ذاكرة عتيقة في معرض جمعية العاديات العريقة
حلب -غالية خوجة
ضمن احتفالاتها بمرور قرن على تأسيسها، أقامت جمعية العاديات بحلب معرضاً فنياً تراثياً في حديقة مبناها بعد تأهيله مما أصابه من الحرب والزلزال. وتضمن المعرض تنويعات فنية ثقافية شارك فيها 16 فناناً وفنانة بين أشغال يدوية وأعمال حرفية تراثية وفنية وتشكيلية إضافة إلى طاولة كتب من مؤلفات عبد الجميد ديوان الذي أخبرنا عن مساهماته المهتمة باللغة العربية الفصحى وتأريخها وأعلامها، ورأى أن الكتابة لا تتوقف رغم ابتعاد القراء، وهذا يشبه إلى حدٍّ ما أحداث القرون الوسطى التي نتابع قراءة كتبها رغم ابتعاد القراء عنها في ذاك الوقت.
تواصل حضاري
د. محمد خير الدين الرفاعي رئيس الجمعية، قال إن المعرض، كأول فعالية بعد الانتخابات الأخيرة، يشكل فضاء متنوعاً للمشهد الثقافي الفني المهتم بالتراث المادي واللا مادي، لتستمر الحرف اليدوية بفنياتها من أعمال فسيفسائية ومقتنيات منزلية اشتهر بها البيت الحلبي، إضافة إلى مشاركة الأجيال من أعمار مختلفة، بهدف التواصل الثقافي الاجتماعي المتناغم مع الهوية الحضارية.
أركيولوجيا شفاهية
وبدأ المعرض مع سردات شفاهية مع الحكواتي الحلبي غزوان بوسطجي بلباسه الفلكلوري وحكاياته التي يعرف بها كل منزل حلبي عريق، من عادات وتقاليد وأصول بين الحمام الذي كان على الفحم وصولاً إلى ضيافة القهوة والحوارات التي تجري بين أفراد العائلة باللهجة المحكية الحلبية.
نغمات متنوعة
وفي زاوية أخرى من الحديقة نلاحظ كيف وظف عبد اللطيف يوسفو القصب في تصميم وصناعة الأثاث المنزلي وإكسسواراته، وفي الجهة المقابلة، نشاهد تشكّلات صابون الغار الحلبي برائحته المشتبكة مع نباتات الحديقة، وعلى طاولة قريبة منه، تقف منحوتات الفنان عبد القادر منافيخي، بينما تعرض الفنانة تالين كارويان أعمالها الفنية بذاكرة الحارات الحلبية وزخارفها، ويبدو اهتمام الفنانة ميادة علوان حداثي بالأدوات المنزلية والتزيينية ذات الصبغة الأصيلة مثل دلات القهوة والمبخرة والسفن ومصباح علاء الدين الذي يحكي عن الأحصنة الواقفة قربه والزهريات والمازهريات وهي ترش ماء وردها على الحضور في حفلة إنشادية ما، إلاّ أن الموسيقا، الآن، تعزف حقاً، وأنغامها تنتشر من آلة العود في الأرجاء بأنامل الطالبة شهد عطار ـ الصف الثاني الثانوي، المشاركة بفقرة موسيقية تراثية في المعرض.
فنانون صغار بين الشعر والبيئة والباليه
وفي زاوية أبعد يبدو ركن فني خاص بدائرة المسرح المدرسي ، تربية حلب، الذي حدثتنا مشرفة القسم الفني فيه الفنانة راميا عتقي: يتألف قسمنا من 16 لوحة فنية من أعمال 3 مدربين و4 طلاب يجربون تقنيات الرسم بالألوان الزيتية والمائية والتظليل بقلم الفحم والنحت النافر بعجينة الورق، ولي مشاركة أيضاً بلوحة تتحدث عن التفاؤل بألوان زاهية.
أمّا لماذا رسمت الطالبة سيلفا طوبال بورتريه للشاعر محمود درويش؟ فأجابت: لأنني أحب شعره العميق وأقرأه وأحفظ له الكثير، وأسمعتني مقطعاً من قصيدته “أريد ما أريد”، وأضافت: أرسم منذ كنت في الصف الأول، ولوحاتي في هذا المعرض بأقلام الحبر الجاف، ومنها لوحة كمشهد من معرض للوحات فان غوغ.
ولأنه يحب البيئة والطبيعة، كما أخبرني، رسم الطالب غسان قشلان نهراً يتوسط اللوحة مع الشمس وعلى ضفافه نخلات، موظفاً تقنية عجينة الورق، لتبدو الأشكال نافرة.
وواضح أن الطالب مايكل دبس اعتمد على الأبيض والأسود وكأنه يحاكي لوحات عالمية، بينما قال الطالب نور عبد الكريم: أقدم تكنيك الزيتي بالسكين بألوان حالمة تجمع العزف مع رقص الباليه لأن الألوان فنون وموسيقا أيضاً.