تجربة التخلص من النفايات وتحويلها إلى سماد عضوي تبصر النور في سلمية
حماة – ذُكاء أسعد
بدأت تجربة التخلّص من النفايات وتحويلها إلى سماد عضوي تبصرُ النور في منطقة سلمية، إذ تمّ تشغيل خط فرز النفايات في مطمر بركان الواقع على طريق قرية عقارب بعد ترميمه وصيانته بشكل كامل بخبرات محلية وتمويل شخصي، وترحيل القمامة من كافة قرى وبلدات سلمية إلى المطمر المذكور.
الرحلة بدأت منذ أربع سنوات، عندما قام كمال صلاح الدين عبدو وهو من أهالي تل التوت في سلمية، بمراسلة المحافظة وتقديم عدة كتب تطالب بمنح موافقة لدراسة النفايات الصلبة وواقعها في سلمية وبعض القرى التابعة لها من جهاتها الأربع كصبورة، السعن، تل الدرة، بري، المفكر، الدنيبة وخنيفس، ومن خلال المتابعة مع المحافظة تمّت الموافقة على إجراء تجارب في مطمر بركان والبدء بالعمل.
واعتبر عبدو أن التخلّص من 70 إلى 85 طناً يومياً من النفايات هو الهدف الأولي للمشروع، ولاسيما أنه بيئي بالدرجة الأولى لما له من أهمية في تخفيف تلوث الهواء الناتج عن الحرائق في المكبّات وتلوث المياه الجوفية، إضافة إلى تخفيف العبء الكبير على البلديات فيما يتعلق بالتخلص من القمامة، لتتحول الأخيرة اليوم من نقمة إلى نعمة، إضافة إلى أهمية المشروع إنسانياً لتشغيل اليد العاملة، حيث يقوم نحو 35 مواطناً بعملية فرز النفايات مع توقع زيادة العدد في المرحلة الثانية، أي مع بدء تشغيل المعمل والذي سيتمّ خلال مدة بسيطة بعد توفير الكهرباء والمحروقات اللازمة للتشغيل الفعلي.
وفي السياق، يؤكد الدكتور رامي وطفة، من كلية الهندسة الزراعية – جامعة دمشق، أن عملية ترحيل القمامة والتخلّص منها مرهقة جداً للحكومة فيما يخصّ تكاليفها وعمليات الحرق الخاصة بها، كما أن أضرار المطمر المتعلقة بالبيئة كبيرة جداً بسبب قربه من الأراضي الزراعية، ما يؤدي لتلوث النبات والتربة والمياه الجوفية والسطحية إلى جانب الضرر الكبير الحاصل بتشويه البيئة وزيادة العبء على عمال النظافة بسبب “النبيشة” الذين يقومون بانتقاء الأشياء المختلفة كالزجاج والبلاستيك.. الخ، لذلك تأتي أهمية هذا المشروع كمشروع بيئوي بامتياز، لأن التخلّص من كمّ كبير من النفايات وتداعياتها البيئية والصحية هو الهدف الرئيسي والقيمة الأسمى في الوقت الحالي.
وبيّن وطفة أن توثيق هذا العمل يتمّ الآن عن طريق إعداد مشروع تخرج لعدة طلاب، وذلك بعد زيارة اطلاعية للمطمر ودراسة مصدر النفايات بشكل كامل وكيفية تجنيحها وتفريزها بالإضافة لعملية التخمير، ولاسيما أن مشاريع التخرج الخاصة بالطلاب تدرس أهمية التدوير للحصول على السماد الذي يمكن من خلاله تحسين مردود المدينة، كما يتمّ الآن إجراء التجارب في جامعتي دمشق وحلب على هذا السماد المستخرج من النفايات، وهو الآن في طور النتائج، معتبراً أن أهمية تحويل النفايات بمساعدة الإدارة المحلية وفرزها لإعادة تدويرها لا تقتصر على الأسمدة العضوية فحسب، إنما تتعدى ذلك، فمع بدء المعمل بالإنتاج ونجاح المشروع اقتصادياً قد يؤدي في وقت لاحق لإنتاج غاز الميثان ومن ثم الكهرباء، ولاسيما مع المعاناة الكبيرة في سورية المرتبطة بقلة الأسمدة واستيرادها بالقطع الأجنبي وقلة مصادر الطاقة، وبذلك نستطيع البحث عن بدائل السماد الكيماوي والاعتماد على نفايات القرية والمدينة المنزلية، وبيع الأسمدة العضوية لاحقاً بمبالغ منخفضة.
يُشار إلى أنه تمّ إرسال عينات لكلية الهندسة المدنية، قسم البيئة في جامعة البعث، ليأتي التقرير النهائي من قبل الدكتورة نعيمة عجيب، مؤكداً جودة المنتج ومضاهاته للمنتجات الأجنبية والألمانية خاصةً، مع البدء بتجربة السماد حقلياً، حيث تمّ توزيعه مجاناً لبعض المحافظات كحلب وما حولها شمالاً واللاذقية وطرطوس وبانياس غرباً والسويداء ودرعا جنوباً وصولاً لمصياف وحماة وسلمية في المنطقة الوسطى، كما تمّ تجريب السماد على أشجار الزيتون والفستق الحلبي والمحاصيل أيضاً وكانت النتائج إيجابية، وقامت بعض المشاتل بطلب كبسولات من السماد، لذلك سيتمّ لاحقاً تحويل السماد إلى سائل وكبسولات خاصة بعد إقامة معرض مشترك في كلية الزراعة بسلمية واهتمام نقابة المهندسين الزراعيين بالأمر، كما تمّ القيام بتجارب عديدة في كافة كليات الهندسة في سورية.