة وضع خطة تنفيذية وضمن مسار زمني محدّد حتى لا تكون الأمور مفتوحة على احتمالات الخيبة والوصول في نهاية كل دورة انتخابية إلى “صفر نتائج”، بما يرجح تكرار مقولة الاستجابة لمطالب الشارع بالحدود الدنيا، نظراً لصعوبة الظروف التي تشرعن عدم الاستجابة للكثير من المطالب، رغم أنها أساس عمل المجالس المحلية الخدمي؛ وطبعاً إقرار الشارع باستثنائية الظرف وصعوبته لا يعني طيّ الإشارات الاستفهامية الاتهامية الباحثة في حقيقة عدم توفر الآليات وكثرة الأعطال التي تراكمت نتيجة الإهمال وعدم مصداقية لجان الإصلاح.. فأين تذهب مئات الملايين المخصّصة للمحروقات وللصيانة والإصلاح؟
والغريبُ في الأمر إصرار المحافظات على أقوالها وعدم اعترافها بأن الخلل ليس في الآليات التي تحوّلت بالإهمال و”شفط المخصّصات” إلى “طنابر” عديمة النفع، وقد نتقارب معها بالرأي حيال نقص العمالة، إلا أن ذلك أيضاً يدفعنا للتساؤل عن طبيعة عمل آلاف عقود العمل التي تمّت في المحافظات دون أي عائدية على العمل ووفق مبدأ “فرصة عمل.. دون عمل”؟!
بالمحصلة، الحوار وورشات العمل، بالتعاون من المؤسّسات الإعلامية وأعضاء مجلس الشعب والنقابات والاتحادات وممثلي الجمعيات والفعاليات الدينية والأهلية، يمثل خطوة إيجابية طال اتتظارها في مسار معالجة واقع وأداء المجالس المحلية. وهنا نؤكد وبكل صراحة أن تراكم الأخطاء في سجلات عمل الوحدات الإدارية قد يحبط فاعلية أية حلول، ويطرد أي إيجابية… فهل من معجزة؟!